من منارة للعلم و ملجأ للوطنيين إلى إسطبل للأبقار وعش للطيور لم يعد يسمع في زاوية سيدي أحمد الزواوي الحنصالي، بأعلى جبل شطابة، الذي أصبح يحمل اسم جبل الزواوي، و تقع تحت قدميه بلدية ابن زياد، بولاية قسنطينة، قرآن يتلى ولا أصوات طلبته و هم يحفظون آياته، ولا أصوات المريدين وهم يكررون أوراد الطريقة عصرا، و يسبحون لله مع الآصال والأسحار، فالجبل المبارك استقر به خلفاء الطريقة، و دفن به جثمان الشيخ الحاج أحمد بن المبارك بن العطار، والشاعر الثائر على صالح باي بلقاسم الرحموني الحداد، لكن هذه المنارة العلمية تحولت اليوم إلى إسطبل تحشر فيه الأبقار وقطعان الأغنام نهارا، وتأوي إليه الطيور ليلا للمبيت، فتؤنس سكان قبور علماء الطريقة، بعد أن اعتدى خلفهم عليها و حطموها و كسروا شواهدها، و أضرموا النار في القبة و عبثوا بجدران وحجارة الزاوية ، فهوت وتحولت إلى أطلال و ركام تسكنه الثعابين. طريق محفوفة بالمخاطر النصر زارت الزاوية رفقة الفنان مصطفى لمسامري، بحثا عن قبر الشاعر الثائر بلقاسم الرحموني الحداد، الذي فرّ بجلده بعد أن حكم عليه صالح باي بالإعدام في محكمة عسكرية، لأنه انتقد ظروف المدينة و سكانها و قد ذكر مؤرخون بأن صالح باي» انقلبت سيرته فجأة في آخر أيامه، وأصبح يظلم الرعية وناس الزاوية، حتى أفضى به ذلك إلى الهاوية». بحثنا عن مكان الزاوية وسط بلدية ابن زياد، فلم نجده فسألنا مجموعة من سكان البلدية كانوا جالسين في مقهى، فاشرأبت أعناقهم وكاد أحدهم يسقط إلى الخلف ، وهم يشيرون إلى جبل عال في ظهر المدينة، لا تكاد ترى قمته، عدا أعمدة ربط الاتصالات، فاستغربنا من الموقع الذي آوى إليه شيخ الطريقة وأتباعه من بعده لعله يقيهم من الحكام الظالمين، لكننا قررنا التوجه إليه و كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة ونحن لم نعد العدة للتسلق، و تذكرنا سقوط أحدهم الأسبوع الماضي من أعلى الجبل، وتدخلت الحماية المدنية من أجل إجلائه وهو في حالة حرجة. أخيرا وصلنا إلى الزاوية التي هوت معظم جدرانها ونبتت فوقها الأعشاب، فدخلنا إلى حجرة تعلوها قبة، كان بابها الحديدي مغلقا وحجارة تشده، فعثرنا هناك على قطيع من الأبقار، وبقايا رماد وآثار دخان، فقد تحطمت القبور التي كانت هناك وشواهدها، وغطت الأرضية أكوام روث الأبقار، لكن ظهرت بينها آثار تدل على أن المكان النائي كان له في يوم ما حظوة ومكانة خاصة، على غرار مربعات الزليج الملونة والمزخرفة المهشمة التي شوهتها القاذورات، فيما تحوّلت باقي مرافق زاوية سيدي أحمد الزواوي، التي بقيت بعض جدرانها المتهالكة قائمة، إلى إسطبلات للمواشي. بقايا للتبرك و طقوس «النشرة» و علمنا عند نزولنا بأن أصحابها يحشرونها هناك ظهرا، وقت عودتهم إلى بيوتهم للقيلولة ، حماية لها، إلى حين يعودون مساء، فيكملون رعيها ويعودون قبل المغرب، و عندما سألناهم عن هذا السلوك الذي لا يحترم قداسة المكان، و قبور شيوخ كان لهم باع في التاريخ وصنعوا بعض انعطافاته، لم يبالوا وراحوا يحدثوننا عن الزوار وما يجلبونه من حلوى وطعام إلى