توج بذهبية الألعاب العالمية في رياضة «الكاراتي دو» ونال شهادة البكالوريا في نفس الوقت، تحدى الصعاب وتمكن من تسيير أصعب سنة ستبقى راسخة في ذاكرته، حضر لمنافسات عالمية في ظروف صعبة، تحمل نزيف الأنف ورفض الانسحاب رغم الآلام، تغلب على بطل عالم كان يتابعه عبر الشاشة، تدرب مرتين في اليوم وراجع دروسه في الليل.. إنه البطل صاحب 18 سنة أنيس أيوب حلاسة ابن قسنطينة، الذي شرف الراية الوطنية في أكبر المحافل الدولية. بداية هنيئا لك التتويج بذهبية البطولة العالمية ونيل شهادة البكالوريا.. شكرا لكم، الحمد لله وفقت في تحقيق الأهداف التي سطرتها قبل بداية السنة، رغم أني قضيت أصعب سنة على الإطلاق، رغم أنها ستبقى راسخة في ذهني ما حييت. توّجت مؤخرا بذهبية البطولة العالمية للكاراتي دو، أولا كيف كانت التصفيات المؤهلة لهذه المنافسة؟ اسمح لي أولا التعريف بهذه المنافسة، هي بطولة عالمية أقيمت في مدينة برمينغهام بالولايات المتحدةالأمريكية، يشارك فيها مصارعون من كل قارة، وتم اختياري من طرف الإتحاد العالمي للكاراتي رفقة آخر من قارة إفريقيا، في بطولة تعرف مشاركة أفضل المصارعين في العالم. المصارع الكويتي أقوى من واجهت وكاد يقصيني بالقاضية كيف وجدت مستوى البطولة، وأنت الذي تشارك لأول مرة في بطولة عالمية في صنف الأكابر؟ وجب التذكير أني قمت باختبارات الوزن قبل المشاركة، وعلمت أني سأخوض نزالات مع أبطال عالميين يشاركون في هذا الوزن، والأكثر من ذلك، فإني وقعت في مجموعة صعبة جدا في الدور الأول تضم مصارعا كازاخستانيا وآخر أمريكيا ينافس في بلده، ومصارعا إيطاليا تعود على التتويجات، وتمكنت من التأهل بعد تسيير الدور الأول لقاء بلقاء. من هو المصارع الذي وجدت صعوبة في التغلب عليه خلال هذه البطولة؟ كما سبق وأن قلت، سيرت الدور الأول بنجاح، لأصطدم في نصف النهائي بمصارع كويتي قوي جدا، يعرف بطوله الفارع الذي يصل إلى متر و95 سم، كما يتميز بالشراسة والاندفاع، وأظن أنها المواجهة التي واجهت فيها صعوبة بالغة. تابعت «البرازيلي» منذ طفولتي والقدر ساقني لهزمه في النهائي على ذكر المصارع الكويتي، تعرضت لضربة قوية كادت تخرجك من المنافسة .. نعم أتذكر أني كنت متفوقا بنقطتين دون رد، وقبل نهاية النزال بعشر ثوان، تلقيت ضربة قوية على مستوى الوجه، أحدثت لي نزيفا حادا في الأنف، وتخوف الأطباء من عدم تمكني من إكمال المنازلة، وكانوا على وشك إعلان انسحابي ولكني بفضل العزيمة والتحدي واصلت، وتعمدت أثناء تلقي العلاج كسب بعض الوقت لاسترجاع قواي، خاصة وأنها كانت ضربة «قاضية»، وعدت بعد أزيد من 5 دقائق لساحة اللعب، رغم أن النزيف لم يتوقف، وأتذكر جيدا أن الحلبة كانت مليئة بالدماء، وسيرت بقية الوقت المتبقي، الذي لم يدم لأزيد من 10 ثواني، ولكنها مرت وكأنها 10 سنوات بالنسبة لي. واجهت في النهائي المصارع البرازيلي بطل العالم أربع مرات، كيف تمكن شاب يبلغ من العمر 18 سنة من التغلب على بطل صاحب خبرة ويبلغ من العمر 36 سنة؟ كنت أعرف جيدا المصارع دوغلاس سانتوس بروز، لأنه لما كان يحقق الألقاب العالمية، كنت مازلت طفلا أتابعه عبر شاشة التلفاز، وكنت من المعجبين به لأنه من أقوى الشخصيات في عالم الكاراتي دو، حضرت للمواجهة كما ينبغي ودرست نقاط ضعف وقوة منافسي، وكنت على إطلاع تام بطريقته الفريدة من نوعها، كما تسلحت بالشجاعة والثقة قبل المنازلة وكان احترامي له في الحدود ودون مبالغة، لم أكن أخشاه وأظن أنه سر تفوقي عليه، خاصة وأني كنت متفوقا عليه من البداية وسيرت المواجهة إلى آخر اللحظات، أين سجلت ثلاث نقاط كانت كفيلة بضمان الفوز. أتمنى دراسة تخصص الإعلام الآلي وأحلم بمنحة خارج الوطن يقال أن الوصول إلى القمة صعب ولكن الأصعب المحافظة عليها، ما هو طموحك الجديد بعد أن أصبحت بطلا للعالم؟ أظن أن المأمورية ستكون أصعب مستقبلا، خاصة وأن سقف طموحاتي ارتفع كثيرا، لا يمكنني أن أرضى مستقبلا بغير المرتبة الأولى في كل منافسة أخوضها، أعتبر فوزي باللقب العالمي من الماضي، وعلي أن أشرع في التحضير للتحديات القادمة، حيث سأشارك في الألعاب الإسلامية بتركيا ثم البطولة العالمية بالمجر، فبطولة العالم لأقل من 21 سنة في أذربيجان وأخيرا البطولة الإفريقية. هل توقعت أن تكون يوما ما بطلا للعالم في رياضتك المفضلة؟ منذ الصغر كنت أستهدف أن أكون بطلا للعالم وهو حلم لطالما راودني، وكنت متقينا أنه سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه حلمي، كما تخيلت من قبل أني سألاقي رئيس الجمهورية في يوم من الأيام، من أجل تكريمي على إنجاز رياضي، وهو ما تحقق قبل أيام. مدربك في المنتخب قادك للتتويج بطلا للعالم، مثلما قاد زملاءك لحصد 6 ميداليات في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، هل يمكن اعتباره كلمة السر في تألقكم هذه السنة؟ نعم، كان للمدرب المصري محمد عبد الرجال، دور كبير في هذا التتويج حيث ساعدني كثيرا لأنه كان كأخ وصديق ومدرب في نفس الوقت، وكان يركز على الجانب المعنوي، أين كان كثير المزاح وهو ما أراحني نفسيا، ولكن عند التدريبات فهو جاد كثيرا واستفدت كثيرا من خبرته، خاصة وأنه ساهم في بروز أبطال عالميين، هو مدرب من طينة الكبار، فقد ساهم في تتويج الجزائر بست ميداليات في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، منها 4 ذهبيات وأشكره كثيرا على مساهمته الكبيرة في تتويجي، خاصة وأنه منحني الثقة لفرض نفسي، في بطولة تعرف مشاركة أبطال عالميين. الجميع يشيدون بإنجازاتك، ولكن الكثير منهم يجهلون ظروف التحضيرات، هل يمكنك وصفها لنا؟ خضت التحضيرات مع فريقي نادي مستقبل قسنطينة، الذي بدأت معه مشواري الرياضي وخاصة المدرب وزملائي في الفريق، الذين كانوا يشاركونني التدريبات حتى وإن لم يكونوا معنيين بالمشاركة في بطولات، وكل التدريبات أجريت من أجلي، ورغم نقص الإمكانيات وكما ترون لا توجد غرف تغيير الملابس، إلا أنني أتدرب وفق الإمكانات المتوفرة، ونتمنى توفير قاعة مهيأة من جميع النواحي مستقبلا من أجل إتاحة ظروف أفضل للرياضيين، ومواصلة تحقيق النتائج الباهرة، وتتويج أعضاء الفريق بألقاب أخرى. لمدربي المصري فضل كبير علي تلقيت تهنئة خاصة من رئيس الجمهورية، كما كنت ضيف شرف خلال حفل تكريم المتوجين بميداليات في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، هل دار حديث شخصي بينك وبين الرئيس تبون؟ سعدت كثيرا لما علمت بأمر دعوتي من طرف رئيس الجمهورية من أجل أن أكون ضيف شرف خلال حفل تكريم المتوجين في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، شعور جميل جدا يدعو للفخر، خاصة وأني كنت أحلم بملاقاة رئيس الجمهورية، لقد هنأني كثيرا وشكرني على إهدائه اللقب العالمي، ومن هذا المنبر أشكره على هذه المبادرة التي أثرت في شخصي كثيرا، وستكون حافزا لي في قادم التحديات الدولية، كما أتمنى أن أظفر بمنحة دراسة في الخارج من أجل التحضير الجيد للمنافسات الرياضية وإكمال دراستي في نفس الوقت. فرحتي بشهادة البكالوريا تضاهي «الذهبية» ولن أنسى سنة 2022 على ذكر الدراسة ونيلك شهادة البكالوريا، كيف كنت تحضر لشهادة البكالوريا تزامنا مع مشاركتك في عدة بطولات قارية وعالمية؟ أظن أني عشت سنة معقدة، وجدت صعوبات كبيرة من أجل التوفيق بين الرياضة والدراسة، حيث أجبرت على نقل أغراضي الدراسية معي في التربصات، وكنت أتدرب مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، إلا أني أراجع دروسي في الليل، كما أني ضيعت بعض التربصات طويلة المدى التي كانت تدوم لفترة 25 يوما، وكلها كانت خارج الوطن، وأعتبر قراري بالصحيح، خاصة وأنها كانت ستؤثر على مشواري الدراسي كثيرا. هل توقعت نيل شهادة البكالوريا أمام هذه الصعاب؟ نحن في شعبة العلوم التجريبية، لما نجتاز امتحان مادة الفلسفة، يمكن لكل مترشح أن يتوقع نجاحه من عدمه، وأنا شخصيا تعاملت جيدا مع هذه المادة، وكنت على يقين أني سأنال الشهادة. ما هو الإنجاز الذي أسعدك أكثر، بين التتويج بطلا للعالم ونيلك لشهادة البكالوريا؟ لا يمكن المقارنة بينهما، كل انجاز له فرحة خاصة، من قبل سطرت أربعة أهداف لتحقيقها وهي البطولة الوطنية أكابر، شهادة البكالوريا، الألعاب المتوسطية والبطولة العالمية، ومن 4 أهداف حققت 3، لأني لم أشارك في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، كما وجب التذكير أني كنت على موعد مع أول مشاركة لي في البطولة الوطنية «أكابر»، وتمكنت من حصد الميدالية الذهبية. أناصر شباب ومولودية قسنطينة وبن سبعيني المفضل لدي ما هي الوظيفة التي كنت تحلم بمزاولتها بعيدا عن الرياضة، خاصة بعد نيلك شهادة البكالوريا؟ كنت أحب مهنة مهندس في الطفولة، ولكن تغيرت الأمور بتراجع مجالات وتطور أخرى، العالم كله يركز على الجانب الإلكتروني، أتمنى لو يتاح لي خيار تخصص الإعلام الآلي، لأني أرغب في مواصلة دراستي في هذا التخصص. العديد من متتبعي أنيس حلاسة يعرفونه كشخصية رياضية، ولكن الجانب الآخر يبقى مجهولا، كيف تقضي يومياتك وأوقات فراغك؟ كما سبق وأن قلت هذه السنة كانت صعبة، حيث تزامنت تحضيراتي للمشاركة في البطولة العالمية مع الدراسة، لم يكن لي وقت فراغ من أجل الترويح عن نفسي رفقة الأصدقاء، معظم الوقت أقضيه إما في الدراسة أو في التدريبات، حتى أنني في المنزل أثناء التحضير لاجتياز شهادة البكالوريا، كنت أجتاز في الفترة الصباحية الامتحان، وأجتاز آخر في الفترة المسائية، ولكن في الليل أتدرب في بهو المنزل من أجل المحافظة على لياقتي وهذا كله لمدة أسبوع كامل. أما في الأيام العادية، فأخلد كثيرا للنوم وأفضل استغلال أوقات فراغي في الراحة، لأني بعد التدريبات التي أقوم بها أبقى بحاجة لإراحة جسمي، رغم أني أخرج أحيانا رفقة أصدقائي بغية الابتعاد عن ضغط البطولات، وأفضل المشي رفقة الأصدقاء وأحيانا أمارس رياضة كرة القدم. ما هي الرياضة التي تفضلها بعد الكاراتي؟ على غرار جل الشباب، أحب كثيرا كرة القدم. بما أنك من هواة هذه الرياضة الأكثر شعبية، ما هو ناديك المفضل محليا؟ محليا أحب كثيرا ناديين معروفين على المستوى الوطني، ويتعلق الأمر بفريق شباب قسنطينة الذي يناصره أعمامي، وفريق مولودية قسنطينة الذي يناصره أخوالي، وأتذكر جيدا أننا كنا نعيش أجواء حماسية ورائعة، كلما لعب الداربي في السنوات الماضية. كنت أراجع دروسي خلال التربصات رغم كثافة التحضيرات وعلى المستوى الأوروبي ما هو ناديك المفضل ولاعبك المفضل؟ أنا من عشاق النادي الملكي ريال مدريد، وأعتبر لوكا مودريتش لاعبي المفضل. من تفضل في المنتخب الوطني الذي يزخر حاليا بالنجوم؟ ابن مدينتي رامي بن سبعيني هو المفضل، ويعجبني لأنه يلعب بحرارة ويمنح كل ما لديه من أجل تشريف الألوان الوطنية، وهو ما لفت انتباهي وجعلني أفضله عن غيره من النجوم. بعد موسم شاق انتهى بتحقيق سلسلة من الإنجازات، أين يفكر أنيس في قضاء عطلته الصيفية؟ رياضي الكاراتي لا يفكر أبدا في العطلة، ليس لدي الوقت حاليا، خاصة وأني أحضر للألعاب الإسلامية، أتمنى الحصول على فترة راحة بعد انتهاء هذه البطولة، رغم أني لم أحدد بعد وجهتي لقضاء العطلة. هدفي القادم ميداليات كل البطولات التي أشارك فيها لك حرية اختيار كلمة أخيرة .. أوجه رسالة شكر لكل شخص سادني ودعمني، وخاصة عائلتي ووالدي وشقيقتي، ومدربي ثابت إسكندر الذي يدربني منذ 14 سنة، وزملائي في الفريق وأصدقائي خارج التدريبات، وجريدة النصر التي رافقتني لسنوات، منذ أن كنت رياضيا في الأصناف الصغرى.