أكد أطباء، خلال فعاليات يوم تحسيسي حول مرض السكري نُظم من طرف المركز الطبي الاجتماعي الجهوي لمستخدمي الجماعات المحلية بقسنطينة مؤخرا، بأن الجزائر تتواجد ضمن قائمة الدول التي يعاني سكانها من ارتفاع نسب الإصابة بالمرض، إذ تحتل المرتبة العاشرة دوليا، وهو ما يوجب دق ناقوس الخطر، و الدعوة إلى الانتباه لمؤشرات انتشار الداء خصوصا وأن للأمر علاقة بنظام التغذية، مشددين على ضرورة التحلي بثقافة الوقاية و إجراء الفحوصات الدورية للكشف عن المرض. أمينة لشهب السكري سيخفض من متوسط عمر الجزائريين قال الأستاذ كمال حناش، رئيس جمعية الحمية والتغذية الصحية لمرضى السكري، أن المكتب الجزائري للإحصاء لسنة 2003، أكد أن متوسط العمر في الجزائر يصل إلى 75 سنة، لكن تغير النمط الغذائي للمواطن، و زيادة استهلاك الوجبات غير الصحية جعله أكثر عرضة للإصابة بداء السكري الذي يسبب شيخوخة مبكرة و بالتالي يخفض من معدل العمر خلال السنوات القادمة. وأضاف حناش، أن السكري يعد آفة صحية عالمية تصيب أكثر من 500 مليون شخص وأن نسبة انتشاره في الجزائر فاقت 14% خلال عام 2022، وهنا يجب دق ناقوس الخطر وإعادة النظر في الثقافة الغذائية للمواطن الجزائري، إذ أظهر استياءً كبيرا خاصة فيما يتعلق باستهلاك الوجبات السريعة، و دعا إلى إنشاء مطاعم مركزية صغيرة في المؤسسات الاقتصادية وكما كانت معمولا به في السابق، و ذلك للتقديم وجبات ساخنة للعمال، تتوفر على قيمة غذائية أعلى و أنفع مما ويجد في الوجبات السريعة، و نصح الأولياء إلى الانتباه إلى تغذية أطفالهم خاصة و أنه لاحظ خلال الفترة الأخير، انتشار محلات الأكل السريع بالقرب من المؤسسات التربوية، فضلا عن تزايد استهلاك التلاميذ للحلويات، ما قد يتسبب في إصابة الأطفال بالسمنة و رفع معدلات الإصابة بمرض السكري بينهم. الإجهاد العضلي و النفسي من مسببات الداء قالت الدكتورة آسيا مربوط، إن مقدمات مرض السكري هي حالة وسطية بين الحالة الطبيعية للمريض وبين النوع الثاني من مرض السكري، و الذي يُعرف بضعف تحمل الأنسولين في الدم، حيث اعتبرت أنه مرض صامت يؤدي بالمصاب إلى السكري من الصنف الثاني، ما لم تتم مراجعة الطبيب والالتزام بالحمية الغذائية. و ذكرت الطبيبة، مجموعة من المؤشرات الطبية المهمة لتشخيص أول أعراض الإصابة بمقدمات داء السكري، كأن يكون مستوى الجلوكوز في الدم أعلى من المعدل الطبيعي و أقل من عتبة التشخيص النهائي، حيث يترواح مستوى السكر لدى الشخص وهو صائم لمدة 8 ساعات، بين 1.1غرام في اللتر و1.26غرام في اللتر. وأكدت، أن هناك مؤشرات مرضية محتملة مرتبطة بمقدمات السكري، تتمثل في ظهور بقع داكنة على بعض المناطق في الجسم، قد تشمل الرقبة و الإبطين، بالإضافة إلى الشعور بالعطش الشديد و التبول المتكرر و التعب الشديد و الدوار و زيادة الشهية للأكل بالإضافة إلى فقدان الوزن، كما دعت الدكتورة، إلى تجنب العوامل التي قد تؤدي إلى عدم تحمل الأنسولين، بما في ذلك مراقبة الوزن، كون زيادة الأنسجة الدهنية في الجسم خاصة بين العضلات والبطن تزيد من احتمالية مقاومة