إخراج زكاة الزيتون واجب جرى به العمل بالجزائر منذ قرون يؤكد الأستاذ الدكتور عبد الحق ميحي في هذا الحوار أن إخراج زكاة الزيتون واجب جرى عليه العمل بالجزائر منذ قرون؛ ليتحقق بذلك مقصد شرعي عظيم في إطعام المحتاج وتحقيق التكافل الاجتماعي، وأشار إلى أنه لا يجوز التحايل للتهرب منها كما حذر من بعض صور الفساد المالي من خلال التحايل للحصول على دعم الدولة أو تعويضات دون وجه حق. إعداد: د .عبد الرحمان خلفة * بداية نطرح سؤالا قد لا يكون له مبرر في مجتمع يتبنى المرجعية المالكية التي توجب إخراج الزكاة؛ لكن نريد أن نعرف آراء الفقهاء في مدى وجوب إخراج زكاة الزيتون؟ وما مقدار نصابه؟ الزيتون من الأشجار المباركة والثمار الطيبة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم سبع مرات بل لقد أقسم الباري سبحانه وتعالى بهذه الثمرة كما في فواتح سورة التين ولا يقسم الله تعالى بشيء إلا إذا كان ذا أهمية ومكانة، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالتعاطي مع هذه الثمرة أكلا ودهنا وتداويا . وللزيتون فوائد عظيمة ومنافع جليلة عرفته جميع الحضارات وكل الأمم والشعوب والديانات، وهو عنوان للسلام والحياة والخصوبة والنور . مسألة زكاة الزيتون من المسائل الخلافية بين الفقهاء حيث اختلف أهل العلم في زكاة الزيتون إذا بلغ نصاباً وهو ما يساوي 6.53 قنطارا هل يخرج الواجب حباً أو زيتاً أو يخرج عشر الثمن إن كان لا يسقى بكلفة ونصف عشره إن كان يسقى بكلفة؟ حيث أوجب الزكاة في الزيتون كل من الحنفية والمالكية، وهو قول الزهري والأوزاعي ومالك والليث والثوري، وهو قول الشافعي في القديم، ورواية عن أحمد، وهو مروي عن ابن عباس، ((وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاده)) بعد أن ذكر الزيتون في أول الآية. ولأنه يمكن ادخار غلته فأشبه التمر والزبيب وذهب الشافعية في الجديد وأحمد في الرواية الأخرى إلى أنه لا زكاة في الزيتون لأنه لا يدخر يابسا، أنه كالخضراوات وهي لا زكاة فيها، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع وأصح ما روي فيه الزيتون قول الزهري: مضت السنة في زكاة الزيتون أن تؤخذ، فمن عصر زيتونه حين يعصره فيما سقت السماء ففيه العشر، وفيما سقي برش الناضح نصف العشر. وقال المالكية أن ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار ينحصر في عشرين صنفا هي التمر والزبيب، وثمانية عشر صنفا من الحب؛ بيَّنها الدردير في شرح قول خليل: من حب فقال رحمه الله: ودخل فيه ثمانية عشر صنفا القطاني السبعة والقمح والسلت والشعير والذرة والدخن والأرز والعلس وذوات الزيوت الأربع الزيتون والسمسم والقرطم وحب الفجل. * طالما أن المسألة خلافية فهل من لا يخرج زكاة الزيتون لا يكون آثما؟ طالما أن المسألة خلافية فيسعنا من الخلاف ما وسع الصحابة والتابعين ولا نكران على من لم يخرج زكاته من الزيتون ولكن هناك قضايا مجمع عليها بين الفقهاء في هذه الجزئية منها أن من باع زيت الزيتون أو الزيتون وحال الحول على ما كسب فتجب الزكاة على المال قولا واحدا، كذلك إن كان رأي الحاكم وجوب إخراج زكاة الزيتون أو زيته فيجب إخراج الزكاة لأن رأي الإمام يرفع الخلاف والأولى والنظر المقاصدي يقتضي إخراج زكاة الزيتون أو زيته إما عينا أو نقدا أي قيمة لما في ذلك من مراعاة مصلحة الفقراء والمساكين وإنجاحا لمؤسسة الزكاة؛ كما أن المرجعية المالكية والعرف العملي الذي جرى عليه العمل بالجزائر من قرون يجعل إخراج الزكاة واجبا لا يستهان به؛ فيمكن القول أنه تجب إخراج الزكاة سواء قيمة أو حبا أو زيتا لأن المهم نفع الفقير وتحقيق مصلحته في المال وتطهير المال ونفس المزكي وخاصة وأن الناس اليوم توجهت إلى الاستثمار في الجانب الفلاحي ومن هذا الجانب أشجار الزيتون لأن شرط النماء موجود * عادة فإن مزارع الزيتون ينفق عليه إنفاقا خاصا كالأسمدة والمبيدات وتسقى بطرق الري الحديثة كالرش المحوري فهل تطرح من القيمة وكذا باقي الديون، وأجور العمال في مزارع الزيتون هل تحتسب من النفقات التي تطرح من النصاب ؟ النفقات المتعلقة بشراء البذور والسماد والمبيدات لوقاية الزرع من الآفات الزراعية ونحوها مما يتعلق بموسم الزروع؛ إذا أنفقها المزكي من ماله لا تحسم من وعاء الزكاة، أما إذا اضطر للاستدانة لها لعدم توافر مال عنده فإنها تحسم من وعاء الزكاة، ومستند ذلك الآثار الواردة عن بعض الصحابة، ومنهم ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وهو أن المزارع يخرج ما استدان على ثمرته ثم يزكي ما بقي. ثالثا: الأجور التي يأخذها العمال في مزارع الزيتون لا تطرح من نصاب الزكاة مهما بلغت. رابعا: ينظر في سقي أشجار الزيتون إن كانت تسقى بماء المطر ففيها العشر، وإن كانت تسقى جملة وتفصيلا بآلات السقي ووسائله المعاصرة ففيها نصف العشر، وإن كانت تسقى بالوسيلتين ينظر إلى الوسيلة الغالبة، فإن كان الغالب سقايتها بماء المطر ففيها العشر، وإن كان الغالب سقايتها بوسائل الري المعاصرة المكلفة ففيها نصف العشر، وأما إذا تساوت الجهتان فالورع يقتضي تغليب مصلحة العامة ويجب إخراجها وكأنها سقيت بماء المطر. خامسا: إذا تشارك شخصان في مزرعة زيتون فتجب الزكاة من الخارج وخاصة إذا كانت أشجار الزيتون تسقى بوسائل سقاية واحدة ولها عامل واحد، ثم يتراجعا بحسب نسبة الشركة فإن كانت الشركة مناصفة بينهما وجب على كل واحد منهما نصف النصاب عينا أو زيتا أو قيمة وإذا كانت الشركة على أساس الثلث، فيجب على صاحب الثلث ثلث النصاب والثلثان على صاحب الثلثين سادسا: لا يجُمع بين الزكاة والضريبة التي تفرضها المؤسسات الحكومية على المزارعين بحال من الأحوال. * هل الواجب إخراج الزيتون حبا أم زيتا أم قيمة؟ يقدر النصاب حبا ويخرج زيتا إما بالعشر أو نصف العشر وفق الشروط التي بيناها سابقا. * ما رأيك في لجوء بعض الفلاحين للتحايل لأخذ الدعم الفلاحي؟ كما لا يجوز التحايل لإسقاط الزكاة بأي حال من الأحوال سواء وجبت في الحب أو الزيت أو القيمة؛ لا يجوز أيضا الغش والتدليس للحصول على دعم مالي أو تعويض؛ ومن ذلك أن البعض قد يلجأ إلى التأمين الفلاحي ويؤمن على منتوجه أو أشجاره إذا رأى أن المنتوج لا يحقق ربحا كما أراد، أو يقدر أن الأشجار قد بلغت مرحلة قد لا تثمر فيلجأ إلى إتلاف المنتوج أو إحراق الأشجار من أجل أن يستفيد من التأمين الفلاحي فهذه صورة من صور الفساد المالي الذي حاربه الإسلام وهو من السحت وأكل أموال الأمة بالباطل، والله