انتقد الفنان الكوميدي سليم مجاهد المعروف بسليم «ألك» جنوح بعض الكوميديين إلى الإساءة للشخصيات وقال أنها أعمال لا تتطلب موهبة لتحقيق نسب مشاهدة عالية، ما يجعل التباهي بها ينقص من قيمة الفن الجزائري، وتحدث في حوار للنصر عن ما اسماه باستغلال بعض الأطراف للفنانين، كما يرى أنه من غير اللائق الظهور للجمهور بأقراط وسراويل ممزقة. الكوميدي عاد بنا إلى بداياته وبرنامج الفهامة الذي صنع شهرته وتأسف لتوقفه وتأسف لحال الفنان الجزائري الذي يرى أنه لا ينصف إلا بعد موته. حاوره: مروان. ب كيف كانت بدايتك مع عالم الفن والكوميديا؟ مسيرتي الفنية انطلقت سنة 1989، من خلال الأعراس والحفلات، التي كنت أدعى إليها باستمرار، من أجل تقديم بعض الأعمال الفكاهية البسيطة، التي لاقت استحسان الناس، بالنظر إلى البهجة والسرور، التي كنت أدخلها إلى قلوبهم، ما جعل البعض يقترب مني، وينصحني باحتراف هذه المهنة، والسعي لتجريب حظي في إحدى البرامج، وهو ما قمت به من خلال تسجيل بعض أشرطة "الفيديو"، التي عرفت رواجا كبيرا في تلك الفترة. لم أكن أخطط لولوج عالم الفن، ولكن تشجيع بعض المقربين لي جعلني أسلك هذا الدرب، حيث أتيحت لي الفرصة فيما بعد عبر الإذاعة الجهوية لتلمسان، التي نشطت فيها إحدى الحصص الثقافية بعنوان "فكاهة وطرب"، والتي أعجبت الجمهور، الذي اكتشف موهبتي، وطالبني بالمواصلة. لا يمكن التباهي بأعمال تسيء إلى الشخصيات -ما سر النجاح الذي حققته في وقت قصير ؟ لم أكن أتصور أن نجاحي سيكون بتلك السرعة، حيث أصبحت مطلوبا بكثرة من طرف بعض الفنانين المعروفين، على غرار الكوميدي المتميز بسام، الذي عملت إلى جانبه في حصة "ابتسامة"، كما عملت معه في حصة "دغدغة"، قبل أن أجرب حظي في "كاتستينغ" حصة "الفهامة"، بعد أن اتصلوا بي كموهبة شابة قادرة على التألق، لقد نجحت في ذلك الاختبار، وكانت لي الفرصة من أجل الظهور عبر شاشة التلفيزيون في أحد أقوى البرامج الكوميدية في تلك الفترة، ويتعلق الأمر بحصة الفهامة، التي كانت تحظى بمتابعة كبيرة من طرف الجمهور الجزائري. كانت تلك المحطة نقطة بارزة في مساري الفني، الذي وصل الآن إلى 17 سنة دون احتساب أعمالي الهاوية من قبل. -إطلالتك عبر برنامج الفهامة كانت متميزة ، كيف خدمتك فنيا؟ رغم أن برنامج الفهامة توقف، ولم يعد له وجود الآن، إلا أن تلك التجربة ستظل رائعة بالنسبة لي، كونها فتحت لي الأبواب على مصراعيها، وجعلتني أصل إلى الشهرة التي كنت أبحث عنها، لقد نجحت في كسب قلوب الناس، عبر تلك الإطلالة المتميزة التي مكنت الجمهور الجزائري من اكتشاف موهبتي، رفقة بقية زملائي الفنانين، الذين شاركوني ذلك العمل، على غرار الشيخ عطا الله رحمه الله. أنا متأسف لأن ذلك البرنامج الناجح تم توقيفه. -لماذا توقف البرنامج رغم النجاح الجماهيري الذي حققه؟ أشعر بحسرة شديدة لتوقيف ذلك البرنامج الناجح ، واستغل الفرصة من أجل أن أطرح السؤال مجددا على من كانوا قائمين عليه، لماذا لم تكن لهم أي ردة فعل من أجل إعادة بعثه من جديد؟