ربات بيوت حولن صناعة الحلويات التقليدية من متعة إلى تجارة رائجة بقسنطينة وجدت فئة كبيرة من ربات البيوت و حتى النساء المتقاعدات بقسنطينة في مراكز و مدارس التكوين المهني الخاصة منها و العمومية ، متنفسا هاما للخروج من عباءة الأم المربية الماكثة بالبيت و الاندماج بصورة أكثر فعالية في المجتمع ، حيث أصبحن يقبلن عليها بشكل لافت ، خصوصا تلك المدارس المتخصصة في تعليم فنون الطبخ و صناعة الحلويات العصرية و التقليدية ،وهو الفرع الذي يمثل بالنسبة لهن بابا للاستثمار و الربح أكثر منه هواية ،بالنظر إلى الازدهار الكبير الذي تعرفه هذه الصناعة مؤخرا. نساء في الأربعين و حتى الستين من العمر، أكدن للنصر أن هذه المدارس و مراكز التكوين المهني فتحت أمامهن المجال للعودة سنوات كثيرة إلى الوراء و تدارك ما انقضى من العمر في تربية الأطفال و خدمة الزوج على حساب أحلامهن في التعليم الذي اضطررن إلى التخلي عنه بسبب مسؤوليات الأسرة، و هو الوضع الذي اختلف حسبهن،منذ قررن الانفتاح على هذه المدارس و تحصيل شهاداتها التي قلن أنها تقدم لهن بديلا مرضيا عن شهادات تعليمية فشلن في تحصيلها سابقا . أزيد من 50 بالمائة من المقبلات على التكوين ربات بيوت في الأربعين وحسب ما أكدته لنا السيدة تواتي صونية وهي أستاذة متخصصة في تعليم صنع الحلويات التقليدية و العصرية بإحدى مدراس التكوين الخاصة بقسنطينة ، فإن الإقبال على هذا التخصص بالذات، يتزايد بشكل مثير للاهتمام من قبل فئة النساء الماكثات بالبيت اللائي تتراوح أعمارهن بين ال 40 إلى 65 سنة و يمثلن ما يزيد عن 50 بالمائة من النساء المسجلات خلال كل سداسي . تعد زهرة ،صاحبة ال63 سنة ، أفضل مثال على إرادة هؤلاء النسوة ، وهي التي قررت التوجه لتعلم صناعة الحلويات بعد هذا العمر، لأنها ، كما قالت، لم تفقد يوما حبها لفن الطبخ و صناعة الحلويات، فرغم انشغالها طوال سنوات بأسرتها و زوجها، إلا أنها لم تتخل عن رغبتها في تعلم هذه الحرفة ، وهو ما دفعها إلى التسجيل بالمدرسة بعدما أتمت مهمتها كمربية و زوجة و اطمأنت على مستقبل بناتها ،على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن أسرتها هي من شجعتها بالدرجة الأولى على التسجيل في هذه المدرسة. أما نصيرة، 41سنة، التي التقينا بها بمركز التكوين المهني عريفي محمد بحي المنظر الجميل، فقد عبرت عن قناعتها بأهمية ما تقوم به ،مشيرة إلى أنها قررت الالتحاق بالمركز بعدما انبهرت بما تعلمته ابنتها داخله ،حيث اختارت تخصص الحلويات التقليدية لأنه الأقرب إلى اهتماماتها ، كما أنها لم ترد تكرار تجربة ابنتها في مجال الحلاقة و التجميل " يكفينا حلاقة واحدة في المنزل " كما علقت مضيفة بأن صفوف التخصص تضم عددا معتبرا من قريناتها وهو ما سهل عليها مهمة الاندماج بسرعة. الأمر الذي أكدته إدارة المركز من خلال حديثها عن تسجيل إقبال منقطع النظير لربات البيوت على التسجيل حيث تحصي كل سنة ما يتجاوز 70سيدة جديدة ،غالبيتهن من عديمات المستوى الدراسي اللائي يجدن في مجانية التكوين و نوعيته مصدر جذب لهن ، لدرجة أنهن أصبحن ينافسن الشابات على التسجيل لنيل الشهادة. صناعة الحلويات التقليدية استثمار مربح و مريح هذا الاهتمام الكبير بصناعة الحلويات التقليدية و الغربية و حتى المشرقية ، تجاوز مؤخرا كونه مجرد هواية أو متعة ،بل تحول إلى نشاط تجاري مربح و استثمار مضمون لما يعرفه من تزايد في الطلب خلال مواسم الأعراس و المناسبات و كذا من قبل أصحاب محلات الحلويات ، الذين يدفعون الكثير مقابل طلبيات متنوعة قد تصل أرباحها أحينا إلى 40 ألف دينار ،حسب ما أكده لنا البعض . وهو ما شجع الكثير من النساء الماكثات في البيت على تعلم صناعتها و تطوير فنون تزيينها بهدف خلق نشاط مصغر يسمح لهن مستقبلا بتحريك تجارة رابحة من منازلهن، خصوصا بالنسبة للنساء اللائي يرفض أزواجهن فكرة السماح لهن بالعمل خارج البيت ، حيث يخترن متابعة تربص قصير لمدة 6 إلى 12 شهرا بمدرسة متخصصة مقابل مبلغ 3 آلاف إلى 4 آلاف دج أو تكوينا مجانيا بأحد مراكز التمهين، للحصول على شهادة معتمدة من قبل الدولة توفر لهن فرصة طلب قروض مصغرة من أجهزة التشغيل و خلق استثمار خاص ، " بدلا من قضاء الوقت في متابعة المسلسلات " مثلما عبرت السيدة صليحة التي نجحت في افتتاح متجر لصناعة الحلويات التقليدية بأحد أحياء قسنطينة و ذلك بدعم من وكالة " اونساج" وهي تديره حاليا رفقة ابنتيها.و قد عزز النجاح الذي حققته صليحة و غيرها من النساء الأخريات في هذا المجال من التجارة، من إقبال شرائح مختلفة عليه باعتباره نشاطا مضمون الربح و مريحا بالنسبة لهن ، مما وسع من شريحة المهتمات به ، حيث وقفنا على حالات لطبيبات و محاميات و حتى معلمات دخلن هذه المنافسة بقوة و حولن صناعة الحلويات من هواية إلى تجارة رائجة.