أعناق و أحشاء الدجاج تُعوض اللحوم بموائد العائلات المعوزة عوضت أعناق و أحشاء الدجاج و الديك الرومي قطع اللحم الطرية و الكبيرة في موائد الكثير من العائلات المعوزة بقسنطينة، فقد أكد عدد من بائعي أسواق المدينة بأن الإقبال على اقتنائها تزايد في الآونة الأخيرة، بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بالأصناف الأخرى التي يسجل عزوف على شرائها، في وقت يطالب فيه اتحاد التجار و الحرفيين للولاية بتقنين بيع لحوم الدواجن مجزأة، تماشيا مع رغبات الزبائن و لإعطاء أصحاب المحلات إطارا منظما لممارسة عملهم بشكل أفضل. انطلقنا في جولتنا من سوق بومزو المغطى بوسط مدينة قسنطينة، وتقربنا خلالها من بعض بائعي لحوم الدواجن، و قد أخبرنا التاجر الأول الذي تحدثنا إليه، بأن سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج عاد إلى الانخفاض، فبعد أن عرف ارتفاعا بحوالي 70 دينارا في الأيام القليلة السابقة، نزل مرة أخرى إلى 260 دج للكيلوغرام، في حين وصل سعر شرائح الدجاج إلى 470 دج، متراجعا بأكثر من مائة دينار. و قد أرجع محدثنا المشكلة إلى عزوف المستهلكين عن اقتنائها، في مقابل إقبالهم على شراء الأجنحة و أفخاذ الدجاج لوحدها، بالإضافة إلى الأحشاء على غرار الأكباد و المعدة. كيلوغرام من الدجاج بسعر ثمانية كيلوغرامات من الأعناق و يصل سعر الكيلوغرام من الأجنحة إلى 90 دج، في حين تباع الأفخاذ بما يقارب الضعف، حيث يبلغ ثمن الكيلوغرام منها 210 دج، و هي قريبة من سعر الدجاجة الكاملة، حيث أشار بعض البائعين إلى أن ارتفاع ثمنها يعود إلى الكمية الكبيرة من اللحم الموجودة بها مقارنة بالأجنحة، في حين لاحظنا بأن سعر أعناق الدجاج منخفض جدا مقارنة بالأجزاء الأخرى، و يتراوح بين ثلاثين و سبعين دينارا، كما أفاد بعض البائعين بأنهم يمنحون الكميات الأخيرة التي تتبقى منها بالمجان أحيانا، لتجنب تعفنها لديهم في حال قاموا بتركها لليوم الموالي، مؤكدين بأن أغلب الزبائن يقتنون عدة كيلوغرامات منها لانخفاض سعرها. أما أعناق الديوك الرومية فيصل ثمنها إلى 120 دج، و حجم الواحد منها يعادل اثنين من الأخرى. سألنا بعض التجار عن مصدر قطع الدجاج، فأوضحوا لنا بأنهم يقومون بشراء الدجاج بالجملة بشكل عادي ثم يقطعونه، و يعرضون الأجزاء لوحدها. و رغم أن عددا من الباعة نفوا حصولهم على فائدة أكبر من خلال بيع الدجاج بهذه الطريقة، إلا أن أحد التجار صرح بعكس ذلك، مشيرا إلى أن هامش الربح يتوسع عندما تباع الدجاجة أو الديك الرومي مجزأين، لكن هامش المخاطرة يتوسع معها أيضا، فأحيانا تباع قطع على حساب أخرى و تظل لدى التاجر كميات يضطر في النهاية إلى تخفيض ثمنها بشكل مبالغ فيه، من أجل بيعها للزبون تجنبا لكسادها لديه. و أكد محدثنا بأنه يعلم أن القانون يمنع بيع قطع الدجاج مجزأة، لكن طلب الزبائن المرتفع عليها و تفضيلهم لها يدفع البائع إلى تلبية رغباتهم. وقفنا بالقرب من أحد التجار و راقبناه و هو يقوم مع زميل له بتقطيع الدجاج، ثم يقسم كل قطعة في مكان خاص، بعدما أنهى عمله عرض سبعة أجنحة للدجاج بسعر 250 دج، حيث تجمع العشرات من الزبائن أمام محله و قاموا باقتنائها كلها تقريبا، في حين ظلت الدجاجات و اللحوم الأخرى موضوعة في أماكنها و لم يطلب شراءها أحد. كما رصدنا لدى بائع آخر بعض أعناق الديك الرومي، حيث أقبل عليه عدد كبير من الزبائن و قاموا باقتنائها جميعا مباشرة عندما فتح محله. أما بسوق بطو عبد الله، فلم نجد إلا بائعين اثنين يقومان بعرض أعناق الدجاج، في حين يعرض الآخرون الأحشاء، على غرار المعدة " القوانص" التي يُباع الكيلوغرام منها