يبدو أن بعض التجّار المتخصصين في بيع مختلف أنواع اللحوم على مستوى الأسواق المنتظمة أو الفوضوية قد وجدوا الثغرة المناسبة لأجل القيام بنشاطهم وبيع ما يمكن بيعه دون حسيب أو رقيب، وسط غياب شبه تام لمصالح الرقابة والسلطات المحلية التي تبقى الغائب الأكبر من كل ما يحدث على مستوى أسواقنا، ليتضاعف النشاط بشكل كبير هذه الأيام المتزامنة ودخول شهر رمضان الكريم أين ازدادتلا لهفة المواطنين الراغبين في اقتناء كميات من اللحوم البيضاء والحمراء بأسعار بخسة دون أي مراعاة لشروط النظافة والحفظ والتبريد، ليقابلها جشع بعض التجار الراغبين في الربح السريع في اقل وقت ممكن على حساب صحة المستهلك الذي يزال يفتقد للكثير من الوعي والحس بخصوص ما يستهلكه، رغم الحملات التحسيسية المكثفة التي تقوم بها جمعيات حماية المستهلك وبيئته، خاصة مع دخول فصل الصيف تجنبا للتسممات الغذائية التي ما تؤدي في بعض الأحيان إلى حد الموت. السياسي زارت أهمّ نقطتين لبيع اللحوم بمختلف أنواعها كعينة حيّة لما يستهلكه الجزائريون من لحوم قد تكون فاسدة وهما السوق الأسبوعي لبوفاريك ومقطع خيرة اللذين يعرفان إقبالا منقطع النظير للزبائن الراغبين باقتناء كميات منها تزامنا ودخول الشهر الفضيل. أوّل وجهة لنا كانت نحو السوق الأسبوعي لبوفاريك والذي يفتح كل يوم إثنين، حيث لاحظنا الإقبال الكبير للمواطنين القادمين من مختلف البلديات والولايات المجاورة ممن يعتقدون أن السوق ينشط وفق احترام شروط النظافة والمعايير الصحية خاصة بالجانب الخاص ببيع اللحوم الحمراء، والتي من أوّل وهلة لدخولنا إليه تبين لنا غيابهما التام، وما حزّ في أنفسنا هو عدم تكليف التجار على مستواها بمراسلة الجهات المحلية أو القيام بأنفسهم بوضع حدّ لمحاربة القوارض والفئران التي باتت تغزو السوق وهي التي وجدت من تحت طاولاته وزوايا مكانا مفضلا وآمنا، ناهيك عن الوضع المتعفن الذي بات من أهم ميزاته جراء التراكم الكبير للنفايات التي تعرقل سير الزبائن وهو ما يهدد سلامة وصحة المستهلكين. ما إن تخطو أول خطواتك داخل السوق الأسبوعي المتواجد بالمدخل الجنوبي لبوفاريك وتحديدا بالجزء الخاص ببيع اللحوم، يثير انتباهك ذات الأرضية الترابية التي أنشأ فوقها السوق البلدي، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تستقبلك على بعد أمتار، ونحن نجول بمدخل السوق شدنا تصرف التجار الذين كانوا بصدد رش المياه على كميات من اللحوم الحمراء الموضوعة فوق طاولات منصوبة بالمكان وهي التي تحاذي أخرى خاصة ببيع الخضر والفواكه حيث يتحول المكان إلى برك من الأوحال الممزوجة بالدماء، ليكتمل الشهد الكارثي بالكم المهول من الحشرات التي تكسو اللحوم والأحشاء المعروضة للبيع دون أي وسائل تبريد أو حفظ خاصة مع درجات الحرارة الموسمية المعروفة بارتفاعها، ما يجعل صلاحية هذه اللحوم مجهولة، غير أن الأسعار المغرية والبخسة التي تباع بها جعلت المواطنين يعتادون الاقتناء دون مراعاة شروط السلامة والنظافة. أسعار اللحوم بالقصابات فرص لبحث المواطن عن البديل وخلال حديثنا مع المواطنين الذين كانوا متواجدين بسوق بوفاريك الأسبوعي، أكد محمد الذين يعتبر زبون من الزبائن المعتادين على ارتياده، أن أهم ما يجذبه بالمكان هو الميزات الأسعار المعقولة التي تباع بها اللحوم خاصة بالمناسبات الدينية على غرار شهر رمضان، في حين تعرف الأسعار خارج السوق التهابا جنونيا للأسعار، ليواصل حديثه ...