أنتظر الضوء الأخضر لتجسيد مشروع أكاديمي تكويني بقسنطينة * أنا طبيب أسنان في «إسعافكم» في رمضان.. كشف الفنان القسنطيني نور الدين بشكري، أنه ينتظر الضوء الأخضر، للانطلاق قريبا، في تجسيد مشروع تكويني هام، من شأنه المساهمة في الارتقاء بقسنطينة مسرحيا و فنيا و ثقافيا، مضيفا أنه سيلتقي بجمهوره في شهر رمضان، عبر شاشة التليفزيون الجزائري، من خلال سيت كوم اجتماعي هزلي جديد، عنوانه «إسعافكم»، يتقمص فيه لأول مرة في مساره الفني، شخصية طبيب أسنان، كما تحدث «السايح»، كما يناديه عديد أصدقائه، نسبة إلى أحد أدواره الشهيرة، في حواره مع النصر، عن نشاطاته المتواصلة، بعد إحالته على التقاعد الإداري في 2015 من مسرح قسنطينة الجهوي، كمستشار و منظم و مكون و مؤطر في مجالات الفن و الثقافة و المسرح ، واضعا خبرة 40 عاما بين يدي من يطلبها من المسيرين و المنتجين و المخرجين و الممثلين و الجمعيات.. ألتقي بجمهوري في سيت كوم يحاكي واقع قطاع الصحة ببلادنا . النصر: هل سيرى الجمهور نور الدين بشكري في أعمال جديدة عبر شاشة رمضان 2022؟ نعم.. سأكون حاضرا هذا الموسم، من خلال سيت كوم اجتماعي خفيف عنوانه «إسعافكم»، للمخرج سفيان تساباست، و يتكون من 15 حلقة، كل حلقة مدتها 12 دقيقة، تجسد وضعية منفصلة. استغرق التصوير شهرا و نصف، ابتداء من جانفي الفارط، و تم داخل عيادة طبية متعددة الاختصاصات، بالجزائر العاصمة، و يسلط الضوء على أجواء العمل و سلوكيات العمال و الطاقم الطبي و شبه الطبي، و كذا المرضى في قاعة الانتظار، أو أثناء الفحوصات، كما نراها في الواقع المعيش، و أضفى عليها المخرج بذكاء الطابع الفكاهي. . حدثنا عن دورك، و هل اعتمدت على الارتجال في الحوار ؟ أتقمص في هذا العمل، شخصية طبيب أسنان، يعاني من ضعف البصر، مما يجعله يرتكب أخطاء عير متعمدة..و لا يخلو أدائي من لمستي الفكاهية الارتجالية أحيانا.. لتشكل إضافة خاصة للدور. علما بأن المخرج اختار ممثلين من مختلف ولايات الوطن، لتجسيد الأدوار و وقع اختياره علي، لأمثل قسنطينة، فعملنا في أجواء ودية مرحة و منسجمة. . هل ستلتقي بجمهورك الأثيري من خلال إنتاج و تنشيط حصتك الرمضانية المباشرة «بيناتنا»، عبر إذاعة قسنطينة الجهوية؟ قدمت هذا النوع من البرامج طيلة عشر سنوات فارطة، و أتمنى أن أواصل تقديمها، لأنها فاكهة رمضانية ترفيهية و تثقيفية متنوعة، لكن لحد الآن لست متأكدا أن «بيناتنا» برمجت في رمضان2022. أنا مستشار و مؤطر و موجه في قطاع الثقافة . لماذا لم نعد نراك في أعمال مسرحية و أصبح ظهورك نادرا في التليفزيون؟ أنا لا أتصل بالمخرجين و المنتجين لأقترح عليهم أداء أدوار في أعمالهم، بل هم يتصلون بي، قبل تجسيد مشاريعهم التليفزيونية و المسرحية و السينمائية و غيرها، لأقدم لهم خبرة 40 عاما، ليس كممثل فقط، بل أيضا كمسير و مستشار و منظم و مكون و مؤطر.. و بالتالي لا أزال أتعامل مع قطاع الثقافة و الفنون، مثل دور الثقافة و دار الإبداع التابعة لقصر الثقافة، و كذا الجمعيات و الفرق الهاوية، على غرار جمعية أصدقاء المسرح ، و جمعية الوفاء للتوحد و غيرها، إلى جانب إشرافي على تنظيم مهرجانات محلية و وطنية و دولية، مثل مهرجان المالوف، و مهرجان الشعر النسوي، إلى جانب تعاملي المتواصل مع مسرح قسنطينة الجهوي. و قد أشرفت على إنتاجات سينمائية و تليفزيونية كبرى، على غرار «ذاكرة