أطلال الزاوية النائية ، و قد ظنوا أننا منهم وجاءوا مسرعين للفوز بما نحمل، مشيرين إلى أن أكثر زوار المكان للتبرك، يأتون من سكيكدة ، خاصة في فصل الربيع و ينظمون طقوس «النشرة» و يوزعون الطعام. غادرنا المكان الذي لم تراع فيه حرمة الأموات ولا قداسته، كمنبر للعلم والتعليم وحفظ القران وملاذ و ملجأ للسياسيين المعارضين الفارين من ظلم السلطان، وأولهم شيخ الزاوية نفسه سيدي أحمد الزواوي، عندما ثار عليه صديقه صالح باي الحاكم العثماني لقسنطينة. بحثنا طويلا بعد عودتنا عن أحفاد الشيخ، و بعد جهد جهيد حصلنا على هاتف أحدهم و كان حينها في مزرعته خارج المدينة و النهار يكاد ينتهي، فسألناه إذا كان يملك أرشيفا أو وثائق تخص زاوية أجداده، فأكد لنا أنّه لا يحوزها، و أنه أودع طلبا لمديرية الشؤون الدينية من أجل ترميمها، وضرب لنا موعدا في اليوم الموالي، ولم نلتق ، فرجعنا إلى الكتب للبحث عن تاريخ الزاوية و الطريقة ، فتمكننا من جمع بعض المعلومات، لكن بقيت الكثير من نقاط الظل، كعلاقة الشيخ الزواوي بصديقه صالح باي و الأسباب الحقيقية للعداء بعد طول ود، وأصحاب القبور التي تم تحطيمها و محو تاريخها بتهشيم شواهدها. مدرسة لتعليم القرآن و ملاذ للمظلومين «زاوية الشيخ الزواوي كانت أيام البايات، ملجأ لم يتجرأ أي حاكم على خرقه، كل من يلجأ إليه يستضيفه المرابط بسخاء وكرم، وبعدها يجد التكفير عن أخطائه ويصبح رهن عنايته القوية. هذه الزاوية معروفة بضيافتها وحرمتها المقدسة، كان يؤمها الكثير من الطلبة الذين يزاولون بها تعليمهم القرآني، و يعلمون الأطفال القراءة والكتابة. يقرأ إخوان حنصالة يوميا سورة قرآنية يختارها سيدي يوسف الحنصالي، مؤسس الزاوية 20 مرة وقت العصر، الثالثة مساء و21 مرة في ساعة المغرب، و يتبعون صلواتهم بالدعاء التالي، «الصلاة والسلام على سيدنا محمد «، 200 مرة. الشيخ سيدي يوسف الحنصالي وسيدي أحمد الزواوي أصحاب كرمات كثيرة، ومن أشهر شيوخ مرابطي عمالة قسنطينة المنتمي إلى طريقة حنصالة، سيدي بلقاسم بوحجر..»كما ورد في كتاب «الإخوان» لإدوارد دو نوفو، ترجمة د. كمال فيلالي. «انقلبت سيرة الباي فثار عليه الحلفاء والأصدقاء»! أجمعت الروايات والكتابات أن «صالح باي عندما تمهدت له كل الأوطان في عصره، داس كل الأوطان العامرة و الفقيرة، مما دلّ على شدة حكمه وصلابة معاملته للرعية، معتمدا الصلابة و القوة». و كتب ابن العنتري أن صالح باي عندما «قرب أجله تبدّلت سيرته و انعكست حقيقته، و صار يظلم ناس الزاوية، حتى أفضى ذلك إلى الهلاك و الهاوية»، و حيّر موقفه المؤرخين ولم يجدوا له تفسيرا. و حاول صالح باي منافسة مؤسسات الزوايا المجاورة، بإنشاء المدرسة الكتانية، وهو تنظيم جديد ممول من الأوقاف بسخاء، معتمدا على علماء و فقهاء، بعيدين عن التصوف والطرقية. و قال آخرون أن سبب ذلك معارضة بعض الشيوخ لمواقف صالح باي وانتقادهم لسياسته بشدة، قصد تأليب الرأي العام ضده، ومن بينهم الشيخ الزواوي الحنصالي من زاوية شطابة، بسبب تراجعه عن الإعفاءات الجبائية التي كانت تستفيد