تسجل الجزائر سنويا عشرات الغرقى من مختلف الأعمار، في المجمعات المائية سواء البرك أو الآبار أو الوديان و أماكن تجمع المياه المكشوفة وغيرها، ورغم العمليات التحسيسية التي تقوم بها عدة مصالح متخصصة على غرار الحماية المدنية، إلا أن هذه المجمعات المائية لاتزال تحصد أرواح الكثيرين وبخاصة الأطفال. وقد عرفت الفترة الممتدة بين مطلع الشهر الجاري و إلى غاية نهاية الأسبوع الماضي، تسجيل ثمانية غرقى في المجمعات المائية في مدة أقلها 10 أيام، وذلك عبر مختلف ولايات الوطن بين الضحايا خمسة أطفال وثلاثة أشخاص بالغين، كما أحصي وطنيا منذ ماي الماضي، أكثر من 100 غريق في المجمعات المائية، التي أصبحت برك موت محتم، في ظل استمرار نقص الوعي بخطورة السباحة فيها بين المواطنين، وهو واقع تؤكده تدخلات متكررة لمصالح الحماية المدنية على مستوى الوطن، آخرها كان قبل أسبوع بمنطقة تاونت، بخنشلة أين توفيت أربع إناث غرقا في مسطح مائي، ويتعلق الأمر بطفلتين بين عمر 12 و 16 سنة، وامرأتان تبلغان 40 و54 سنة، وكان قبلها غطاسو الحماية المدنية ببسكرة، قد تمكنوا من انتشال جثتي طفلين بعمر 6 و8 سنوات ماتا غرقا بواد الجدي بلدية مليلي. و ببومرداس الساحلية، انتشل غريق على مستوى شاطئ «ليصالين» بدائرة دلس، وهو ضحية لا يتجاوز عمره 25 سنة، كما تمكن غطاسو الحماية المدنية بدائرة الونزة بتبسة، من العثور على جثة طفل غريق عمره 10 سنوات، بعد عملية بحث وتمشيط داخل بركة مائية على مستوى المكان المسمى مشتة أولاد الواعر، ببلدية عين الزرقاء. و يرجع الدكتور باسم نوفل إبراهيم، المختص في الأوبئة والطب الوقائي، سبب الغرق في البرك المائية، إلى اختلاف الضغط داخل وخارج المياه، خاصة في البرك والمسطحات المائية والمسابح أين يكون الضغط داخل الماء مرتفعا مقارنة بالضغط الجوي خارجه، وهذا لأن المياه تكون راكدة في مساحة معينة مما يرفع الضغط الذي يؤثر على أعضاء جسم الإنسان عندما يمارس السباحة في هذه الحالة، و قد أوضح الدكتور نوفل، بأن نسبة الخطورة تتفاوت من شخص إلى آخر، فالضغط يقتل الخلايا و التشعبات الهوائية المسؤولة عن تغييرالهواء على مستوى القصبات الهوائية في الرئة، و لهذا يتعرض الشخص للاختناق نتيجة مشكل طارئ في التنفس وقد يفقد حياته تحت الماء أو حتى عند إنقاده. وأضاف الأخصائي، بأن الكثير من الإصابات في مثل هذه الحالات تكون خطيرة ولا تنفع معها الإسعافات، ما يؤدي إلى موت الشخص خارج الماء أي حتى بعد إسعافه، علما أن هكذا حوادث قد تسجل في البحر كذلك، و تقع بالأساس للغطاسين الذين يتجاوزون عمقا معينا حتى ولو كانوا مزودين بالأوكسجين، لأن توفره كما قال، لا يمنع من تضرر أنسجة الرئة وما ينجر عن ذلك من أخطار، مشيرا إلى أن هذه المشاكل لا تسجل في المسابح لأنها محمية ولأن مياهها تغير و تطهر بشكل مستمر عكس البرك. وحسب بيان نشرته مؤخرا، منظمة الصحة العالمية عبر موقعها الرسمي، فإن الغرق يعتبر ثالث أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة في جميع أنحاء العالم، إذ يقف وراء حدوث 7بالمائة من مجموع الوفيات المتعلقة بالحوادث التي تمس الأطفال بكثرة وخاصة من يعيشون قرب مصادر الماء المكشوفة مثل الخنادق أو البرك أو قنوات الريّ أو أحواض السباحة. كما أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تشهد وقوع 91بالمائة من الوفيات غير المتعمّدة المرتبطة بالغرق وهذا بسبب زيادة فرص الوصول إلى المياه. وتضمن بيان المنظمة، جملة من التدابير الوقائية لحماية الأشخاص من الغرق في مثل هذه المجمعات المائية المكشوفة بداية بضرورة تركيب الحواجز لتغطية الآبار، ناهيك عن توفير أقفاص اللعب في رياض الأطفال و تسييج المسابح و التحكم في الوصول إلى المياه و تحسين السلامة داخلها.