ما من حل بديل سوى اللجوء إلى سوق بوفاريك الذي يحرم جيوبنا.. ، الأمر ذاته أشار إليه زكريا من البليدة والذي أكد أن الأسعار الزهيدة التي تعرض بها المنتوجات من أسباب الإقبال عليهم حيث أن ذات السوق يراعي الأسعار التي تناسب الزوالية . فرق الأسعار يثير التساؤلات ! أما عن أسعار اللحوم المعروضة بسوق بوفاريك فقد أثارت تسائلاتنا خاصة وأن الفرق يقدر بأكثر من 400 دج مقارنة بالأسعار التي تعرض بها ذات المنتوجات بالقصابات الأخرى، حيث قدر سعر الكيلغرام الواحد من الحم المجمد ب 700 دج في حين يصل اللحم الطازج إلى 80 دج، ليقدر سعره اللحم الطازج بأكثر من 1200 دج خارج ذات السوق و 800 دج للحم المجمد. ذبح سريع لتلبية طلبات الزبائن بمقطع خيرة وجهتنا الثانية كانت بمقطع خيرة المشهورة ببيع اللحوم بمختلف أنواعها على غرار لحم الخروف، الماعز، الجمل واللحوم البيضاء غير أن ما شدّ انتباهنا هو أن هذه المنطقة لا تزال بعيدة كل البعد عن المعايير الصحية والشروط اللازمة للذبح والبيع رغم أنها قد تمت تهيئتها بعد فترة وجيزة، حيث كان الإقبال كثيفا من طرف المواطنين المقبلين لاقتناء كميات من اللحم بغية استهلاكه في رمضان، وجراء هذه الحركية النشيطة كانت عملية الذبح والعرض تتم بشكل سريع لأجل تلبية طلبات الزبائن المقبلين عليه من العديد من البلديات وحتى الولايات المجاورة الذين من الواضح أن ما يهمهم هو الحصول على لحوم بأسعار معقولة دون التدقيق في الكيفية التي تذبح بها الماشية والدواجن التي لا يزال تتم على الأرضيات الموحلة والملوثة أين تتم عمليات السلخ والتنظيف، لتلقى أحشاء الماشية وسط التربة والدماء، إذ ونحن بعين المكان لاحظنا رؤوس وأحشاء الذبائح ممتدة على طول المحلات الموجودة والطاولات عرضة لأشعة الشمس ودخان السيارات متسببة في انتشار روائح مقرفة تحبس الأنفاس، وليس بعيدا عن هذه المذابح، فقد عرف باعة الديك الرومي على أطراف طرقات المنطقة إقبال رهيبا للمواطنين، رغم أن هذه الدواجن تعرض على الهواء وسط غبار وأتربة متطايرة، أين تنتشر الحشرات والبقايا جراء الذبح العشوائي. جزائريون يأكلون الجيفة وإن كانت طاولات الباعة تمثل الواجهة المقابلة للطريق السريع فإن ما تخفيه الأشجار خلفهم أعظم وأخطر، أين تتواجد كثبان من الريش الأبيض للديك الرومي وسيول من الدماء التي تجرف معها رؤوس الدواجن يتوسطها أطفال لا يتعدى سنهم 11 سنة يمتهنون مهنة ذبح الديك الرومي ونزع الريش مقابل 35 دج عن كل ديك رومي مذبوح و مريش ، وهنا لاحظنا أطفال بمختلف الأعمار يعرضون الديك الرومي بأسعار تغري الزبائن، الذين تهافتوا عليها تزامنا وشهر رمضان، ولدى تقربنا من بعض المواطنين حدثنا زبون بأنه يشتري دون انقطاع من هؤلاء الأطفال دون اللجوء إلى المذابح لسبب واحد اتفق عليه الجميع وهو السعر، مضيفا ... ما توفره المذابح يتوفر بالطرقات مع فارق الأسعار فهنا أجد ضالتي عند رغبتي في اقتناء اللحوم ، غير أن ما حز في أنفسنا ونحن نستطلع أراء الزبائن هو غياب الحس والوعي الكافي للتفرقة بين اللحوم الطازجة والفاسدة وحتى الجيفة التي تحققنا من بيعها بذات السوق الفوضوي بعد تحرينا عن كيفية ذبحها وتنظيفها لنكتشف ما هو أسوء بعد قيما بعض المراهقين بجمع الديوك الميتة التي يلقي بها المربون في الوادي المحاذي والغابة المجاورة للمذابح عند نفوقها، حيث يقوم هؤلاء الباعة بقطع رؤوسها وتنظيفها بشكل جيد ثم عرضها للبيع على أساس أنها تصلح للاستهلاك، ويحدث هذا بعيدا عن أعين الرقابة والمصالح المعنية. البلديات..مصالح التجارة والفلاحة في قفص الاتهام أكد زكي حريز رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين خلال اتصال ل السياسي أن المسؤولية الأولى عما يحدث بسوق بوفاريك من تجاوزات ووضع بيئي متردي يعود إلى المجلس الشعبي البلدي بذات المكان والذي من مسؤولياته تأمين السير الحسن لذات المرفق الحيوي، بالإضافة إلى الدور الذي يجب أن تقوم به مصالح الرقابة على مستوى مديرية التجارة وكذا المصالح الفلاحية لمحاربة مثل هذه الظواهر التي تستغل المواطنين. حماية المستهلك: لحوم مجهولة المصدر ومغشوشة تباع بأسواقنا كما