يعرف مشروع تهيئة واديي الرمال و بومرزوق بقسنطينة، المستلم جزئيا منذ أزيد من عام، تدهورا كبيرا عبر مختلف أجزائه، فقد تحوّل مساره إلى مكب للنفايات وصرف مياه الصرف الصحي كما تشكلت به كتل ضخمة من الأوحال، وهو ما تسبب في انسداده على مستوى العديد من المحاور، في حين وجهت مديرية الموارد المائية إعذارا إلى المجمع المكلف بالإنجاز، إثر عدم إتمام الأشغال، فضلا عن عدم معالجة مشكلة الانزلاقات. وقد وقفت النصر أمس، في استطلاع ميداني على تدهور كبير في مشروعي وادي الرمال و بومرزوق الممتدين على مسافة 12 كيلومترا، حيث قمنا بجولة على طول المسار لاحظنا من خلالها أن مستوى التلوث بهما تضاعف بشكل خطير، بعد تحول مجراهما إلى ما يشبه المفرغة العمومية، لاسيما على مستوى حي جنان الزيتون و بومرزوق والمنطقة الصناعية بالما. وبالمنطقة الصناعية بالما، لاحظنا أن المجرى تحول إلى مصب لمختلف أنواع النفايات الصلبة والهامدة، حيث يقوم سكان الحي القصديري برمي كل شيء سواء في الوادي أو في المساحات الخضراء المتبقية والتي أنفق على إنجازها الملايير، في حين وقفنا على وجود نفايات يظهر أن مصدرها بعض المصانع المحيطة بالوادي، لكننا لم نتمكن من تحديد نوعها باعتبار أن النزول إلى المجرى يعد أمرا غير ممكن. وفي ذات المقطع، تضاعف عدد السكنات القصديرية عند حافة الوادي على بعد سنتيمترات قليلة من المسار المخصص للراجلين وسائقي الدراجات، حيث أصبح المرور من ذلك المكان شبه ممنوع، إذ تتجول به الكلاب الضالة فضلا عن المنحرفين. و سجلنا خلال جولتنا بهذا المسار، تدهورا كبيرا في العناية بالمساحات الخضراء، حيث تآكل العشب الأخضر على طول المسار نتيجة انعدام التكفل به منذ أشهر، إذ تحولت هذه الفضاءات إلى أماكن جرداء تغطيها الأكياس البلاستيكية والفضلات، في حين وجدنا قطعانا من الأغنام تأكل ما تبقى منه على مستوى حي بومرزوق، و تم حرقه في العديد من النقاط. و سطرت السلطات هدفا بتحويل المجرى إلى مكان لتجول العائلات والرياضيين، إلا أنه تحول إلى فضاء للمنحرفين و ممارسة شتى أنواع الممارسات اللاأخلاقية، حيث وقفنا على وجود العديد من المنحرفين، فضلا عن بائعي الكحول ما يجعل من التجول به أمرا صعبا جدا، إذ ونحن نتجول اعتدى علينا منحرفون لفظيا. تحطيم للكراسي وسرقة حاويات النفايات وتم تحطيم كراس وانتزاعها من مكانها، كما تم اقتلاع أجزاء من السياج الحديدي وسرقت حاويات النفايات، حيث ذكرت مصادر من مديرية الموارد المائية، أن المشكلة تكمن في عدم تكليف مؤسسة تعنى بتسيير هذه المنشأة الكبرى، التي تتطلب تسييرا خاصا طيلة العام. و وقفنا خلال استطلاعنا بالمكان، على أن عدد شبكات الصرف الصحي العشوائية قد تضاعف، حيث تم إنجاز نقاط سوداء جديدة لتصريف المياه القذرة على مستوى المنطقة الصناعية بالما، فضلا عن النقطة السوداء للإقامة الجامعية «الفيرمة». ويعد مسار الوادي بالقرب من محطة المسافرين ومنعرج حي كاف شداد باتجاه حديقة باردو النقطة السوداء الكبرى، حيث تشكلت كتلة ضخمة من الأوحال والنفايات، تسببت في تضيق مجرى الوادي بشكل كبير زاد الأمر