الدروس الخصوصية تحرم تلاميذ الابتدائي من العطلة الشتوية لم تخلص العطلة المدرسية تلاميذ الابتدائي من ضغط الدراسة، و لم تبعدهم عن أجوائها، بعدما انتظروها بفارغ الصبر من أجل اللّعب و الترفيه، و أخذ قسط من الراحة قبل العودة مجددا إلى الأقسام بنفس جديد، فقد وجدوا أنفسهم مجبرين على حضور الدروس الخصوصية، بإلحاح من أولياء يتحججون باكتفاء الأساتذة النظاميين بتقديم الدروس في القسم و تكليف التلاميذ بواجبات و تمارين منزلية دون تصحيحها و تقديم الحلول. ربورتاج / أسماء بوقرن و أوضح من جهتهم أساتذة الدروس الخصوصية، بأنهم استجابة لطلبات الأولياء، ضاعفوا حصص الدعم في العطلة، مؤكدين بأن برمجة امتحانات الفصل الأول بعد العودة إلى مقاعد الدراسة كإجراء استثنائي هذا الموسم، رفع معدل الإقبال على هذه الدروس، فيما اعتبرها نفسانيون غير ضرورية و تولد الضغط النفسي و الملل عند التلاميذ، و ما بالك إذا كانوا صغارا يدرسون في الطور الابتدائي. ينتظر تلاميذ الطور الابتدائي العطلة المدرسية بفارغ الصبر، لكي لا يستيقظون مبكرا من النوم كل صباح للذهاب إلى المدرسة و يتخلصوا من ضغط الدراسة و المراجعة و الحفظ بإلحاح من الأولياء، و لطالما كانوا يخططون للعب و المرح مع رفاقهم و ممارسة هواياتهم المفضلة، و كذا زيارة بيت الجد خلال أيام العطلة، امتثالا لتقليد متوارث عبر الأجيال ، كان الآباء و الأمهات على حد سواء، يعتبرون هذه الزيارة أفضل هدية لأبنائهم لتحفيزهم على تحقيق نتائج دراسية جيدة ، كما كانوا يخططون لتنظيم رحلات لاكتشاف الطبيعة، ما يخلف أثرا نفسيا إيجابيا عند الأطفال، حسب أخصائية علم النفس التربوي نبيلة عزوز، مشيرة إلى أن ذاك المخطط القديم للعطل كان يخفف الكثير من الضغط و القلق بالنسبة للتلاميذ الصغار و يبث فيهم نفسا جديدا لمواصلة الدراسة بعزم و اجتهاد، غير أن الالتزام بحضور دروس الدعم في العطلة، حرمهم من لذة الاستمتاع بها، مشددة على « أهمية العطلة الفصلية و تأثيراتها على نفسية التلميذ، فهو بحاجة للاستعداد النفسي والجسدي الجيد، لمباشرة فصل ثان أطول من الأول، غير أن اهتمام الولي أصبح منكبا عشية انطلاق العطلة، على البحث عن أستاذ متمكن، أو اللجوء لأستاذ المادة لكي يقدم لابنه أو ابنته دروس الدعم التي أصبحت موضة»، حسب الأخصائية. و هو ما وقفنا عليه خلال جولتنا بعدة فضاءات مفتوحة للدروس الخصوصية بالمدينة الجديدة علي منجلي و وسط مدينة قسنطينة، و كذا من خلال حديثنا لأولياء و أساتذة، فقد اعتبروا متابعة دروس الدعم عند الأساتذة النظاميين ضرورية، لضمان تحسين مستوى الطفل. أولياء يبررون : السيدة رزيقة، موظفة و أم لبنت و ولدين، أكبرهم يدرس بالسنة الرابعة ابتدائي، فيما تدرس البنت و شقيقها في الرابعة و الثانية ابتدائي على التوالي، أكدت للنصر، بأن حياتها أصبحت أشبه بكابوس، و اعتبرت الدروس الخصوصية شبحا، مشيرة إلى أنها و بالرغم من كونها متحصلة على شهادة ليسانس، غير أنها وجدت نفسها عاجزة أمام مضمون المنهاج التربوي، نظرا للتغيرات التي طرأت عليه، في إطار ما يسمى بالجيل الثاني، ما يتطلب منها وقتا مطولا لفهم و استيعاب ما تحتويه الكتب و البحث عبر النت إذا واجهت مشكلة ما، مضيفة بأنه و بحكم انشغالاتها المهنية، لا تستطيع التفرغ التام للتكفل بمراجعة كل المواد مع أبنائها، فاضطرت إلى اللجوء لأساتذة دروس الدعم. و أشارت المتحدثة إلى أنها لجأت في بداية الموسم الدراسي، إلى أقرب مكان تقدم فيه