أشار حريز إلى ضرورة تساؤل المستهلك عن سبب الأسعار الرخيسة التي تباع بها منتوجات مجهولة المصدر ومغشوشة حسب تعبيره والذي يتوجب أن يبتعد عنها ولا يكون مستهلكا سلبيا ينساق وراء الأسعار الرخيسة على حساب صحته، أما عن المضاعفات التي تسببها هذا النوع من اللحوم فقد أشار رئيس الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين إلى التسممات الغذائية خاصة بموسم الصيف الذي يزيد من تلف المنتوج خاصة إذا كانت اللحوم لا تحفظ في وسائل التبريد، وأضاف نفس المتحدث قائلا على المواطنين الابتعاد عن هذا النوع من المنتوجات خاصة وأنها تعتبر مسببات لأمراض مزمنة خطيرة ومميتة وعلى رأسها السرطان، مطالبا من الجهات المعنية بالتصدي لمثل هذه التجاوزات التي تحدث بأسواق بيع اللحوم. وتجدر الإشارة أن فيدرالية حماية المستهلك قد قامت بحملة تحسيسية انطلقت منذ الفاتح جوان ودامت 10 أيام والتي تطرقت من خلالها إلى التسممات الغذائية وأهم مسبباتها والتي تعد اللحوم المعروضة في ظروف تنعدم نظافتها واحدة منها . بولنوار: المذابح الفوضوية في تزايد رهيب من جهة أخرى فقد أكد الطاهر بولنوار الناطق الرسمي لاتحاد التجار خلال حديثه ل السياسي أنهم تلقت عدّة اتصالات من طرف المواطنين وزبائن سوق بوفاريك والتي تصب إجمالا في انعدام شروط الحفظ السليمة للحوم بذات السوق حيث لا تمد ظروف الذبح والبيع بها لأية صلة والسلامة الصحية ليبقى في الأخير مجهولة المصدر والنوع خاصة بالنسبة للحوم الحمراء مرجعها المسؤولية الأولى إلى المواطنين الذين يستهلكون المنتوج دون مراعاة عدم مطابقته للشروط الضرورية التي تحفظ اللحوم من التلف خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة والتي تنجر عنها التسممات الغذائية التي يدفع ثمنها المواطن الذي اقتنى اللحوم بأبخس الأثمان وفي ظروف غير لائقة. ومن جهة أخرى فقد حمّل بولنوار مسؤولية تواجد هذا النوع من الأسواق إلى نقص مراقبة البياطرة بالإضافة إلى غياب لجان المراقبة التابعة لمديرية التجارة التي تقمع الظاهرة النابعة أساسا من المذابح الفوضوية المنتشرة والتي يزداد عددها في الآونة الأخيرة . أسواق متخصصة في بيع اللّحوم سيقضي على الظاهرة وللحد من تواجد الأسواق التي تفتقر لشروط السلامة الصحية والمتعلقة ببيع اللحوم يرى الناطق الرسمي لاتحاد التجار أن الإسراع في انجاز أسواق متخصصة يعتبر حلا بديلا بالإضافة إلى تفعيل دور الهيئات الممثلة في وزارة الفلاحة والتجارة والتي من صلاحياتها القضاء على كل نقاط البيع التي تنعدم فيها شروط حفظ المنتوج . بيطري: غياب وسائل التبريد ينتج لحوما سامة في ذات السياق ففقد أكد ب .محمد بيطري متخصص، أن هذا النوع من الأسواق العشوائية يهدد سلامة المستهلكين وذلك للمصدر المجهول للحوم المعروضة مشيرا أن على المواطنين ضرورة الابتعاد والامتناع على اقتناء هده الأخيرة المضرة بالصحة الجسدية خاصة إن اللحوم من المواد السريعة التلف تحديدا في فصل الصيف . كما أكد ذات المتحدث ل السياسي أنه من المفترض آن يتم تظافر جهود السلطات المحلية ومديرية التجارة ووضع إجراءات صارمة للقضاء على هذه الأسواق وتنظيم عملية البيع التي يتوجب أن تعرض على فحص ومعاينة الطبيب البيطري الذي بإمكانه تحديد صلاحية المنتوج من عدمه، خاصة وان اللحوم الفاسدة بإمكانها أن تتحول إلى مواد سامة قاتلة وهو ما يحدث على مستوى سوق بوفاريك الذي يفتقر إلى و سائل تبريد من شانها الحفاظ على المنتوج وضمان سلامة البيع .كما يرى الطبيب البيطري أن غياب لجان المراقبة التابعة لمديرية التجارة المسؤول الرئيسي عما يحدث من كارثة صحية تهدد سلامة المواطنين من يشترون اللحوم الزهيدة الثمن دون إدراك المخاطر الناجمة أمام تعرضها المباشر لأشعة الشمس والغبار المتصاعد الأرضية الترابية.