صناعة الحلويات.. تكوين يستقطب الموظفات والأطفال أصبح تعلم صناعة الحلويات العصرية و التقليدية، موضة جد رائجة بين الموظفات و الطالبات و ربات البيوت هذه السنة، فالإقبال على دورات تعليمها تعدى الرغبة في كسر روتين الصيف، إلى البحث عن شهادة مهنية تمكنهن من ولوج عالم التجارة، خاصة و أن هذا المجال يعرف انتعاشا كبيرا في مواسم الأفراح و يدر مداخيل معتبرة، نظرا لارتفاع أسعار الحلويات و زيادة الطلب عليها، ما شجع سوريين كثر على تعلم الوصفات الجزائرية التي تشهد الرواج في عديد البلدان العربية مؤخرا، كما دفع بعض المدارس التعليمية الخاصة إلى توسيع رقعة نشاطها لتشمل الأطفال عن طريق فتح ما يعرف بدورات « جونيور شاف». 6 آلاف دينار لتعلم أسرار وصفة عصرية لم يعد تخصص صناعة الحلويات مقتصرا على النساء الماكثات في البيت، و إنما تحول إلى قبلة للموظفات و الجامعيات، خصوصا مع انتشار مدارس و قنوات تعليم الطبخ، التي باتت تقدم هذا التخصص كفن تغري أسراره الكثيرات، وهو ما ضاعف الإقبال على تعلمه و تعليمه، بدليل أن صفحات الطبخ عبر فيسبوك، كصفحة أم نوفل زردازي و مدرسة الباي و الوردة البيضاء و كذا صفحة معهد أجيال، أصبحت تعج بإعلانات الدورات التكوينية الصيفية لتعليم صناعة الحلويات، مقابل حقوق تسجيل تتراوح بين3 آلاف دج و 6آلاف دينار. ومن بين الإعلانات التي شدت انتباهنا عبر الفضاء الأزرق ، إعلان للشيف فلة رحال زردازي، التي تروج لنشاطها عبر عدد من الصفحات و تدعو الراغبين في تعلم إعداد «النوقا» التونسية، إلى الالتحاق بدورة تكوين تشرف عليها مقابل مبلغ 3آلآف دينار، وعند سؤالنا لها عن تفاصيل الدورة، قالت بأن مدتها يوم واحد و تنقسم إلى جانبين الأول نظري و الثاني تطبيقي، أما بخصوص حجم الإقبال فقالت، بأنه لافت خاصة في فصل الصيف، مع تنوع في مستويات المسجلين، حيث تستقبل الجامعيات و غير المتعلمات و البطالات و كذا الموظفات مشيرة إلى أنه سبق لها و أن كونت طبيبات و كذا محاميات أحببن هذه الحرفة بفضل قنوات التلفزيون و اليوتيوب، إذ ربطتنا باتصال مع إحدى زبوناتها وهي طبيبة قالت، بأنها تعشق مجال صناعة الحلويات منذ الصغر، و كثيرا ما تلتحق بالدورات التكوينية لاكتساب مهارات جديدة في المجال، مبدية رغبتها في تعلم جل الوصفات و بالأخص العصرية ، التي يعتبر إنجاح تحضيرها هوسا يوميا بالنسبة لها كما عبرت. موضة روّجت لها قنوات الطبخ و منصات يوتيوب الشيف فلة، لفتت انتباهنا إلى أن هنالك عددا لا بأس به من السوريين التحقوا بالدورات التكوينية التي نظمتها هذا الموسم، بغية تعلم تحضير الحلويات التقليدية الجزائرية و على رأسها «البقلاوة و الغريبية و الجوزية»، وذلك نظرا للرواج الكبير الذي تحظى به هذه الأصناف في عديد البلدان العربية و بالأخص في سوريا، حيث يسعون حسبها، إلى فتح محلات متخصصة في صناعة الحلويات الجزائرية، ونقل مطبخنا إلى المشرق و الخليج، خصوصا بعدما عرفت به قنوات الطبخ و مواقع التواصل الاجتماعي و روج له إعلاميون و فنانون على غرار سالي جفال، و أمل بوشوشة و نوال قاضي. حرفة في اليد أضمن من شهادة في الجيب خلال جولتنا بين مدارس و ورشات تعليم الطبخ العصري بقسنطينة، قابلنا عددا من الزبونات بينهن من أخبرننا بأنهن جامعيات يبحثن عن بديل يخرجهن من نفق البطالة، فيما أكدت نساء