يسعى طلبة جزائريون، إلى دخول عالم المقاولاتية من بوابة الجامعة و تحقيق معادلة الدراسة و الاستثمار، عن طريق إطلاق أفكار لمشاريع في شتى المجالات تبنتها حاضنات الأعمال التي تم إنشاؤها عبر الوطن، لاستغلال الطاقات الطلابية و تفعيل البعد الاقتصادي للجامعة بما يسمح بخلق الثروة مستقبلا، وهو ما تعكسه أفكار لمشاريع عديدة توج بعضها نهاية السنة الماضية، في مسابقة لأحسن الابتكارات الطلابية. "النصر، تواصلت مع عدد من أصحابها ونقلت جانبا من تجاربهم". الذكاء الاصطناعي لتشخيص الزهايمر توجت مؤخرا، المهندسة في المعلوماتية الحيوية كاتيا كاديد، ابنة ولاية تيسمسيلت، رفقة زميلها عبد الفتاح معمر، مهندس في مجال الحوسبة البصرية المرئية، بالجائزة الأولى لمسابقة أحسن ابتكار في الذكاء الاصطناعي، التي نظمتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. أخبرتنا كاتيا، أن فكرة مشروعهما كانت تدور حول الكشف المبكر عن داء الزهايمر، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال الحصول على صور بالرنين المغناطيسي « إي آر آم» تحللها منصة رقمية تقدم نسبة الإصابة بالداء، بما يسهل عملية العلاج، خصوصا و أن الكشف دقيق جدا و بنسبة تصل إلى 93 بالمائة، وهي نسبة جيدة و كافية لتشخيص الأطباء للمرض.وتضيف المتحدثة، أن الفكرة كانت في بداية الأمر عبارة عن مشروع تخرج منفصل لكل واحد منهما لكن الهدف كان واحدا وهو تشخيص الداء في وقت مبكر بطريقتين مختلفتين، وعند مشاركتهما هي و زميلها في التحدي، انتبها إلى تطابق مشروعين فقررنا دمجهما معا بعد تحديد نقاط الضعف والقوة والاشتراك، فتوصلا في الأخير إلى فكرة مشروع موحد وافقت عليه اللجنة، وافتكا الجائزة الأولى، مع توجه لتفعيل فكرة المشروع ميدانيا و توسيع استخدامه مستقبلا.و استحسنت المهندسة، المبادرات التي تشجع الطلبة الجامعيين و حاملي الشهادات، على الابتكار والإبداع وتجسيد أفكارهم على أرض الواقع، بعد تدريبهم وتكوينهم في مجال المقاولاتية و تنمية الحس الريادي و تعليمهم مهارات التسيير المالي والتخطيط، و الاتصال والتسويق خلال مرحلة التخرج وبعدها. بودرة الخروب لمنتجات غذائية صحيّة وتحدثت الفائزتان بالجائزة الأولى في مسابقة « ستار تاب» تخصص أمن غذائي، وهما طالبتان بمعهد التغذية والتغذي والتكنولوجيات الفلاحية بقسنطينة أصالة عتشوم وأصالة بوقبال، عن مشروع مختلف تتمثل فكرته في إنتاج مواد غذائية طبيعية من الخروب، بتغيير مكونات بعض المنتجات التي تصنع من كميات كبيرة من الكاكاو والسكر المضر بالصحة، على غرار شوكلاطة الطلي والبسكويت والكوكيز. حيث اقترحتا، استعمال بودرة الخروب كبديل طبيعي غني بالسكريات والفيتامينات المغذية والمقوية للجسد، للحصول على منتجات صحية و بأثمان زهيدة مقارنة بالمواد المصنعة، توجه هذه المنتجات لمرضى السكري والمعنيين بالحمية والنظام الغذائي. وحسب أصالة عتشوم، فإن فكرة المشروع راودتهما بعد أن شاركتا مرارا في الصالونات التي ينظمها المعهد أين تدرسان، وقد لاحظتا