ب 120 دج، و الكبد التي يسجل ثمنها ارتفاعا يمنع ذوي الدخل الضعيف من شرائها، و قد ذكر بعض البائعين بأن الكثير من الزبائن باتوا يفضلون الدواجن مجزأة لأسباب غير مادية، فعدد كبير منهم لا يستلذ، بحسب محدثينا، تناول بعض الأجزاء من لحم الدجاج، لذلك يجدون راحتهم في اقتناء قطع محددة دون غيرها، على غرار الأفخاذ. و قال أحد التجار الكبار في السن، إن الكثير من قطع الدجاج التي تباع اليوم في السوق كانت ترمى في الماضي، على غرار معدة الدجاج و أعناقها، التي كانت تمنح مجانا لتُقدم للحيوانات في سنوات خلت، لكنها اليوم أصبحت تعرض للبيع و تستعملها كثير من العائلات في طهي الطعام، رغم أن كمية اللحم فيها قليلة جدا، بسبب عدم قدرتها على اقتناء اللحوم الأخرى لارتفاع أسعارها. و قد أكد لنا مواطنون بأنهم يقومون باقتناء القطع المذكورة من أجل إضافة نكهة خاصة للطعام فقط، في حين أشارت سيدة إلى أنه لم يسبق لها و أن قامت باقتناء معدة الدجاج لأنها "تشعرها بالتقزز"، لكنها أوضحت بأن شراء الدجاجة مجزأة يسهل عليها العمل في المطبخ و يعفيها من عناء تحضير لحم الدجاجة الكاملة. رئيس جمعية حماية المستهلك و المنافسة عدم استقرار السوق ينتج سلوكيات استهلاكية سلبية اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك و المنافسة لولاية قسنطينة، حمور بلال، بأن عدم استقرار السوق ينتج سلوكيات استهلاكية سلبية على صحة المواطن، حيث أكد بأن الحاجة هي الدافع الأول للعائلات إلى اقتناء قطع الدجاج، التي من بينها ما قد يشكل خطرا على صحة المستهلكين، على غرار الأعناق و الأحشاء، مشيرا إلى أن تراجع القدرة الشرائية لكثير من العائلات هو ما يدفعها إلى البحث عما هو أقل سعرا في السوق من أجل إطعام أبنائهم. وقال نفس المصدر إن الأسواق الفوضوية تساهم في تنامي المظاهر الاستهلاكية السلبية، لكونها تحتضن الكثير من الممارسات المضرة، على غرار بيع الدجاج و ذبحه في السوق دون مراعاة لشروط الوقاية و النظافة، كما أن الكثير من الباعة المتواجدين بها يعرضون سلعهم تحت أشعة الشمس و في ظروف مناخية غير ملائمة. و قد أضاف نفس المصدر بأن مهمة الرقابة لا تقتصر على أعوان مديرية التجارة فحسب، و إنما يجب على مصالح الرقابة التابعة للبلديات أن تلعب دورها أيضا في حماية المستهلك من السلوكيات السلبية، التي قد يدفعه للقيام بها الوضع الاجتماعي الصعب. الأمين الولائي لاتحاد التجار نطالب بتقنين بيع أجزاء الدواجن طالب الأمين الولائي لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين بولاية قسنطينة، محمد العيد بوهنقل، بتقنين بيع الدواجن مجزأة للمستهلكين، مثلما هو معمول به في الدول الأخرى حتى يتمكن التجار من تلبية الطلب الكبير عليها، معتبرا بأنه ليس من المضر أن يقوم أصحاب المحلات بتقطيع الدواجن و بيع كل قطعة منها على حدى، كما طالب برفع القانون "المطبق في قسنطينة فقط" حسبه، و الذي ينص على تغليف الدجاج في كيس شفاف، لأنه يتسبب في انبعاث رائحة سيئة من اللحم عند فتحها، على حد قوله. كما أوضح نفس المصدر بأنه من الضروري أن تبلور القوانين و التشريعات بحسب ما هو موجود في السوق. و أشار محدثنا إلى أنه من غير المعقول أن يعرض الباعة الفوضويون السلع كما يشاؤون في السوق الموازية، بينما لا يسمح القانون للتجار النظاميين بعرض بعض السلع بحسب ما يطلبه الزبون، لأن ذلك يؤدي في النهاية إلى امتصاص الأسواق السوداء للمستهلكين على حساب السوق القانونية، مضيفا بأن صحة المواطن هي الأولوية، لكن السهر عليها لا يمنع منح التاجر تسهيلات تمكنه من تأدية عمله بشكل أفضل و بأكثر أريحية.