الجسد» لأحلام مستغانمي، و «ابن باديس».. إلخ، كما أسعى لمساعدة و دعم زملائي الفنانين الذين يعانون من ظروف صعبة، فالجانب الإنساني و التضامني أيضا ضمن مهامي. بالنسبة للتمثيل، لم يعد من أولوياتي حاليا، لكن إذا تلقيت عرضا مناسبا أدرسه جيدا، قبل أن أوافق ، حفاظا على مكانتي في الساحة الفنية، و في قلوب أجيال من المشاهدين، فالخطأ غير مسموح به، بعد هذا المسار الطويل. . تمت إحالتك على التقاعد الإداري من مسرح قسنطينة الجهوي في 2015 ، هل ترى أن الفنان يختلف عن الموظف في القطاعات الأخرى، و يجب أن يواصل عطاءه الفني مادام قادرا على ذلك؟ الفنان كلما تقدم به العمر و زادت تجاربه و خبراته، يزيد عطاءه و يمكن أن تستفيد الأجيال الجديدة منه أكثر فأكثر، أنا فخور لأنني لحد الآن، أحظى بثقة الفنانين و المسيرين و المخرجين و تقديرهم، و يتصلون بي كلما احتاجوا إلي، لطلب الاستشارة و التوجيه و التأطير أو تسيير العروض و الإنتاج و البرامج الإدارية و التقنية و الفنية و المالية، و بالتالي التقاعد الإداري مجرد إجراء، فأنا أواصل العمل بنفس الشغف و نفس الوتيرة تقريبا. . نشرت وزارة الثقافة و الفنون قبل أسابيع بيانا يدعو الراغبين في الترشح لمنصب مدير بأحد المسارح الجهوية، إلى تقديم ملفاتهم لتتم دراستها بكل موضوعية و شفافية، ألم تفكر في الترشح؟ الكثيرون تتوفر فيهم الشروط و المؤهلات المطلوبة، و أنا معروف لا داعي إلى أن أترشح، و من يحتاجني يعرف مستواي و قدراتي و مساري المهني الثري في كل المجالات، منذ سنة 1975 إلى غاية اليوم. . ما رأيك في واقع المسرح الجزائري و لنأخذ مسرح قسنطينة الجهوي كعينة، لأنك عشت عصره الذهبي قبل عقود مع ألمع الأسماء التي صنعت مجده، كما أنك أشرفت على تسيير و إنتاج معظم الأعمال الجديدة؟ أكيد تغيرت المعطيات و الإمكانيات و الوجوه بين الأمس و اليوم، فقد ظهر في مسرح قسنطينة شباب، مستواهم عال، تابعوا تكوينا جامعيا متخصصا، و يؤطرهم ذوو خبرة في الميدان، فهذا المسرح لم يعد يسمح بالصعود فوق خشبته للهواة، و محدودي المستوى و الإبداع، فهو ليس دارا من دور الشباب، بل مؤسسة عريقة، لها هيبتها و مكانتها و تاريخها، و تنشط من هذا المنطلق. الجميل أن مسرح قسنطينة، يفتح أبوابه اليوم لكل المبادرات الكبيرة و الصغيرة، و يحرص أن تعكس الأعمال التي يعرضها، مستواه كمسرح جهوي، و مستوى المدينة، كعاصمة للعلم و الثقافة و الفن و المسرح. . اللافت أن بعض العروض المعاصرة تستقطب عائلات الفنانين و زملائهم.. و لا تجذب الجمهور العريض.. كيف يمكن أن يسترجع المسرح جمهوره الذواق الذي ساهم قبل عقود في صنع مجده و عصره الذهبي؟ أكيد الجائحة أثرت كثيرا على هذا المجال، لكن يبقى جمهور اليوم متطلب و يحرص على الفرجة و المتعة و أيضا الفائدة و نوعية الرسالة التي يمررها العمل، و لا يجذبه، بشكل عام، سوى العرض الذي يجد فيه نفسه و واقعه و انشغالاته و احتياجاته و رغباته، أما الأعمال البعيدة عن واقعه، فلا تهمه، و بالتالي لجذب الجمهور الواسع، لا بد من تقديم أعمال جيدة تفرض نفسها، و تقنع المواطن بالذهاب إلى المسرح رفقة عائلته، خاصة و أننا في عصر الإنترنت، و بإمكانه مشاهدة كل ما يريد في الوقت الذي يريد ببيته مجانا في أغلب الأحيان. و لا بد أن نقتنع بمقولة «أعطني مسرحا أعطيك شعبا مثقفا». مواكبة التطورات التقنية و الفنية العالمية للارتقاء بأبي الفنون . عديد المسرحيات التي تعرض مقتبسة من أعمال عالمية أو نصوص عربية في ظل شح النصوص المسرحية الجديدة، و محدودية مسرحة الروايات الجزائرية، ما رأيك؟ في حالات كثيرة، يلجأ المسرحيون إلى المسرحيات العالمية الجاهزة، و يقومون بتكييفها مع واقعنا الاجتماعي، خاصة و أن مؤلفيها من الأسماء الكبيرة التي لها وقع خاص يجذب الجمهور، و هذا يطبق في مختلف أنحاء العالم، لكن التنويع ضروري و مسرحة النصوص الجزائرية يثري كثيرا رصيدنا الإبداعي ، فنبقى في محيطنا و لا ننفصل عن واقعنا، لكن يجب أن نفكر من منطلق عالمي، إذا تعلق الأمر بالجوانب التقنية، فهي تتطور يوما بعد يوم، و لابد من مواكبتها ليتطور أبي الفنون ببلادنا. . لكن في السابق قدمتم روائع مسرحية بإمكانيات محدودة جدا .. أنت تعيديني بسؤالك إلى بداياتي الفنية التي كانت من المسرح المدرسي، في الطور الابتدائي، بكلية الشعب بقسنطينة، ضمن ما كان يعرف بمسرح العالم الصغير، ثم صقلت موهبتي تدريجيا بمسرح عنابة مع فلاق و حباطي و رداف و جمال دكار و غيرهم، ثم عدنا إلى قسنطينة في 1976 و في غياب مؤطرين، كنا نكون بعضنا البعض، و نكتب معا بعض الأعمال، و نقوم معا بكل الأعمال التقنية و الفنية و الإخراجية إلى جانب التسيير و الإدارة و الإنتاج و غيرها، فقد كان الممثل متكامل و شامل و متعدد التخصصات، دافعه الشغف و ليس ربح المال أو تحقيق الشهرة، كان يضحي براحته و يدفع من جيبه، و يفرط في بيته و أبنائه في أحيان كثيرة من أجل فنه، و كان يتحدى نقص الإمكانيات، بالاجتهاد و المثابرة، تعلمت كل ذلك و أكثر، خاصة من أول مخرج مسرحي محترف سيد أحمد أقومي و سليم مرابية. . كانت محطة قسنطينة للتليفزيون تستحوذ على حصة الأسد من الأعمال الكوميدية و حتى الدرامية إلى جانب المنوعات و غيرها، ضمن الشبكة البرامجية للتليفزيون الجزائري، و كنت ضمن الأسماء اللامعة التي شاركت في عديد الأعمال الناجحة، لماذا هذا الغياب؟ نعم..كانت المحطة رائدة في تقديم الأعمال الفكاهية الراقية، و أتمنى أن تسترجع مكانتها قريبا في هذا المجال. أشير هنا إلى أن هناك مشروعا لتقديم الجزء الثاني من سلسلة «ريح تور» للمخرج عزيز شولاح، تأجل لعدة سنوات، لأسباب تتعلق بالإنتاج، و هو عمل يحاكي انشغالات أبناء هذا العصر و واقعهم، في قالب فكاهي جذاب، و من المنتظر أن يجمع كافة الفنانين الذين قدموا الجزء الأول منه، الذين لا يزالوا على قيد الحياة، و أنا منهم، إلى جانب وجوه جديدة. مشروع العمر.. . لو نطلب منك تقييم مكاسبك خلال مسارك الطويل، ماذا تقول؟ أهم مكسب ليس ماديا، فمبدئي منذ بداياتي الكفاف و العفاف و الستر، و هدفي هو حب الجمهور و احترامه و تقديره، و قد حققته و الحمد لله، بصبري و اجتهادي و مثابرتي و انضباطي و تشبثي بالقيم و الأخلاق النبيلة. . مشاريعك إلى جانب مواصلة التأطير و التوجيه في قطاع الثقافة.. هناك مشروع تكويني أكاديمي طموح و مشرف، يعتبر الأول من نوعه، و أعتبره مشروع العمر لأنه سيجعل قسنطينة واجهة ثقافية، و يرتقي بها فنيا و مسرحيا. قدمت الملف منذ شهور إلى والي قسنطينة، فرحب بالمشروع، و وعدني بالمرافقة و الدعم، و بالتالي المشروع في الطريق الصحيح. أنا الآن في انتظار أن يمنحني الضوء الأخضر لأنطلق في تجسيده عن قريب إن شاء الله. بالموازاة مع ذلك، سأشرع عن قريب في تصوير دوري في فيلم اجتماعي.