إعجاب الزوار بالمنتجات واقتنائهم لها، فقررتا بذلك المشاركة في المسابقة و التسجيل على مستوى دار المقاولاتية رفقة ما يزيد عن 500 متسابق، تأهل 30 من بينهم فقط، إلى المنافسات النهائية، بعد حضور دورة تدريبية في مجال المقاولاتية وريادة الأعمال بالعاصمة، أين عرضت جميع الأفكار أمام لجنة انتقاء خاصة و في شهر ديسمبر، توج مشروعهما. وأضافت الشابة، أنه من المهم جدا أن يتكون الطالب في مجال المقاولاتية و ريادة الأعمال، وأن يتوجه من الاعتماد على التكوين الكلاسيكي إلى الإلمام بالجانب التقني و دراسة السوق و كيفية الحصول على التمويل وتحديد الميزانية اللازمة، والتمعن في المسار الاستهلاكي للزبون و معرفة كيفية التواصل معه. بدائل للصوجا في أغذية الحيوانات من جانبهما، قدمت طالبتا الدكتوراه في تخصص البيطرة بجامعة قسنطينة 1، أسماء نور الهدى بلعقون ودعاء عميرش، فكرة مشروع مبتكر في ميدان الأمن الغذائي، وذلك خلال مشاركتهما في تحدي الابتكار بين الجامعات الجزائرية المنظم مؤخرا، من طرف المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي والوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي. وتقوم فكرة المشروع، على إدراج بدائل للصوجا في غذاء الحيوانات، عن طريق تربية المائيات وقالتا إن الهدف منه هو توفير نباتات غنية بالبروتينات والمعادن، حيث سبق لهما أن قامتا بتجارب على علف الدواجن « الدجاج اللاحم» في إطار التحضير للدكتوراه، وتسعيان اليوم من خلال المشروع إلى تحقيق الأمن الغذائي. البيطريتان أكدتا، أن المشاركة في المسابقة شجعتهما على خوض مجال المقاولاتية، حيث تطمحان إلى تجسيد مشروعهما على أرض الواقع، بعد الحصول على التمويل المناسب، خصوصا وأن الولايات الداخلية مثل قسنطينة في حاجة لهذا النوع من الاستثمارات، وأضافتا أنهما افتكتا وعدا من حاضنة قسنطينة بمرافقة المشروع . * إيناس بليل مديرة حاضنة الأعمال بجامعة منتوري نضمن التدريب و تمويل و مرافقة المشاريع قالت مديرة حاضنة الأعمال بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة1، البروفيسور إيناس بليل، إن مجال المقاولاتية و ريادة الأعمال أضحى طريقا لا بد منه لكل طالب جامعي، يحمل فكرة مشروع قد يضمن مستقبله المهني، وأن مهمة الحاضنة هي مرافقة حاملي الأفكار لتسهيل تحقيقها على أرض الواقع و إنشاء مؤسسات مصغرة تقدم خدمات نفعية. وحسب المتحدثة، فإن الدولة تدرك جيدا أهمية تكوين الطالب في هذا المجال، وذلك سطرت برنامجا إستراتيجيا يعمل على متابعة ومرافقة الطلبة أصحاب الأفكار بغية تجسيدها وتحويلها إلى مؤسسات ناشئة منتجة، وهو ما تقوم عليه وحدات مشتركة للبحث أنشأت في شكل حاضنات أعمال تتواجد بجامعات الجزائر، وذلك بموجب القرار الوزاري المشترك بين وزارتي المالية والتعليم العالي والبحث العلمي الذي وضع في 5 سبتمبر سنة 2021. وتكمن الدوافع الحقيقية وراء إنشاء الحاضنات الجامعية، حسب المتحدثة، في إحداث نقلة نوعية في المجال العلمي بتطبيق الأفكار العلمية المطروحة