حدة ظهور شبه مفرغة للنفايات على مستوى المساحات الخضراء. سكان يشتكون من «كارثة بيئية» وأكد لنا سكان، بالمكان، أن مستوى التلوث ارتفع بشكل كبير حيث أن رائحة مياه الصرف الصحي منعتهم من فتح نوافذهم بعد أن ازدادت حدتها خلال هذا العام، و أشاروا إلى أنهم كانوا يعولون على هذا المشروع للتخلص من الروائح الكريهة، محذرين من خطر حدوث كارثة بيئية في حال استمرار الوضع القائم. و وقفنا على تدهور في إنجاز الإسفلت، حيث ظهرت به تشققات كثيرة، كما نمت به نباتات وحتى أشجار، وهو ما بات يطرح أكثر من علامة استفهام عن المشروع، في حين لم تستكمل الأشغال على مستوى حي الأقواس الرومانية بمحاذاة قاعدة الحياة. وما زال مشكل الانزلاق غير متكفل به على مستوى وادي بو مرزوق بالقرب من المركب الرياضي الشهيد حملاوي، حيث تمت إعادة الأشغال لمرتين بسبب الضغط الكبير للمنحدر لكن المشكلة ما تزال مسجلة. وتعد الأشغال غير المنجزة على مستوى المحطة الشرقية للمسافرين، نقطة سوداء قدمت صورة سلبية عن المدينة إذ تعد تلك النقطة واجهة لها، علما أنه لم يتبق سوى مقطع صغير يقدر طوله بحوالي كيلومتر، فقد تدهورت وضعية الوادي في تلك المنطقة التي تمتد أسفل حي بن تليس إلى غاية التقاء واديي الرمال و بومرزوق بحي كاف شداد، إذ من المنتظر أن يتم إسناد ذلك الجزء إلى مؤسسة لاستكمال ما تبقى من المشروع. وطالب منتخبو المجلس الشعبي الولائي، في آخر دورة للمجلس بضرورة الحفاظ على هذا المشروع الضخم الذي كان من المفترض أن يتحول إلى متنزه للقسنطينين، لكنه بحسبهم، أصبح مصبا للنفايات وبؤرة تلوث رغم إنفاق المئات من الملايير على إنجازه، حيث طالبوا بضرورة تدخل السلطات لإنقاذ المشروع، محذرين من تدهور أكبر له في حال استمرار «وضع الإهمال القائم». وأوضحت مديرة الموارد المائية، بوقفة آمنة، للنصر، أن المديرية وجهت إعذارا إلى مجمع الإنجاز من أجل التكفل بما تبقى من المشروع، كما ذكرت أن وضعية الوادي ليست متدهورة إذ أن المشكلة تكمن بحسبها، في عدم وضع مؤسسة لتسييره مؤكدة أنه سيتم التكفل بالأمر في أقرب الآجال. و ورد في نص الإعذار الأخير الموجه إلى مجمع الإنجاز الكوري دايو و أونيدري الجزائري، بخصوص مشروع معايرة وإعادة تهيئة الوديان بالمناطق الحضرية بقسنطينة، أن المديرية لاحظت فشل المجمع في مهمته المتمثلة في إنجاز المشروع وفقا للآجال التعاقدية، فضلا عن إهمال وترك الورشة التابعة له وكذا عدم معالجة مشكلة الانزلاقات وعدم طي قاعدة الحياة. وطالبت المديرية، بضرورة إتمام المشروع والتكفل بالانزلاقات في آجال لا تتعدى 48 ساعة، مهددة بفسخها على عاتق المجمع، علما أن الأخير استفاد من الصفقة وفقا لصيغة التراضي البسيط في بداية 2013 على أن ينجز المشروع في آجال لا تتعدى 20 شهرا. وتجدر الإشارة إلى أن المشروع كلف الخزينة العمومية ما يقارب 1500 مليار سنتيم، حيث أوكلت للمجمع الكوري عملية إنجاز 9.6 كلم، من أشغال وضع الخرسانة والتهيئة، أي ما يمثل أزيد من 70 في المائة من المشروع، أما المسافة المتبقية والبالغة 2.4 كلم، فقد أسندت للمؤسسة العمومية أونيدري.