أعلم بالصواب وبالله التوفيق. الكتاب والاستثمار في الإنسان قد يستغرب القارئ الكريم استعارتنا لمصطلح »الاستثمار» من عالم المال والأعمال، لتوظيفه في الحديث عن الكتاب وعوالم الفكر والمعرفة، لنقول له باختصار شديد، لا تنسى وجود «الإنسان»، وهو المشترك بين المال والعلم، ولصاحب المال أن يفعل به ما شاء، في إطار شرعي نظيف، بعيدا عن الفساد والإفساد. لا نريد أن نذهب بعيدا، نريد فقط أن نؤكد على أهمية عودتنا للقراءة الواعية المفيدة، وتجديد العهد مع الكتاب، فهو طريق نهضتنا، لا يهم ورقيا أو إلكترونيا، المهم القراءة الواعية، علما أن الأبحاث قد كشفت الآثار السلبية للإدمان على الهواتف الذكية والألعاب الالكترونية، ودورها في تخريب الدماغ، وتتحول فاعليته لشبه منعدمة مع التقدم في العمر، لدرجة يصبح الشاب اقرب للغباء والبلادة في التفكير والسلوك. إذ يجب ألا نغرق في بناء العمران وننسى الإنسان، وإذا قال المثل الشعبي «وجوه الرجال خير من المال»، فأقول: بناء الإنسان خير من بناء العمران. العلماء المسلمون اكتشفوا الجاذبية قبل نيوتن ! وأنا أفتش بين أوراقي لتحضير ورقة عن الحضارة الإسلامية وأثرها على المدنية الغربية وجدت هذه الورقة وهي من وريقات كتابي المذكور أعلاه قصة حضارة؛ قرأت كلاما للشريف الإدريسي في كتابه : نزهة المشتاق في اختراق الأفاق قبل نيوتن بمدة وهو يذكر كلاما مفاده أن للأرض جاذبية تجذب بواسطتها مختلف الأجسام إليها؛ ثم قرات قصة مشابهة للإمام الرازي الذي عاش قبل نيوتن بمئات السنين (السادس الهجري) أخذ مدرة (طوبة) ورماها إلى السماء ثم سقطت بعد ارتفاعها ثم انتهى تفكيره إلى انه توجد قوة قاهرة تحكم على الأشياء بالانجذاب إليه؛ وهذه حقائق مدونة تكشف جليا اكتشاف العلماء المسلمين لقانون الجاذبية قبل نيوتن بمئات السنين؛ لكن التعتيم العلمي الذي يطول تاريخ الحضارة الإسلامية يحول دون ظهور هذه الحقائق.. توسيع قائمة المساجد المفتوحة تلقت بعض المساجد الصغيرة ذات استيعاب بضع مئات من المصلين منذ حوالي أسبوع قرارات ولائية بإعادة فتحها أمام المصلين؛ وتعد هذه هي المرحلة الثالثة من مراحل إعادة فتح المساجد، بعد أن تم فتح المدارس القرآنية وفق بروتوكول صحي صارم؛ ومن شأن مثل هذه القرارات أن تسهم في تطبيع الحياة الاجتماعية وتخفيف الضغط عن المساجد التي سبق فتحها. مسجد تحت الأرض بالبيض شاهد على المقاومة الثقافية والمسلحة للاستعمار تنفرد الجزائر بوجود مسجد لا يزال قائما إلى اليوم تحت سطح الأرض؛ حيث جرت العادة تشييد المساجد فوق سطح الأرض؛ لكن ظروف الاستعمار ومطارداته دفعت الشيخ «محمد بن بحوص» إلى شق الأرض وبناء هذا المسجد بمدينة «البَيَّض» سنة 1930م وقد اكتشف أمره سنة 1950 من قبل الاحتلال الفرنسي حيث اعتقل الشيخ ووضع في الإقامة الجبرية؛ واستنادا لوسائط إعلامية فقد بني هذا المسجد بعمق 6 م، ومساحة 200م وخلال 20 سنة تخرج 375 طالبا حافظا للقرآن الكريم، والتحق عدد كبير منهم بصفوف الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة، وحتى بعد استقلال الجزائر، لا يزال هذا المسجد القبلة المفضلة لسكان المنطقة لأداء صلواتهم خاصة مع ما يوفره من ظروف ملائمة في فصلي الشتاء والصيف.