استعاد كورنيش سكيكدة من الميناء التجاري إلى ميناء الصيد بسطوره حيويته وحركته بفعل التدفق العائلي الكبير للعائلات على رصيفه يوميا من بعد صلاة المغرب إلى الثانية صباحا أو تزيد بعد أن تحسسوا الأمن فوجدوا في الفضاء الحميمي متنفسا للنزهة والترفيه بل و للسباحة والصيد. فعلى امتداد هذا الفضاء اكتظ الرصيف بآلاف الأشخاص نساء ورجالا من مختلف الأعمار راجلين وبالسيارات وعلى الرغم من أن التفسح ليلا بالكورنيش عادة سكيكدية قديمة إلا أن الإقبال بهذا الحجم والوقت والثقة في المحيط دفعنا للتوغل ابتداء من رصيف ميناء سطورة في هذا الحشد البشري لنعرف سر هذا الحضور الكبير ودوافعه. اقتربنا من عائلة كبيرة وبادرنا الجد بالسؤال فأجاب أن هذا المكان مفعم بالبرودة والهواء الطلق على خلاف كثير من المساكن التي ترتفع حرارة غرفها في مثل هذا الوقت ولذلك تحرص العائلة على الخروج يوميا رفقة الأبناء مباشرة بعد العشاء إلى هذا الفضاء للفسحة والجلوس على حافة الطريق وغير بعيد عن هذه العائلة قال رب أسرة آخر أنه الأمن هو الذي طمأن الأسر ودفع بها للخروج فالشرطة مشكورة منتشرة في كل مكان بالزي الرسمي أو الزي المدني وبإمكانك الآن الذهاب ليلا إلى شاطئ ميرامير خلف ذاك الجبل ولا تخشى على نفسك أو مالك بعد أن ظل لسنوات مكانا مخيفا و استرسل قائلا:"هل تعلم أنهم أغلقوا كل الحانات بسطورة و قد ساهم ذلك في اختفاء من كانوا يعكرون صفو الأمن بالمنطقة تحت تأثير السكر".فالحمد لله اليوم استتب الأمن والسياحة والاصطياف ينجحه الأمن وأتمنى يقول دوام الأمن. بسطورة تقل نسبيا المقاهي والأكشاك الصيفية التي تقدم عادة المشروبات والمثلجات لكن كلما تقدمنا نحو سكيكدة و بعد اجتياز النفق الحجري تبدأ الأكشاك تظهر بقوة لكن كثيرا من المواطنين لا يأبهون بها يقولون أن أسعارها مرتفعة جدا مقارنة بالأسعار الحقيقية للمواد المباعة لذلك يتحاشاها الكثيرون ويكتفون بالتجول أو دخول المقاهي العادية وربما برر الباعة الأسعار بكون تجارتهم موسمية والأماكن التي يبيعون فيها ذات مواقع جذابة قبالة البحر. الرصفة في عمومها مجددة والإنارة العمومية متوفرة مما ينسي المصطافين مشقة المسافة التي يقطعونها دون شعور منهم وأسفل الرصيف فضلت عائلات كثيرة افتراش رمل الشاطئ بل وجدنا عائلات جلبت عشاءها معها إلى هنا وما شد انتباهنا وجود عدد كبير من السباحين في هذا الوقت من الليل اقتربنا منهم فوجدنا معظمهم أطفال صغار كلمنا آباءهم فقالوا أن خروج العائلة ليس غرضه السباحة في هذا الوقت ولكن الأطفال يستغلون الظرف ويدخرون البحر لكنهم طمأنونا بأن الأبناء تحت رقابتهم تحسبا لأي طارئ علاوة على أن مكان السباحة هنا ليس عميقا وأمواجه كسرها جدار الميناء بل وجدنا أمهات وآباء رافقوا أبناءهم وتوغلوا في البحر لحفظهم وتعليمهم فن السباحة بالمرة وبعض النساء اللواتي يتحاشين السباحة نهارا وجدن الفرصة مواتية في هذا الوقت من الليل تحت جنح الظلام أما بعض الشباب والرجال الكبار فقالوا إنهم يفضلون السباحة ليلا لأنهم يفضلون الصمت والصفاء وبعضهم منشغل نهارا لا وقت لديه للسباحة .وعلى امتداد الكورنيش فضل الكثيرون الجلوس فوق الصخور والتأمل في صمت البحر وضجيج السفن و البواخر ومناراتها وأضوائها المنبعثة من بعيد فيما انزوى آخرون لاصطياد الأسماك بالصنارة اقتربنا من بعضهم فأكدوا أن غرضهم الأساس ليس الصيد وإنما الاستمتاع وقضاء الوقت على شاطئ البحر ليلا شدنا الفضول وقررنا شاطئ سطورة قريبا من شاطئ ميرامير وعلى الرغم من قلة الحركة الاان المشهد هو ذاته من حيث جمال المناظر والمسابح وتوفر الأمن هذا الأمن الذي أعاد الطمأنينة للنفوس ودفع بالعائلات للخروج بكثافة حيث وجدنا الشباب الشابات لوحدهم والرجال والنساء والأطفال مما جعل المكان لا يختلف من حيث الأمن عن مدن الدول الساحلية الكبرى مما يؤكد أنه لا مناص لأي مدينة جزائرية أخرى ساحلية أو داخلية من توفير الأمن ان هي أرادت استقطاب السواح وإخراج العائلات إلى الأماكن العمومية والمناطق التاريخية والسياحية أنا مجرد والترويج رفع الشعارات ونقد الدهنيات فلا يكفي لتحقيق ذلك فالمواطن إذا أمن على نفسه وماله انطلق سائحا في بلده.للإشارة فان قريبا من هذه الأجواء تعاش عبر كورنيش طريق الماعز المهيأ حديثا.