الأنسولين، إضافة إلى استهلاك اللحوم الحمراء بشكل دائم والاقبال على السكريات مع قلة النشاط والخمول. و أضافت الطبيبة، بأن هناك بعض الحالات الجينية خاصة في العرق الإفريقي، تجعل الأشخاص ذوي البشرة السوداء أكثر عرضة للإصابة بمقدمات مرض السكري، بالرغم من عدم وضوح السبب الطبي الذي يُفسر ذلك، كما أن النساء المصابات بسكري الحمل قد تكن معرضات هن و أجنتهن بشكل أكبر لخطر الإصابة بمقدمات السكري، و كذلك الأمر بالنسبة للنساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، لأن المصابات بهذه الحالة الطبية يتميزن بفترة حيض غير منتظمة، ما قد يعرضهن إلى السمنة و المرض. و لتجنب ذلك، أوصت الدكتورة بالنوم الجيد في الليل و تجنب الإجهاد العضلي و النفسي بالإضافة إلى تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف الغذائية والتوقف عن التدخين. تزايد خطر قدم السكري وأضاف من جانبه، الدكتور أحمد جباري، أن مرضى السكري يعانون بشكل كبير من مشاكل على مستوى القدمين، إذ أن الجروح البسيطة قد تتطور ما لم يتم الاعتناء بها مسببة مضاعفات خطيرة، ما قد ينتهي ببتر القدم بسبب ما يُعرف بالقدم السكرية الناجمة عن تلف أعصاب القدمين. و أوضح ذات السياق، أن مريض السكري لا يستطيع الانتباه لهذه المشكلة، لأن ارتفاع السكر في الدم يؤثر على الأوعية الدموية مع مرور الوقت و يؤدي إلى تلف الأعصاب، ما يجعل المريض يفقد الإحساس بالألم، أي عدم الشعور بالجروح و القروح التي تصيبها، فيؤدي ذلك إلى التهابها، أما تأثر الأوعية الدموية فقد يؤدي إلى عدم إيصال كمية كافية من الدم المحمل بالأكسجين إلى القدمين، ويصعب عملية التئام الجروح و ينتهي بتعفنها، و عند وصول المصاب إلى حالة حرجة جدا، يكون الحل الطبي الوحيد هو البتر، لذلك ينصح جباري بغسل القدمين يوميا بعناية و تجفيفها بشكل جيد لتجنب ظهور الفطريات عليها، وكذا ترطيبها بالفازلين كي لا تتشقق وتحصل بها تقرحات، ناهيك عن إجراء الفحوصات الطبية الدورية للكشف عن حالة الشرايين. التغذية الصحية تمنع انتشار المرض داخل الجسم وحسب أخصائية التغذية والتغذي والحمية الصحية لمرضى السكري فريدة عواطي بمستشفى قسنطينة الجامعي، فإنه يتوجب على مريض السكري المحافظة على وزنه و على توازن السكري في الدم، و يكون ذلك كما قالت، بإتباع عادات غذائية جيدة ومدروسة، و أن يتعرف المريض على المجموعات الغذائية السبعة التي يحددها الهرم الغذائي و المتمثلة في المشي و الماء والخضر و المعجنات و الأسماك و اللحوم و الحلويات. و أشارت عواطي، إلى أن مريض السكري يستطيع أن يتناول أي طعام دون حظر لكن بكميات معقولة، و في حالة الإفراط يمكن تصحيح ذلك من خلال النشاط البدني كالمشي لمدة نصف ساعة، و أوضحت، أن فكرة الهرم الغذائي تعتمد على زيادة عدد الحصص من مجموعة الخبز و الحبوب من 4 إلى 6 حصص يوميا، بالإضافة إلى فصل مجموعة الخضروات و الفواكه إلى مجموعتين، بحيث يصل عدد الحصص التي ينصح بتناولها من مجموعة الخضروات إلى 3 حتى 5 حصص، بينما يتراوح عدد الحصص بالنسبة للفاكهة بين حصتين