، خاصة وأن الجمهور من كان يطالب باستمراره، من خلال الإلحاح علي، وعلى بقية الزملاء من أجل المواصلة، صدقوني الأمور كانت خارجة عن نطاقنا، ولو كانت غير ذلك لواصلنا ذلك العمل، الذي لاقى إعجاب الجمهور، الذي لم يبخل علينا بالتشجيع والمساندة، ولا يزال يستفسرنا لحد الآن عن إمكانية عودته من جديد، خاصة في ظل شغور الساحة الفنية من أعمال مشابهة. المخرج صحراوي وراء تلقيبي ب «ألك» -ماذا حدث فيما بعد للمجموعة التي كانت تشكل فريق الفهامة ؟ أنا والشيخ عطا الله رحمه الله ، أكملنا المسيرة الفنية دونا عن بقية عناصر المجموعة التي كانت تشكل برنامج الفهامة، لقد تسبب ذلك الإيقاف المفاجئ لأحد أقوى البرامج الفكاهية في تلك الفترة في ضياع عديد المواهب، التي كانت قادرة على تقديم شيء للفن الجزائري. صحيح أن الصدمة التي خلفها ذلك القرار كانت كبيرة، ولكنها لم تثن من عزيمتي، كوني أكملت مسيرتي المتميزة، رفقة الشيخ عطا الله، ونجحنا في اكتساب شهرة أكبر، غير أن المشوار الفني لصديقي عطا الله لم يكتب له الاستمرار، بعد أن خطفه الموت منا. حدثنا عن تجربتك الفنية والإنسانية مع المرحوم الشيخ عطا الله الشيخ عطا الله خسارة كبيرة للفن الجزائري، بالنظر إلى الموهبة التي كان يتمتع بها، والتي شهد له بها العام والخاص، فهو شخص ترك عدة أعمال فنية ناجحة لا تحتاج لمن يذكر بها، لقد كانت لي الفرصة أن تعرفت عليه عبر برنامج الفهامة، الذي كان محطة لنا من أجل تكوين علاقة أخوية كبيرة، صدقوني اتصالاتنا بعد توقف ذلك البرنامج لم تنقطع، بدليل أنني جلبته للعمل معي في برنامجي «المنشار»، لقد شاركني أعمالي لأربع سنوات، وأنا حزين لفقدانه، خاصة وأنه كان مثالا للرجل الجزائري الشهم، تمنيت لو أنه عومل بالشكل اللائق قبل أن يودع عالمنا، ولكن للأسف في الجزائر شهرة الفنان تكبر بعد فقدانه، وليس عندما يكون حيا. -ماذا يعمل سليم الآن ؟ الفنان الناجح لا يجب أن يستسلم من أول صدمة يتعرض لها في حياته، فهو مجبر على مواصلة رفع التحدي، حتى ولو كانت الظروف سيئة، لأني مقتنع بشيء وهو أنه من رحم المعاناة تأتي النجاحات، وهي المقولة التي أعمل بها منذ صغري، أنا لم أغادر العالم الفني بعد إيقاف برنامج الفهامة، وتمسكت بكافة أحلامي، والحمد لله المولى عز وجل لم يخيبني، وكافأني على تلك التضحيات، وهي النقطة التي استغلها من أجل تمرير رسالة خاصة إلى كافة الشباب الجزائري مفادها «لكل مجتهد نصيب»، ولا يجب لأي أحد أن يستسلم لليأس لأنه سيضع جانبا، وسيحول دون وصوله إلى أهدافه. أنا الآن أزوال عملي بشكل عادي، ولم أفقد محبة جمهوري، بل على العكس ازدادت شعبيتي بين الناس، خاصة بعد إطلالاتي في إحدى الحصص التي أنشطها عبر قناة تلفزيونية خاصة، حيث أملك برنامجا بعنوان المنشار، وهي حصة ناجحة، وتلقى متابعة كبيرة من طرف الجمهور. مظاهر غريبة أدخلت على الفن -كيف ترى المواهب الفنية الشابة التي اقتحمت عالم الفن والكوميديا ؟ الشباب الذين اقتحموا عالم الكوميديا مؤخرا لا يمكن أن نصفهم بالمواهب والطاقات المستقبلية لأن هذه الكلمة أكبر منهم، نحن نعلم كيف أتوا إلى هذا الميدان، حيث يوجد أشخاص يستعملونهم من أجل الوصول إلى مصالحهم الشخصية، حتى ولو كان ذلك على حساب المصلحة العامة، وحسب وجهة نظري البسيطة من غير المعقول أن يتباهى من يسمون أنفسهم بفنانين بأعمال تتهكم على بعض الشخصيات البارزة في البلاد، لأن مثل هذه المواضيع لا تحتاج إلى الموهبة، من أجل الحصول على نسبة مشاهدة كبيرة، بالنظر إلى أن طبيعة الجمهور الجزائري تميل أكثر إلى المواضيع السياسة، التي يعتبرونها استثنائية. لست ضد الموهبة، ولكن يجب أن تستحق ذلك، على اعتبار أن الفن مسؤولية أمام الجمهور، ورسالة قبل أن يكون لقمة عيش، تود الصراحة أنا ضد بعض الأطراف الذين أدخلوا أشياء غريبة ولا تشرف الفن، على غرار استعمالهم للأقراط، والألبسة الممزقة، في خرجة لا تمت للجزائر بصلة. أعاني التهميش و الحقرة -لماذا لم نعد نرى فنانين كبار على شاكلة عثمان عريوات والمفتش الطاهر ؟ من هب ودب أصبح يلقب نفسه بالفنان، رغم افتقار الأغلبية منهم لأدنى المعايير الخاصة بولوج هذا المجال، لقد استغلت الكثير من الأسماء الانفتاح التكنولوجي، وانتشار القنوات الخاصة، ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل ركوب الموجة، وهو ما لم يكن يحدث في وقت سابق، عندما كانت أمام الفنان الفرصة من أجل الظهور عبر التلفزيون العمومي فقط، لم تكن هناك المحسوبية، وكان الاختيار يقوم على أساس الموهبة والمؤهلات، وهو ما جعلنا نرى أسماء عملاقة، في صورة المتميز عثمان عريوات، والمفتش الطاهر، وغيرهم من الفنانين، الذين نجحوا بعرق جبينهم في ترك بصمتهم في تاريخ الفن الجزائري. الشيخ عطا الله «كنز» فقدته الفكاهة الجزائرية -ماذا عن غيابك عن التلفزيون الجزائري ؟ رغم نجاحاتي المتعددة، إلا أنني أعاني التهميش والحقرة من طرف المسؤولين على شؤون التلفزيون الجزائري، الذين أقصوني من حساباتهم بشكل محير، رغم امتلاكي للمؤهلات والإمكانات التي تسمح لي بتقديم أعمال فنية في المستوى تلقى إعجاب المشاهد الجزائري، الذي اعترف لي بالموهبة في فترة سابقة، صراحة لا علم لي بالأسباب التي دفعت هؤلاء الأشخاص لمعاملتي بهذه الطريقة المجحفة، والأدهى والأمر أن هناك من يريد إبعادي عن الساحة الفنية الجزائرية بشكل نهائي، من خلال تعمد عدم تغطية أعمالي، بحجة أني أظهر في قنوات أخرى، ولكن نسوا بأن أعمالي تمر في قنوات جزائرية وليس في قنوات أجنبية. ما سر تلقيبك بسليم ألك، وأين تضع نفسك مقارنة بنجوم الكوميديا ؟ المخرج صحراوي من ألصق بي لقب سليم ألك، من خلال مطالبتي بالحديث باللهجة التلمسانية عند مروري في برنامج «الفهامة»، لقد تفاعل الجمهور معي بطريقة غريبة، وأصبحت تلك الكلمة ملتصقة باسمي الآن، وأنا فخور لأني نجحت في ظرف وجيز في تسلق سلم الشهرة، رغم أني أفضل عدم إدراج نفسي ضمن قائمة المتميزين، على غرار الكوميدي المشهور عبد القادر السيكتور، الذي يقدم أعمال فنية خاصة تلقى متابعة هائلة. شهرة الفنان الجزائري تزداد بعد وفاته هل من رسالة تريد توجيهها للجمهور؟ صحيح أنني لم أدرس المسرح، ولم أتلق نفس التكوين الذي حظي به البعض من الفنانين الآخرين، ولكنني نجحت في شق طريقي نحو النجومية من خلال مجهوداتي الجبارة التي بذلتها طيلة الفترة الماضية. أنا لا أحظى بالدعم اللازم، واكتفي بالعمل بمفردي، حيث أكتب وأنتج وأخرج لنفسي، ورغم ذلك ظفرت بمكانة خاصة لدى جمهوري الحبيب، الذي أحييه عبر جريدتكم، وأعده بأني سأظل دوما عند مستوى تطلعاتهم، وتطلعات الفن الراقي. م.ب