مجموعة من الشبان المتخرجين حديثا من الجامعة، دروسا تدعيمية لتسجل أبناءها، لكنها لم تلاحظ تحسنا في مستوى أبنائها، خاصة ابنها البكر، الذي أصبح ذهنه مشتتا بين ما يقدمه الأساتذة في الدروس النظامية و الخصوصية، فقد واجه صعوبات في الاستيعاب، و هو أكدته نتائج التقويم غير المرضية، و عند انتهاء الفصل قررت اللجوء لأساتذة نظاميين، نظرا لتمكنهم من برنامج الجيل الثاني و إلمامهم بمنهجية تدريسه، خلافا لغيرهم ، و كذا لتفادي الوقوع في مشكل تشتت ذهن الصغار، نتيجة تغيير الأستاذ و اختلاف الطريقة، و كذا لضمان المرافقة و المتابعة المستمرة للأبناء من قبل أساتذتهم الملمين بنقاط قوتهم و نقاط ضعفهم، خاصة في الظرف الحالي. و أشارت المتحدثة، إلى أن الأساتذة يكتفون في القسم بشرح الدروس و تقديم واجبات منزلية، لكن دون تصحيحها، بحكم تقليص الحجم الساعي، و فرض نظام التفويج، بمعدل 15 تلميذا في القسم، ما دفعها إلى تسجيل أبنائها لمتابعة دروس الدعم في الرياضيات و العربية و الفرنسية، مقابل 1200 دينار للمادة الواحدة، و حرصت أن تضاعف عدد الحصص في العطلة، تحضيرا للامتحانات التي ستجرى بعد عودة التلاميذ. قالت ياسمينة، أم لثلاثة تلاميذ في الطور الابتدائي و تلميذة في الطور المتوسط، بأنها منهكة نفسيا و جسديا، بسبب ما يسمى «دروس الدعم» التي أصبحت في نظرها ضرورية ، حتى بالنسبية لتلاميذ الابتدائي، مؤكدة بأن هاجس الدراسة يلاحقها طوال العام، خاصة و أن أبناءها ذوي مستوى محدود، ما جعلها تحرص على تسجيلهم، في بداية كل موسم لمتابعة الدروس الخصوصية، معتبرة السنة الجارية استثنائية تستدعي رعاية خاصة. و أشارت إلى أنها ماكثة بالبيت و مستواها التعليمي محدود، فلا تستطيع سوى تحفيظ أبنائها التاريخ و التربية الإسلامية و المدنية، و بخصوص حرمان أطفالها من العطلة الشتوية بسبب دروس الدعم، قالت بأن الامتحانات على الأبواب و العطلة فرصة لتدارك النقائص و ضمان نتائج حسنة. و أضافت المتحدثة أن «دروس الدعم أصبحت حتمية»، رغم تكاليفها الباهظة، حيث تدفع ما قيمته 3600 دج شهريا، لكل واحد من ابنيها المتمدرسين في السنتين الثالثة و الخامسة ابتدائي، بمجموع 7200 دينار شهريا، و هو ما حتم عليها البحث عن مصدر لتسديد هذه التكاليف، لأن دخل زوجها محدود و لا يكفي حتى لتوفير المسلتزمات الضرورية، فأصبحت تحضر العجائن التقليدية و بعض الحلويات و تبيعها، كما تقوم بشك الخرز، بالتعاون مع محلات تجهيز العرائس، من أجل توفير المال الكافي على أمل تحسين مستوى أبنائها. «الإقبال على دروس الدعم ارتفع عشية العطلة» أكدت مفيدة بوسماعث، مدرسة و مديرة أكاديمية هبة للتميز و التألق بقسنطينة، بأن الإقبال على دروس الدعم بالنسبة لتلاميذ الطور الابتدائي، زاد بشكل ملفت عشية العطلة، حيث سجلت إقبالا معتبرا من قبل الأولياء على تسجيل أبنائهم لتدارك النقائص المسجلة لديهم، قبل موعد إجراء الامتحانات. و أضافت أن أساتذة الأكاديمية حرصوا على المراجعة المكثفة للدروس، و التركيز على حل الأنشطة، بعدما أصبح التلميذ يعتمد على نفسه في حلها في المنزل، دون تصحيح الأجوبة من قبل الأستاذ، و هذا بسبب تقليص الحجم الساعي لكل مادة، ما أوقع عديد الأولياء في مأزق، و أصبحوا يطلبون من أساتذة الدعم التكفل بحل الأنشطة و التمارين و تصحيحها مع التلاميذ، لضمان متابعة الدروس التي تقدم في القسم بشكل جيد، و هذا الإشكال مطروح بحدة في مادتي الرياضيات و العربية و الفرنسية، خاصة