القانون الأساسي وقود معركة تفتيت العظام في صراع "الفاف" أخذ السباق على رئاسة الإتحادية الجزائرية لكرة القدم في الساعات القليلة الماضية، ريتما سريعا لكن بمنعرج مغاير، جراء ارتسام المعالم الأساسية لصراع «علني» بين جناحين، الأول يسعى للظفر بعهدة ثانية تواليا، بقيادة الرئيس الحالي خير الدين زطشي، والثاني يتشكل من الحرس القديم، من المحسوبين على «جماعة رورواة»، ولو أن هذا الصراع أصبح منحصرا في محاولة كل طرف كسب «معركة» القوانين المعمول بها، لانتزاع أهم ورقة كفيلة بتعبيد الطريق نحو عرش الزعامة في قصر دالي إبراهيم، رغم أن الكرة تبقى في مرمى وزارة الشباب والرياضة، في ظل وجود تهديد رسمي من الفيفا بتسليط عقوبة على الكرة الجزائرية، بسبب هذه الإشكالية. وطفت قضية القانون الأساسي للفاف إلى السطح، كحلقة بارزة في معادلة تجديد المكتب الفيدرالي تحسبا للعهدة الأولمبية القادمة، بعد كشف مراسلة التحذير الكتابي الذي كانت الفيفا قد وجهته إلى الفاف منتصف أكتوبر 2020، لأن هذه المراسلة احتفظت بطابعها «السري» على مدار 106 أيام، رغم أن مضمونها مصيري وحاسم في مستقبل المنظومة الكروية الوطنية، وظهورها إلى العلن عبر بعض وسائل الإعلام، من بينها النصر، تزامن مع إعلان بعض الشخصيات الرياضية، عن نواياها الجادة في دخول سباق رئاسة الفاف، مما يعني بأن الجناح الحالي بقيادة زطشي يرفض التنازل عن مشعل القيادة، على اعتبار أن مراسلة الفيفا تضع الوزارة أمام الأمر الواقع، وذلك بحتمية إعتماد مشروع التعديلات المقترحة على القانون الأساسي للفاف، لتجنيب الكرة الجزائرية عقوبة الإتحاد الدولي، وهو المشروع الذي يقطع الطريق بصورة «أوتوماتيكية» أمام الحرس القديم. وفي انتظار رد فعل الوزارة، تجاه التهديدات التي كانت الفيفا قد أطلقتها في مراسلة أكتوبر الفارط، خاصة بعد انقضاء المهلة التي اعتمدتها أعلى هيئة كروية عالمية، لتبني مشروع القانون الأساسي المعدل في الكثير من مواده، تبقى معركة «تفتيت العظام» بين الجناحين المتصارعين على زعامة الفاف متواصلة، مع محاولة جناح زطشي، تمرير الإسفنجة على «فضيحة» رفض ملف الترشح لعضوية المكتب التنفيذي للفيفا، وكسب المزيد من الوقت في الشهر الأخير من العهدة الحالية، لأن استعادة التوازن بعد تلك «الصدمة» لن يكون سهلا، عقب ظهور الجناح المعارض «محليا» في الواجهة، بسعيه لاستغلال تلك القضية كورقة ضغط، مادام الأمر يتعلق بخطأ «بدائي» وضع سمعة الكرة الجزائرية على المحك. «راغبون» في الترشح يفتقدون لشرط «العضو المنتخب» تبقى لعبة شد الحبل بين الجناحين «المتصارعين» متواصلة، بخصوص القوانين التي سيتم تطبيقها عند تنظيم الإنتخابات، رغم أن الاشكال القائم يكمن في مدى حيازة بعض الأسماء، التي كانت قد سارعت إلى الإعلان عن نواياها في الترشح على «الشرعية» التي تخول لها دخول السباق، لأن القانون الأساسي المعمول به حاليا يتضمن مواد قد تكون كافية لإجراء عملية «غربلة»، في القائمة الأولية للراغبين في رئاسة الإتحادية، إنطلاقا من الشرط الأساسي، المتمثل في حيازة صفة العضوية في الجمعية العامة للفاف، على اعتبار أن القوانين التي دخلت حيز التطبيق بعد المصادقة عليها من طرف الجمعية العامة للإتحادية، في دورتها المنعقدة بتاريخ 23 أفريل 2018، تحدد في المادة 21 القائمة الرسمية لأعضاء الجمعية العامة للفاف، حيث يبقى شرط «العضو المنتخب» في الرابطة أو النادي المعيار الأول للحصول على ترخيص بالمشاركة في أشغال دورة الجمعية العامة للإتحادية، سواء تعلق الأمر برؤساء الهيئات أو ممثلين عنهم، لأن التمثيل يمر عبر كسب العضوية بالانتخاب، وعملية تجديد النوادي الكروية والرابطات الجهوية والولائية انتهت، مما يعني بأن الرؤية أصبحت واضحة. وبالاستناد إلى نفس البند في القانون الأساسي فإن تركيبة الجمعية العامة للفاف، تتشكل من رؤساء الرابطات ذات الطابع الوطني، في صورة الرابطة المحترفة، رابطة الهواة، ما بين الجهات، كرة القدم النسوية، كرة القدم داخل القاعة، والرياضة العسكرية، إضافة إلى رؤساء 48 رابطة ولائية و9 رابطات جهوية، وهي الكتلة التي تحوز على 63 مقعدا، بينما تقلص تمثيل النوادي في الجمعية العامة للإتحادية إلى 20 رئيس فريق، مادام هذا «الامتياز» يبقى مقترنا بشرط «الاحتراف»، والحضور مخول لرئيس النادي أو ممثل عنه، شريطة أن يكون منتخبا، وهو شرط تفتقده حاليا أغلب الأسماء، التي كشفت عن نواياها في الترشح لرئاسة الفاف. المادة 26 سلاح زطشي لقطع الطريق أمام الحرس القديم تضبط المادة 26 من القانون الأساسي، الشروط الواجب توفرها في أي عضو يرغب في دخول سباق رئاسة الإتحادية أو عضوية المكتب الفيدرالي، والتي تنطلق من ضرورة حيازة صفة «العضوية» الشرعية في الجمعية العامة للفاف، مرورا بالتمتع بكامل الحقوق المدنية والسياسية، وكذا العمر الذي لا يجب أن يقل عن 30 سنة، وصولا إلى المستوى الجامعي أو ما يعادله من خبرة مهنية، وممارسة مسؤولية في مؤسسة أو في جمعية رياضية لفترة 5 سنوات متتالية على أقل تقدير. وفي نفس الإطار فإن مشروع التعديلات المقترح على نصوص القانون الأساسي للفاف يبقى «أشد صرامة»، لأن الاقتراحات المقدمة للوزارة من طرف المكتب الفيدرالي الحالي تمحورت في حصر حق الرئاسة في عهدتين على أقصى تقدير، مع اشتراط التمثيل بالانتخاب في النادي أو الرابطة، وكذا إثبات ممارسة مهمة رياضية رسمية خلال السنوات الثلاث الفارطة، فضلا عن تحديد العمر عند عتبة 70 سنة كحد أقصى، مع تجريد الرؤساء السابقين للإتحادية من حق الترشح والانتخاب، والاكتفاء بصوت استشاري فقط في الجمعية العامة للفاف، وهي شروط اعتبرها المتتبعون بمثابة «مخطط» وضعه زطشي، لقطع الطريق أمام الحرس القديم، خاصة بعد كشف الثنائي وليد صادي ومحفوظ قرباج عن نواياهما الجادة في الترشح لرئاسة الإتحادية.