استعرض الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم عبد الكريم عويسي، أمس، المحاور الكبرى للسياسة البترولية والغازية للجزائر التي ترتكز أساسا على ضمان الأمن الطاقوي للبلاد على المدى البعيد من خلال تجديد احتياطات المحروقات والرفع من الإنتاج الأولي بواسطة تطوير الاستثمار وتدعيم الشراكة وكذا الاستغلال العقلاني للطاقة وترشيد الاستهلاك، مؤكدا السعي لتحويل أكثر من 50 بالمائة من الموارد البترولية الطبيعية إلى منتجات مصنعة أو نصف مصنعة. وقال الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم عبد الكريم عويسي، أمس، في كلمة ألقاها في جلسة افتتاح الطبعة العاشرة للمعرض الدولي لشمال إفريقيا للبترول "نابك 2021"، أنه وفق خارطة الطريق لقطاع الطاقة والمناجم المنبثقة عن مخطط عمل الحكومة، سيعكف القطاع على تنفيذ مخطط تثمين المحروقات من خلال تطوير الأنشطة الخالقة للثروة ومناصب الشغل، مثل البيتروكيماويات و التكرير، وفي هذا الصدد، "تسعى سوناطراك لتحويل أكثر من 50 بالمائة من الموارد البترولية الطبيعية إلى منتجات مصنعة أو نصف مصنعة". وأضاف أنه من أجل تحقيق هذه السياسة، سيشهد نشاط الاستكشاف والتطوير ديناميكية جديدة نتيجة تطبيق قانون المحروقات الجديد الذي سيسمح بمنح تحفيزات و امتيازات للمتعاملين الوطنيين والأجانب، عبر تنويع العقود البترولية إما عن طريق الامتياز أو تقاسم الإنتاج وعقود مساعدة، ومن جهة أخرى، تخفيض الجباية البترولية، حيث ستعرف إجراءات التعاقد والإجراءات الإدارية المتعلقة بالأنشطة البترولية تبسيطا كبيرا. وأضاف الأمين العام للوزارة أن قطاع الطاقة والمناجم يعمل أيضا في إطار سياسة الحكومة الرامية لتطوير وسائل الإنتاج الوطني عن طريق ضبط إستراتيجية ترمي لتغطية المنتوج المحلي وتحقيق الاندماج الوطني وترقية المناولة، بهدف المساهمة في خلق نسيج صناعي اقتصادي تنافسي والحد من الواردات وتنمية المهارات الجزائرية. وأكد السيد عويسي، أن الجزائر تواجه اليوم تحديا كبيرا يتمثل في الانتقال الطاقوي، حيث لا يمكن، حسبه، استمرار تطوير المزيج الطاقوي بنفس الوتيرة الحالية، خاصة و أن الطاقات المتجددة أصبحت حلولا ضرورية ومناسبة للتنمية المستدامة، مضيفا بأن مختلف الدول قد سارعت لإدخال مصادر جديدة في النسيج الطاقوي، و منها الهيدروجين مما يعزز الديناميكية العالمية لتطوير هذه الطاقة غير الكربونية لما لها من مزايا متعددة للحفاظ على البيئة والتقليص من الاحتباس الحراري. و اعتبر الأمين العام للوزارة، أن الصناعة البترولية والغازية تشهد حاليا مرحلة هامة تتميز بتسارع التطور العلمي والتكنولوجي، الذي يعتمد على الابتكارات والمهارات في شتى المجالات للوصول لاقتصادات أكثر ديناميكية تتميز بالابتكار والتنوع والإبداع، وفي ظل هذا الوضع، فمن الضروري، مثل ما قال، مواكبة هذه السيرورة من خلال جمع ودمج مجهودات مختلف الفاعلين على مستوى مراكز البحث مع شركات قطاع الطاقة والمناجم، وعليه "تتطلع سوناطراك لاستعمال أكثر للتكنولوجيات الحديثة خاصة تحسين نسبة الاسترجاع المدعم في حقول الإنتاج و كذلك استعمال الرقمنة و استحداث المكننة الذكية للرفع من قدرات الإنتاج والتنقيب". وأردف الأمين العام للوزارة، أن العالم يشهد حاليا ارتفاعا لأسعار الطاقة بعد الانخفاض الكبير الذي سجل في 2020 بسبب الانكماش الكبير للطلب في ظل وباء "كوفيد 19" الذي أدى لشلل شبه كلي للنشاط الاقتصادي والاجتماعي العالمي، وهذا ما أثر، على حد قوله، تأثيرا كبيرا على نمط الاستثمار ونمو الصناعة البترولية والغازية، ولكن مثلما قال، بالمقابل يسود السوق البترولية العالمية مناخ من عدم اليقين وبعض الشك بفعل مخاوف الفاعلين و الصناعيين والممونين، بسبب انتشار إستراتيجيات وسياسات لتحقيق صفر انبعاثات كربونية في آفاق 2050، و "هذه الوضعية من شأنها أن تحد من الإستثمارات في الطاقة الأحفورية مما يؤثر على مستقبل الصناعة البترولية والغازية في العالم على المديين المتوسط والبعيد". و أضاف المتحدث بأن الدورة العاشرة ل "نابك"، تعقد في سياق عالمي خاص وهذا بالتوازي مع المؤتمر ال 26 لبرنامج الأممالمتحدة للتغيير المناخي الذي يجمع معظم قادة العالم من أجل وضع حد للارتفاع الحراري وبحث سبل تقليص الانبعاثات الغازية في آفاق 2030 والوصول في منتصف القرن الحالي إلى صفر كربون. وأردف أن فضاء "نابك" هو فرصة للنقاش وتبادل وجهات النظر والرؤى بين مختلف الجهات الفاعلة في قطاع المحروقات حول مواضيع هامة تخص الوضع الحالي للصناعة البترولية والغازية وآفاق تطويرها وكذا التحديات التي تواجهها، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم والمتمثلة في جائحة كورونا، التي أثرت على كل الأنشطة الاقتصادية.