غلام الله يحذر من المد الطائفي ويقترح المعالجة العلمية للظاهرة حذر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله أمس من استمرار الأطماع الاستعمارية اتجاه الجزائر، من خلال محاولة تفكيك وحدة الأمة إلى طوائف عدة، على غرار السلفية، رافضا بشدة التدخل الأجنبي في تسيير الشأن الديني، مقترحا في المقابل تبني مقاربة علمية مع إشراك المساجد في مواجهة التهديد الطائفي. ونبه غلام الله في فوروم يومية المجاهد إلى أن التيار السلفي ليس الوحيد الذي يهدد المرجعية الدينية الوطنية، بسبب وجود تحركات عدة من قبل أشخاص يريدون أن يجعلوا لأنفسهم مكانة، من بينهم من فتحوا حسابات إلكترونية لنشر آرائهم، نظرا لحالة التسيب على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم التمكن بعد من مراقبتها، فضلا عن عدم احترام أهل العلم والمعرفة من قبل من يدعون أنهم أهل لذلك، متأسفا لوجود من يسيئون للدين باسم الدين، ورفض غلام الله بشدة محاولات التدخل الأجنبي في تسيير الشؤون الدينية، وذكر على سبيل المثال محاولة سن قانون خاص بالدين الإسلامي في فرنسا، موضحا أن الجزائر تحصي أزيد من 20 ألف مسجد، ومعالجة المد الطائفي لا ينبغي أن يكون أمنيا فقط، بل يجب انتهاج الأساليب العلمية، بإشراك المساجد والمدارس والجماعات ووسائل الإعلام، وتوحيد جهود جميع الفاعلين، لأن تعدد التوجهات يمثل خطرا على وحدة المجتمع. وأكد غلام الله أن الأطماع الاستعمارية اتجاه الجزائر التي بدأت مع نابوليون، وازدادت خلال الثورة التحريرية لم تتوقف يوما، فهي لديها دعاتها وأهلها، خاصة وأن الاستعمار لم ييأس من العودة إلى الجزائر بعد أن يتمكن من تفكيك وحدة الأمة ويجعلها عبارة عن مجموعة من الطوائف، وبشأن الجدل القائم حول تعميم تدريس الأمازيغية، رفض رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أن نجعل من التنوع الثقافي سببا للتنافر، مؤكدا بأن الأمازيغية هي من أصولنا الحضارية ولابد من احترام هذا التوجه، خاصة بعد أن رسمها الدستور، فضلا عن ضرورة التعايش والتحدث باللغات المشتركة، سيما وأن المدرسة وفرت سبل تعليمها لمن لا يتقنها. وأفاد بوعبد الله غلام الله أن المجلس الإسلامي الأعلى لا يصدر الفتاوى إلا بطلب من جهة رسمية، خاصة رئاسة الجمهورية، في حين يمكنه الرد على استفسارات المواطنين حول قضايا فقهية مختلفة، وهو يرغب أن تبقى الفتاوى التي يطلبها الأشخاص محصورة على مستوى المجالس العلمية في كل ولاية، لقطع الطريق أمام الفتاوى التي تنشرها مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا استحالة معرفة عدد الأفراد الذين يقصدون هذه الوسائط للحصول على الفتوى دون القيام بدراسة علمية تبين توجهاتهم وكذا أعدادهم، لكنه نبه إلى أن استقاء الفتوى من مواقع متباينة سيؤدي إلى تصادم بين الأفراد، وبرر الوزير السابق للشؤون الدينية عدم تنصيب مفتي الجمهورية بعد، إلى ارتباط الإجراء بقرار من رئيس الجمهورية، مؤكدا توفر الشخصيات التي يمكنها تبوء هذا المنصب، بحكم ما تحظى به الجزائر من فقهاء ووطنيين مخلصين، وأبدى ضيف الفوروم امتعاضه من تنوع الفتاوى على مستوى وسائل الإعلام، خاصة القنوات التلفزيوينة، مذكرا بأنه طلب من وزير الشؤون الدينية التنسيق مع سلطة الضبط للسمعي بصري لإلزام القنوات على الاستعانة بالمفتين الذين تعينهم الوصاية. وبخصوص الإضرابات التي تشهدها بعض القطاعات، أفاد غلام الله أن المطالبة بالحقوق القائمة هو أمر مشروع، غير أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب قرارات العدالة، مشيرا إلى إضراب الأساتذة المنتمين للكنابست، لأن تجاوز العدالة التي تحكم باسم الشعب والأمة هو خروج عن المعقول والمنطق، كما انتقد بشدة من يدعون للإضراب دون أن يتضرروا من القرار، جراء استمرار أجورهم وكذا الامتيازات التي يحظون بها، منتقدا الوساطة التي قام بها أئمة بين الوزارة والنقابة لفض النزاع، على اعتبار أن ذلك يجب أن يتم بموجب تفويض من وزارة الشؤون الدينية، كما ان عدم الاستماع لرأي الإمام دون الأخذ به، من شأنه أن يضر بمكانته في المجتمع. وفي الشق المتعلق بالصيرفة الإسلامية، شدد غلام الله على أن المجلس الإسلامي الأعلى لا يتدخل في عمل البنوك، بل يوفر لها الخبراء لتمكينها من تطبيق الصيرفة الإسلامية وإقرار التعاملات غير الربوية عبر فتح نوافذ خاصة بذلك، بهدف التكيف مع قناعة عامة المواطنين، واستقطاب الأموال المتداولة خارج الإطار الرسمي، ومن تم تنشيط الاقتصاد الوطني.