منها الزوايا، عندما احتاج إلى المزيد من المال لانجاز مشاريعه العمرانية داخل المدينة وكامل المقاطعة، فأقدم على توحيد نظام الضرائب، مما أزعج من كانوا لا يدفعون، وبلغ الخلاف أشده إلى مواجهة حادة بين الشيخ الزواوي و الباي صالح. بالإضافة إلى غضب أصحاب المطاحن من احتكار الباي لتصدير الحبوب، كما جلب الماء من برج الفزغية ببلدية أولاد قاسم، ولاية أم البواقي من سفح جبل قريون، و جسد مشاريع أخرى كبيرة أرهقت ميزانية أبرز بايات قسنطينة الذي كان يتجاهل باشاوات الجزائر، و كان يريد الاستقلال عن دار الجهاد، فأقيل من منصبه بعد حكم دام 25 سنة، ولم يقبل العيش كمواطن بسيط يخضع للسلطة المركزية، في مدينة خضعت طويلا لحكمه، فأمر باشا الجزائر بإعدامه، ومنذ ذلك العهد أصبح بايات قسنطينة لا يقالون بل يقتلون، و هذا تفاديا لثورات مماثلة، لثورة صالح باي. صداقة تتحول إلى عداء تاريخي بين الشيخ و الباي الشيخ أحمد الزواوي كان صديقا مقربا لصالح باي و يستمع لنصائحه ، لكن العلاقة لم تدم طويلا بينهما ، بعد أن عجز الشيخ عن إقناعه بضرورة التخفيف من قسوته ، فاستقر الشيخ في جبل أوزغار وقام بتوجيه الخطب المعادية له والتحريض ضده، فأرسل الباي حملة عسكرية تتألف من الأتراك فقط، لمحاربة المرابط وأتباعه الذين لاذوا بالفرار. و عندما اقتربت منهم الحملة قامت بتخريب المنطقة، لكنها فشلت في تحقيق هدفها الأساسي وهو القضاء على الشيخ، لأن أتباعه تمكنوا من إنقاذه من غضب الباي، وبمجرد أن علم الشيخ بأن أراضيه تتعرض للغزو، أضرم النار في كل الضيعات التي صادفها، وعاش بعيدا عن الأنظار وقد اجتمع حوله الأتباع و يقارب عددهم 300 شخص. ومن أسباب الخلاف بين شيوخ حنصالة، أن صالح باي طلب من بني ميزاب التجار بقسنطينة، غرائم باهظة دون غيرهم، مما أدى إلى بروز سوء تفاهم بينهم وبينه، فتجرأ عليهم وصادر ممتلكاتهم، وأرزاقهم وأجلاهم عن المدينة، فلجأوا إلى زاوية بلقاسم بوحجر الحنصالي، فاستقبلهم شيخ الزاوية وأكرمهم، ثم رجع بهم إلى قسنطينة، وعاتب صالح باي وأمره أن يرد إليهم ما أخذ منهم وهدده، فامتثل صالح باي ، حسب روايات أحفاد سيدي بلقاسم بوحجر. أساطير عن «كرامات» الشيخ الزواوي هناك العديد من الحكايات و الأساطير التي تذكر «كرامات» الشيخ الزواوي في جبل شطابة، من بينها عجز جيوش الباي عن إلحاق الضرر بالشيخ الزواوي، رغم محاولاتهم العديدة ، و قيل أنهم شنوا عليه هجوما ليلا، و في الصباح وجدوا أنفسهم في كدية عاتي، مكان انطلاقهم، و المواجهة تمت بقرار من الباي الذي حكم على الشيخ بالإعدام، وكان يدعو للتمرد عليه وشاع أنه دعا عليه أمام الملأ، فحوله إلى امرأة، كما قال لنا أحد شيوخ الطرق الصوفية في قسنطينة ، فما كان من صالح باي، إلا أن عرض قطيعا من الثيران السمينة كفدية، وظل أسبوعا كاملا ينتظر، إلى أن عفا عنه الشيخ وردّه إلى طبيعته. زاوية الشيخ الزواوي بابن زياد بلدية ابن زياد التي تعد من أقدم بلديات ولاية قسنطينة، أنشئت في 07 أفريل 1874 تحت اسم «الروفاك» و تعني، كما ورد في كتابات على الآثار