والمتداولة في الجامعة على أرض الواقع، لحل مشاكل المجتمع، لتحقيق استراتيجية الدولة الجزائرية، حتى تكون الجامعة الجزائرية مركز إشعاع و ريادة و تساعد على خلق الثروة بفضل المشاريع المنجزة من طرف الطلبة والأساتذة وتكوين مواطن صالح و رائد أعمال قادر على إنشاء مؤسسته الخاصة وطرح منتجات محلية حديثة من شأنها تطوير النسيج الاقتصادي. كما أشارت، إلى أن مادة المقاولاتية كانت وما تزال إلى يومنا، مدرجة في المسار التكويني البيداغوجي للطلبة بمختلف تخصصاتهم العلمية والأدبية، لكن الجانب النظري لم يكن كافيا لوحده لتوجيه الطالب نحو عالم ريادة الأعمال وتحفيزه على خوض غمار التجربة، فجاء دور الحاضنة و دار المقاولاتية للقيام بأنشطة تحسيسية لمساعدة الطلبة، و توفير خلفيات واضحة عن المجال الريادي بإيجابياته وسلبياته وإخضاع المهتمين بالمجال للتدريب، من خلال الاحتكاك بأصحاب المؤسسات و التجارب الناجحة لتحفيزهم أكثر، وهذا ما ساعد على تغيير نظرة الكثيرين لعالم المقاولاتية. وتضم الحاضنة في هيكلتها كما أوضحت، مصلحة هندسة للإدارة، تعنى باستقبال ومرافقة المشاريع المبتكرة ذات الصلة بالبحث العلمي، وكذا مساعدة حاملي المشاريع لانتقاء الأفكار وبلورتها وتجسيدها على المدى البعيد، فالطالب عندما يلتحق بالجامعة على حد تعبيرها، يوجه بداية من السنة الأولى نحو الحاضنة التي تقوم باستقباله ومساعدته على تطوير فكرته حتى يستطيع تجسيدها عند بلوغه طور الليسانس أو الماستر، فيتحصل بذلك على شهادة مع إمكانية إطلاق مؤسسته خاصة، بعدما يكون قد استفاد من تدريبات ونصائح وتمويلات، زيادة على متابعة المشروع بعد انطلاقه. دعم وحماية الأفكار وبراءات الاختراع وأضافت المتحدثة، أن مصلحة هندسة الإدارة تتبعها مصالح أخرى تتمثل في دار المقاولاتية ومكتب الربط بين الجامعة والمحيط الاقتصادي والاجتماعي ومركز دعم وحماية الأفكار وبراءات الاختراع، أما ثاني مصلحة فهي الموجهة لإصلاح وأمن الأجهزة العلمية، ويتمثل دورها في صيانة الأجهزة العلمية التي تكون في متناول حاملي الأفكار من أجل تجسيدها في شكل نموذج مصغر أو أولي، إلى جانب مخبر التصنيع « فاب لاب» الذي يتم على مستواه تصنيع نماذج الأفكار المصغرة قبل تطويرها إلى مؤسسة، وهي مصالح تعمل بالتنسيق مع أخرى في الجامعة، حتى تسهل على حاملي الأفكار استعمال جميع الأجهزة العلمية المتواجدة بمخابر البحث و البيداغوجيا وكذا المنصات التقنية. أولوية للأمن الغذائي و الطاقوي و الصحي وتقدم الحاضنة كما ذكرت البروفيسور إيناس بليل تكوينات دائمة طيلة السنة حول انجاز النموذج الاقتصادي للمشروع، مع إعداد بطاقته الفنية والتقنية، إلى جانب جملة من التدريبات في التواصل والتسيير الإداري والقانوني للمؤسسة، و يمر تأطير المشتركين بمراحل عديدة، بداية بتسجيل الطالب بالحاضنة و دراسة فكرته من طرف المجلس العلمي والتمعن فيما إذا كانت مبتكرة و ذات جدوى اقتصادية، ويظل المشروع مسجلا على مستوى الحاضنة لحمايته، مع تقديم طلب للحصول على « وسم المشروع المبتكر