إلى 4 حصص يوميا، و ذلك لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة عن طريق النشويات المتوفِّرة في المجموعات الثلاث سابقة الذكر، و التقليل من تناول الدهون والملح و الكولسترول والتركيز على الألياف وعلى مريض السكري أن يركز أيضا، على أن يكون نصف طبقه مليئا بالخضروات بشرط أن لا تكون مسلوقة جيدا، لأنه كلما كانت مستوية على النار كلما كانت نسبة الجلوكوز فيها أكثر لذلك تنصح أخصائية التغذية، بأكلها في شكل سلطات كي يستفيد المريض من قيمتها الغذائية بشكل أكبر. وأضافت، أن الهدف من اتباع الحمية الغذائية لمريض السكري هو المحافظة بالدرجة الأولى على معدلات الجلوكوز و الدهون والضغط في الدم، و منع تداعيات المرض التي قد تصيب الأعضاء الأخرى من الجسم كالقلب و العين و الأعصاب والكلى، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الصحة العام، من خلال اختيارات صحية للغذاء و ممارسة نشاط رياضي بالتوازي معه. العلاج السلوكي ضروري لتقبل المرض ترى الدكتورة النفسية أميرة عليوش، أن لحظة اكتشاف مريض السكري لإصابته بالمرض قد تشكل صدمة يتبعها نوع من الإنكار، ويكون ذلك بشكل كبير عند المراهقين نظرا لتعقيد المرحلة التي يمرون بها في حياتهم و سعيهم لإثبات الذات، و تشكيل الهوية الخاصة بهم. كما تشيع هذه الحالة بين أولياء الأمور الذين لا يتقبلون مرض أبنائهم، و يكونون دائما في حالة قلق وخوف، ما يجعلهم يشعرون بالذنب و يعانون من الوساوس التي تجعلهم يراقبون أبنائهم بشكل مكثف، الأمر الذي قد يؤثر على شخصية الطفل في المستقبل و يجعله يشعر بأنه يخضع لنوع من العقاب الأبوي لمجرد أنه مصاب بالسكري، و في هذه الحالة يقوم الأخصائي النفساني كما أوضحت، بثلاث خطوات أولها علاج المساندة من خلال محاولة تخفيف أثر الصدمة و فتح المجال أمام المريض للتعبير عن هواجسه و تساؤلاته و الأفكار المسبقة التي تراوده حول المرض. وتقوم المرحلة الثانية، على محاولة إقناع المريض بمرضه و التعايش معه بشكل طبيعي و عادي خاصة من ينتقمون من أنفسهم بتعمد عدم تناول الأدوية و لا الالتزام بالحمية الغذائية و السهر و غيرها من أساليب الانتقام، التي قد تقود إلى الانتحار في بعض الحلات. وهنا يقوم الأخصائي النفسي حسبها، بعمل جلسات مع المريض لشرح الوضع و يخبره بالمضاعفات التي قد يتعرض لها بسبب سلوكه، كما يُمكن أن يستعرض أمامه تجارب أشخاص آخرين، تمكنوا من التعايش مع السكري لطمأنته نوعا ما، و يمكن في هذه المرحلة كذلك، برمجة جلسة علاج بحضور شخص مصاب بالسكري استطاع أن يتعايش مع المرض و الذي يسمى في علم النفس بالعنصر الفعال، ليحكي عن تجربته الإيجابية. أما الخطوة الثالثة، فتكمن في المقابلة الإكلينيكية للمريض، من خلال تطبيق العلاج السلوكي المعرفي، نظرا لأن المريض يكون هنا في حالة اكتئاب واضحة، فيقوم الطبيب النفسي بتوجيهه ليتقبل المرض و يستعين بأخصائي تغذية، يكمل بقية الجلسات حتى يتقبل المصاب المرض من خلال تقنية السفرولوجيا التي تبعده عن رهاب الموت، وتستخدم هنا تقنيات أخرى كالاسترخاء و العلاج الجماعي.