أخريات، بأن الحرف اليدوية هي سلاح يتحصن به تحسبا لما يخفيه المستقبل من مطبات، فحسب منال و هي المحامية، لا يمكن للمرأة أيا كان مستواها العلمي أو المهني أن تستغني عن اكتساب مهارات أخرى، سواء تعلق الأمر بالطبخ أو الخياطة أو أي مجال مختلف، فكل خبرة تكتسبها الفتاة في مجال ما تضاف إلى قائمة مواهبها، كما قالت، مؤكدة بأنها شخصيا، لا تسعى لتحقيق ربح مادي، و إنما شغفها بالطبخ هو ما جعلها تحرص على تعلمه، كما أن الارتفاع الكبير في أسعار الحلويات التقليدية شجعها على تعلم تحضيرها بنفسها بدل شرائها بما يعادل 150دج للقطعة الواحدة. تعلمي الطبخ عن طريق المراسلة ! من خلال استطلاعنا، اكتشفنا بأن تعليم صناعة الحلويات لم يعد حكرا على ورشات المحترفين و المدارس المتخصصة، و إنما أصبح يدرس عن بعد كذلك، على غرار ما تقوم به الشيف نبيلة بابا أحمد من ولاية وهران، التي تشرف على عديد الدورات التكوينية لتعليم صناعة الحلويات عن بعد، بالاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي و بالأخص صفحتها الرسمية على فيسبوك، إذ كشفت خلال حديثنا إليها، بأنها لاحظت في السنتين الأخيرتين إقبالا لافتا للسيدات على تعلم صناعة الحلويات، علما أنهن في الغالب معلمات و محاميات و طبيبات و موظفات يواجهن مشكل ضيق الوقت، ما جعلها تفكر في طريقة لتسهيل الأمر عليهن من خلال تعليمهن عن بعد على مدار السنة، و ذلك بتسجيل مقاطع فيديو تتضمن دروسا نظرية و تطبيقية عن كل وصفة، بحيث يحدد سعر الوصفة الواحدة ب 500 دينار، فيما يكلف تعلم 50 وصفة 16000 دينار، وهي مبالغ منطقية في اعتقادها، و مقبولة جدا بدليل أنها تستقبل عددا كبيرا من طلبات التسجيل للتعلم عن بعد تشمل الرجال و النساء. «جونيور شاف» جديد هذا الموسم تقول الشيف كريمة بسطانجي، صاحبة مدرسة الباي لتعليم صناعة و خبز الحلويات و المملحات، بأنها تنظم عديد الدورات التكوينية على مدار السنة، لكنها تضبط برنامجا خاصا بفصل الصيف في كل مرة، بالنظر لزيادة عدد المسجلين حيث أكدت، بأن الإقبال على هذا المجال لم يعد منحصرا في فئات النساء و البالغين و ربات البيوت، بل بات يشمل مختلف الفئات و المستويات، حيث سبق و أن استقبلت في ورشتها إطارات و مهنيات وموظفات، منهن من تبحثن عن التجديد و المتعة و منهن من تحببن الصناعات التقليدية، مشيرة إلى أن تكاليف التكوين تختلف باختلاف الأصناف التي يتم تعلمها، فالحلويات العصرية تتطلب وقتا كبيرا لتحضيرها و لتزيينها لذا فإن تكلفة الدورة تعادل 6 آلاف دينار، أما تكاليف تعلم صناعة الأصناف التقليدية فلا تتجاوز عموما مبلغ 3 آلاف دينار . وحسب المتحدثة، فإن الدورات الصيفية لم تعد مقتصرة على كبار السن، بل باتت تستهوي الأطفال كذلك، وهو ما دفعها لبرمجة ورشات تكوينية لصالحهم أطلقت عليها تسمية « جونيور شيف»، وهي موجهة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 سنة، مقابل مبلغ 2000دج للشهر بمعدل حصة كل أسبوع، و تعد هذه التجربة نموذجا مستنسخا عن المدارس الفرنسية، و اللافت أنها لقيت تجاوبا كبيرا من قبل العائلات وعلى المستوى الوطني. أما بخصوص طبيعة التكوين المقدم للأطفال، فقد أوضحت، بأن الأمر يتعلق عموما بوصفات وحيل لتحضير «الكاب كاي و التشيز كايك» وغير ذلك من الأنواع التي يفضلونها. أسماء بوقرن