الرومانية بالمنطقة "حي الفيلة"، و تقع على بعد 23 كلم من مقر ولاية قسنطينة، وأشهر مكان بها زاوية الشيخ الزواوي في قمة الجبل الذي يحمل اسمه و تتبع الزاوية الطريقة الحنصالية، التي يعود الفضل في تأسيسها إلى سيدي يوسف الحنصالي، والتي بقي حيز تواجدها بنواحي قسنطينة ، مع تسجيل قلة أتباعها ومريديها. وأشهر شيوخ الطريقة سيدي سعدون وسيدي معمر وسيدي أحمد الزواوي الذي عاصر صالح باي 1771 1791 ،وهو آخر خليفة للطريقة بقسنطينة، وكانت زاويته ملاذا آمنا لكل فار من ظلم البايات من أمثال الشاعر الكفيف المعارض بلقاسم الحداد الذي انتقد الأوضاع الاقتصادية في قسنطينة في عصر الباي صالح في قصيدة معروفة عنوانها «هذا العام ما أكبره»التي صورت أحوال قسنطينة، فلم تكن سياسية كلها كما أنها لم تكن ضد العثمانيين، بل ضد الدخلاء على المدينة، و صور فيها الحياة الاجتماعية التي سادها فساد الأخلاق و الظلم و الطغيان، والحياة الاقتصادية التي سادها الغلاء في المعيشة ، وكأن الشاعر يتكلم في القصيدة على لسان أهل الطرق الصوفية وكذا ضد التجار الذين توافدوا على قسنطينة ونافسوا أهلها و جاء فيها «عام مكبره هاي سيدي بالكساد وغلات النعما كيف نخبر هاي سيدي بالفساد في كمان حوما باح كل شيء بلا كتما في بلدة قسنطينة الدهما واش تنتظر هاي سيدي واش تنظر فيها هلكت راهي فسدت ما بقات تسما بلدة الأسعار راه أغلات وحتى أمطار الصيف أدفاقوا الحرث راه صعب نبته ايبس و الحجر يكثروا» القصيدة أثارت غضب صالح باي، خاصة عندما انتقد الشاعر بلقاسم الحداد في بعض أبياتها نقل اليهود من باب الجابية إلى الشارع، فاضطر الحداد إلى التوجه إلى الزاوية. حنصالة.. طريقة لم يعد لها وجود بقسنطينة لم يبق في قسنطينة للطريقة الحنصالية أثر ولا مريدين اليوم، وما يدل على وجودها مقرها الذي يحمل اسمها، زاوية حنصالة بالرصيف، والذي تحول إلى مسجد تابع لمديرية الشؤون الدينية، تقام فيه صلاتي الظهر و العصر. سألنا المؤذن القّيم فيه عن الطريقة وتاريخها، فرد بأن لا علم له بذلك. وحسب سكان ابن زياد، فإن الزاوية الموجودة بجبل شطابة، تم هجرها بداية الثورة التحريرية، وتم قطع الكهرباء عنها، بعد أن تم ربطها لمدة ثلاث ليال. منذ تلك الحقبة أصبح بعض المواطنين يزورونها في موسم الربيع وتقام بها الاحتفالات و يجتمع ما تبقى من شيوخها ومريدها، و لا تنقطع زيارتها إلى يومنا هذا خلال الربيع. و علمنا من الشيخ سيد علي زغمار، أحد شيوخ إخوان عيساوة ، أن آخر مريديها العارفين بخباياها ، هما على التوالي الشيخ رابح بسطانجي، وعمي العربي بوشلطة، فهذا الأخير لا يزال يحمل فكرها وأورادها وأسررها، وقد حاولنا عبثا حثه على فتح صدره لنا، إلا أنه رفض كل المساعي، وهو من حفظة قصائد الزوايا والذكر ، وكان كثيرا ما يتردد على الزاوية الرحمانية التي التقيناه بها عدة مرات، ويحرص عادة على أداء صلاة الجمعة في مسجد سيدي عبد الرحمان القروي برحبة الجمال جدير بالذكر أن طريقة إخوان حنصالة ظهرت علي مشارف قسنطينة بجبل شطابة، و مؤسسها هو الشيخ أبو العينين