بالنسبة لتلاميذ السنتين الثالثة و الخامسة ابتدائي، كما قالت المتحدثة. و أضافت أن انقطاع التلاميذ عن الدراسة بسبب جائحة كورونا و تبعاتها، حال دون متابعة دروس الفصل الثالث في السنة الدراسية الفارطة، و هو ما أثر سلبا على تحصيلهم العلمي، مشيرة إلى أنها بذلت قصارى جهدها لضبط برنامج مكثف للدروس خلال ثلاثة أيام فقط في العطلة، لتترك التلاميذ يستمتعون باللهو و اللعب خلال الأيام المتبقية من العطلة. أكدت من جهتها سلمى، أستاذة تعليم ابتدائي في مؤسسة نظامية، أن إجراء الامتحانات استثنائيا، بعد العطلة هذه السنة، وفقا للإجراءات المتخذة من قبل وزارة القطاع بسبب الجائحة، من أبرز الأسباب الذي دفعت بعديد الأولياء إلى تسجيل أبنائهم لمتابعة الدروس الخصوصية في العطلة، خاصة ذوي النتائج غير المرضية في التقويم و الفروض. و أضافت أن الأولياء يسعون لتدارك النقائص المسجلة عند البراعم، مؤكدة بأنها تسجل إقبالا كبيرا على متابعة دروس الرياضيات و الفرنسية، لأن فهم المادتين يتطلب الاعتماد على كتاب الأنشطة ، و عدم الاكتفاء بشرح الدروس، و أشارت إلى أن البعض يطلبون تقديم دروس فردية لأبنائهم المتمدرسين حتى بالسنة الأولى ابتدائي، موضحة بأن الإشكال الذي واجهه تلاميذ السنة الأولى ، يتمثل في كونهم لم يسجلوا في مرحلة التحضيري و التحقوا مباشرة بالمدرسة. و تابعت في سياق متصل، بأن سبب لجوء الأولياء إلى الأستاذ الذي يدرس ابنه في المدرسة، أو أي أستاذ نظامي آخر، هو ضمان المتابعة و إيصال المعلومة الصحيحة، و كذا لإلمامه ببرنامج الجيل الثاني، خلافا للمتخرجين حديثا من الجامعة، و نفت في نفس الوقت أن يكون الأستاذ هو الذي يدفع تلاميذه لمتابعة الدروس الخصوصية. نبيلة عزوز مختصة في علم النفس التربوي العطلة يجب أن تستغل في ممارسة الطفل حقه في اللعب و الراحة اعتبرت نبيلة عزوز، مختصة في علم النفس التربوي و أستاذة مختصة في تعليم التلاميذ الذين يعانون من صعوبات تعلم، أن تخصيص أسبوع فقط للعطلة قليل، و يجب ألا تستغل في الدراسة، لأن الطفل منهك و بحاجة للعب و اللهو، و أخذ قسط من الراحة، خاصة بالنسبة لتلاميذ السنة الأولى و الثانية، الذين أكدت أنهم ليسوا بحاجة إلى دروس خصوصية. و أشارت إلى أن الدروس التي لم تقدم في الفصل الثالث من السنة المنصرمة، تمكن أغلب الأساتذة من تعويضها في بداية الموسم، مشددة على ضرورة استغلال العطلة ليمارس الطفل حقا من حقوقه و هو اللعب و الراحة، مضيفة بأن استغلالها في دروس دعم دون انقطاع، ستصيب الطفل بالملل و الضغط النفسي في الفصل الثاني الذي يعد أطول من الأول، و سيصبح همه الوحيد هو مغادرة القسم ، كما يمكن أن يفقد التركيز في القسم، و على الأولياء أن يتكفلوا بتنظيم وقت مراجعة الأبناء لدروسهم في البيت، فهم لا يحتاجون لدروس الدعم. و أضافت بأننا أمام ظرف استثنائي، حيث تم تقليص السنة الدراسية إلى فصلين طويلين يطبعهما نوعا من الحشو، حسبها، مقابل عطل مدرسية مدتها أسبوع فقط، مع الاعتماد نظام التفويج ، فيدرس التلميذ يوما مقابل يوم آخر للراحة، إذ تم تخصيص 30 دقيقة، بدل 45 دقيقة لشرح و كتابة الخلاصة و إيصال المعلومة دون حل النشاطات، موضحة بأنه بإمكان الأولياء استغلال أيام الراحة خلال الأسبوع ، لحل الواجبات المدرسية، و هي تعد بمثابة مراجعة مستمرة، تجنب وقوع التلميذ في فخ الملل و تعويده على الدراسة اليومية، و تساهم كذلك في تسهيل عملية الاستيعاب و تذكر و تطبيق ما تعلمه.