حرفي فنان يطوع الخشب لخدمة السياحة يحترف الحرفي عزيز عطوي النجارة الفنية ، مطوعا قطع الخشب ليبدع تحفا يضفي عليها لمسة من الأصالة و الحداثة، من بينها عربات الأحصنة «الكاليش» التي ينبهر بجمالها كل من تقع عيناه عليها، و يطمح اليوم عطوي إلى توسيع حرفته الفنية،بإقامة مشاريع ناجحة بعاصمة الشرق، على غرار تجسيد مشروع نقل السياح على متن عربات «الكاليش» ، و بناء شاليهات خشبية على مستوى نصب الأموات . النصر التقت بالحرفي الشاب ، على هامش مهرجان أيام الفنون و الآداب بقسنطينة، حيث أبهر الجمهور بعرضه لعربة خشبية «كاليش»، صممها بدقة متناهية بأبسط الوسائل، فاعتقد العديد ممن زاروا جناحه، بأنها مستوردة. عزيز حدثنا عن بدايته مع فن النجارة، التي تحتاج إلى روح إبداعية و مهارة عالية ، كما أكد، مشيرا إلى أنه اكتشف موهبته و هو في سن 14، حيث كان يجمع بقايا الحطب من ورشات النجارة، و يصمم بها تحفا فنية مصغرة، كالشاليهات و البواخر و البراميل و غيرها. و أضاف المتحدث أنه التحق بعد سنتين بورشة و أصبح يشتغل في صناعة الأثاث المنزلي، إلا أن ميولاته الفنية جعلته يضفي لمسة خاصة على كل ما يصممه، فينقش الخشب بأشكال هندسية و رسومات تعبر عن موروثنا الثقافي، ما جعله يستقطب الكثيرين ممن يرغبون في تزيين منازلهم بتحف فنية خشبية. عزيز البالغ نحو 40 سنة من العمر، و الذي قضى 24 سنة منها يستعمل الخشب و المنشار و المطرقة و غيرها من الوسائل البسيطة، لصنع قطع أثاث و تزيينها، دفعه اهتمام الزبائن بفنه، إلى تصميم ما يطلبون من تحف فنية و قطع ديكور مختلفة الأشكال و الأحجام، بمساعدة صديقه عبد الرؤوف بوزيان، خاصة بعد أن فتح ورشة صغيرة . و امتد نشاطه لاحقا إلى تصميم أبواب الشقق و الفيلات بنقوش و زخارف، حسب ذوق الزبون، فيما يترك له البعض الحرية الكاملة في اختيار التصميم الأنسب، لتمتعه بذوق رفيع في مجاله. الحرفي عزيز فكر لاحقا في ممارسة حرفة قديمة تتمثل في تصميم عربات كانت تجرها في الماضي أحصنة، رغم صعوبتها، و يمر صنعها بمراحل عديدة، بدءا باقتناء المادة الأولية و هي الخشب ذات النوعية الرفيعة، كخشب الزان، بالإضافة إلى اقتناء قطع نحاسية و غيرها من المواد، ثم نقلها إلى الورشة. و هناك يقوم برسم العربة باليد، ثم يشرع في تصميمها و طلائها ، و تتطلب العملية الكثير من التركيز و الاهتمام بكافة التفاصيل، خاصة العجلات الخشبية التي يجب أن تكون متينة و المقعد الأمامي الذي يغلفه بالجلد الطبيعي، مع تزيين أبواب العربة بزخارف نحاسية، و يستعمل في عمله أدوات بسيطة كالمطرقة والمسامير و المفكات بأنواعها و المنشار و أشرطة القياس، كما قال لنا. أطمح لإقامة مشروع نقل السياح بالعربات يعتبر صنع العربات التي تجرها الخيول، حرفة قديمة اندثرت منذ أكثر من قرن، و بالتالي لم تعد تستهوي الشباب، غير أن عزيز يسعى جاهدا لرد الاعتبار لهذه الحرفة، مشيرا إلى أنه قام بصنع ثلاث عربات من هذا النوع، بألوان مختلفة ، و يسعى لاستغلالها في قسنطينة، مدينته، باعتبارها عاصمة للشرق الجزائري و منطقة لجذب السياح ، مضيفا بأنه يطمح لتحويل العربات إلى وسيلة لنقل السياح في رحلتهم الاستكشافية لمدينة الجسور المعلقة، انطلاقا من باب القنطرة، مرورا بقنطرة سيدي راشد، وصولا إلى جسر سيدي مسيد. كما يطمح لإقامة مشروع سياحي آخر بنصب الأموات، يتمثل في بناء شاليهات بالحطب لإقامة السياح، و كذا أكشاك خدماتية بتصاميم مبتكرة، و تبقى طموحات عزيز أكبر من ذلك، فهو يطمح لاستغلال أوعية عقارية لبناء بيوت خشبية، وفقا لتصاميم منازل خشبية كندية ، كما يطمح لصنع سيارة كلاسيكية، فهو يحلم بإنعاش القطاع السياحي بولاية قسنطينة، و إقامة مشاريع من شأنها أن تنهض بالقطاع. جدير بالذكر أن نشاط المتحدث لا يقتصر على النجارة الفنية، فهو يبدع في رسم البورتريهات و المناظر الطبيعية و غيرها ، و يعتبر موهبته نعمة يتمنى أن يفيد بها غيره و يستفيد، لكن طريقه لم يكن ممهدا و واجه عدة صعوبات. و أكد لنا بأنه تلقى وعودا بالحصول على الدعم من غرفة الحرف التقليدية للولاية غير أنها لم تجسد، و لا يزال يواجه عديد المشاكل، فهو لا يملك محلا لتوسيع نشاطه، و تعليم حرفته للأجيال الصاعدة ، مضيفا في ختام حديثه أنه تلقى عرضا من الجارة تونس لاقتناء عرباته، إلا أنه يفضل الاستثمار في بلده الأم.