السعيد بن يوسف الحنصالي في شهر شوال عام 1052 هجري الموافق ل1643 ميلادي، بالمغرب قرب مدينة فاس. قبل ولادته التي كانت مبكرة ، أثيرت حوله الكثير من الأسرار، من بينها قصة أمه نجمة التي أنجبته و هي في الستين 60 ، بعد زيارتها لقبر جده السعيد الحنصالي، المتوفى في القرن السابع، فولد ضعيفا ورضع حليب نعجة لمدة سبعة أشهر، فلقب من الجميع بالمرابط وهو في المهد، حفظ القرآن وكان ذكيا محبا لمذهب الباطنية، مطلعا على العلوم الميتافيزيقية، بالإضافة إلى ما تعلمه في رحلته الإفريقية، ثم حج البيت وأقام بالمدينة 3 سنوات ثم واصل دراسته بالأزهر ثم انتقل إلى دمياط، وعاش في مسجد أمام قبر سيدي أبو العباس المرسي. وكان أولياء الله يأمرونه بالعودة إلى حيث تغرب الشمس ، ومنهم سيدي عبد القادر الجيلالي، فسافر إلى ضواحي تلمسان فسلبه قطاع طرق من قبيلة بني عامر، كتبه و ملابسه ما عدا سوطه، وبعد عودته كثر طلابه وتفرقوا في الأرض إلى أن ظهر سيدي سعدون الفرجيوي من قسنطينة عام 1142 الموافق ل1730 ميلادي، بشطابة. و بدأ ينشر الطريقة الحنصالية حيث طلب من أتباع الطريقة الأوراد ومن هنا نشأت زوايا عدة، خلف سيدي سعدون سيدي أحمد الزواوي الشريف الحسني أبو زكريا بن عمر الزواوي، تلميذ أبو حفص سيدي أعمر الوزان شيخ الإسلام المتوفى في قسنطينة. استقر الشيخ الزواوي في شطابة قريبا من الآثار الرومانية ، في قرية الروفاك ابن زياد حاليا، ومنه انتقلت «البركة» إلى سيدي بلقاسم بوحجر في القرن 12 الهجري. والجدير بالذكر أن الطريقة الحنصالية كانت مناهضة للأتراك بسبب طريقة إدارتهم وتسييرهم وتضييقهم على الشعب، وانصب اهتمامها على الروحانية في الروفاك، و ركزت زاوية سيدي بلقاسم في أولاد صخر بسيقوس، على تعليم القرآن الكريم وعلوم الدين واللغة العربية. هنا يرقد المؤرخ مبارك ابن العطار والشاعر بلقاسم الحداد الزاوية إلى جانب دورها التعليمي و الروحي و السياسي، ضمت قبر الشيخ الحاج أحمد بن المبارك ابن العطار، صاحب كتاب "تاريخ بلد قسنطينة" الذي حققه الدكتور عبد الله حمادي، إلى جانب تأليفه لسلسلة حول طريقة الشيخ الزواوي و الطريقة الحنصالية بقسنطينة بعنوان "نصيحة الإخوان في أصول التربية وآداب السلوك"، التي تولى شرحها والتعليق عليها الشيخ صالح بن مهنا. وعرف عن ابن العطار بانتمائه لطريقة إخوان حنصالة، و عندما توفي دفن بزاوية الشيخ الزواوي الكائن بجبل شطابة، و كان للشيخ عاشور الفضل في رثاء وفاة العلامة في قصيدة من نظمه نقشت على شاهد قبر ابن العطار، سجّل فيها تاريخ الوفاة التي كانت يوم الثلاثاء الأول من شهر رجب،1287 هجري الموافق ليوم 05 أكتوبر 1870 ميلادي، و ترك ابنا حظي بمرتبة مقدم في الطريقة من طرف الشيخ بلقاسم بوحجر الذي كان صديقا حميما لابن العطار، لكن الشاهد تم تحطيمه و تخريبه ولم نعثر له على أثر، لأن القبور نفسها تعرضت للتخريب، و لم تراع حرمتها ، وهو ما صعّب مهمة البحث عن قبر الشاعر بلقاسم الحداد الرحموني الذي يقال أنه مسجى بنفس المدافن، إلى جانب الشيخ أحمد الزواوي و أبنائه.