والغير مبتكر»، وبعد عملية التوجيه والانتقاء، يتم الاتصال بأصحاب المشاريع المختارة لإخضاعهم إلى تدريبات وتكوينات بفترات معينة تتوافق مع التوقيت الدراسي وتبقى الأبواب مفتوحة أمام جميع الطلبة بمختلف تخصصاتهم وفي كافة الأطوار، كما أن المجال مفتوح أيضا، أمام الأساتذة وخريجي الجامعة. وتتنوع أفكار المشاريع المطروحة بالحاضنة، لتشمل جميع المجالات على غرار العلوم والتكنولوجيا و البيولوجيا والتغذية والكيمياء و البيطرة، و العلوم التطبيقية والتخصصات الأدبية، منها مشاريع في الحقوق واللغة الإنجليزية والترجمة، مع ذلك هناك مشاريع تحظى بالأولوية وهي تلك التي تعنى بالأمن الغذائي و الطاقة و صحة المواطن. 280 مشروعا مسجلا و أكدت بليل، أنه يوجد على مستوى الحاضنة قرابة 100 مشروع، من إعداد طلبة وأساتذة، وحوالي 280 مشروعا مسجلا لطلبة الليسانس و الماستر 2، في إطار القرار الوزاري الجديد 12 - 75، مشيرة في نفس السياق، إلى أن الحاضنة تعرف منذ شهر نوفمبر 2022، إقبالا كبيرا من الطلبة. وقالت، إن للحاضنة مؤسسات داعمة وشريكة في عملية تجسيد الأفكار على أرض الواقع، على غرار الجامعة و الوكالة الوطنية لتثمين البحث والتطوير التكنولوجي «نوفو دات»، وكذا الشريك الاقتصادي والاجتماعي و وكالات التمويل « آناد» و»أونجام» و» آساف»، ومسرع الأعمال « آفونجر» التابع لوزارة المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة وغرفة التجارة، إلى جانب « إينابي» و» أوندا» لحماية الفكرة الملموسة و غير الملموسة، حيث تم لحد الآن إيداع ست براءات اختراع مع « إينابي»، وخمس ملفات على مستوى منصة « ستارتاب ديزاد» للحصول على وسم مشروع مبتكر وكذا شهادة جواز سفر مباشر للحصول على التمويل والانطلاق في تجسيد المشروع. * سامي هباش مدير الوكالة الولائية لتسيير القرض المصغّر قروض تصل إلى 100 مليون سنتيم أكّد سامي هباش مدير الوكالة الولائية لتسيير القرض المصغر بقسنطينة، أن الطلبة الجامعيين يمثلون شريحة مهمة، تستهدفها الوكالة بغية منحهم فرصا لإنشاء مؤسساتهم الخاصة، نظرا للكفاءة العلمية والقدرات الفكرية التي يمتلكونها، وهو ما يضعهم ضمن قائمة أولويات « أونجام» فيما يخص الاستفادات من القروض المصغرة. كما أشار هباش، إلى أن مؤسسته، تقدم خدمات مالية وغير، تتمثل الأولى في منح قروض لإنشاء المشاريع يصل سقفها إلى 100 مليون سنتيم وتكون على شكل عتاد، أما الصيغة الثانية، فتعنى بالمرافقة والتكوين وتنظيم أبواب إعلامية تحسيسية، مع المشاركة في الندوات العلمية المنظمة بجامعات قسنطينة 1و 2 و3، للتقرب من الشباب الراغب في إنشاء مؤسسات خاصة. وكشف عن أربعة أنواع من الدورات التكوينية التي يستفيد منها الطلبة وكل حامل لفكرة مشروع، وذلك قبل الحصول على قسيمة التمويل بالعتاد، ليكون المعني على دراية بكيفية إنشاء المؤسسة وكذا التربية المالية الإجمالية وتنمية مهارات العرض، حتى يتمكن المستفيد من تطوير منتجات العرض ومهارات تسويق المنتج، زيادة على كيفية تسيير المؤسسات وسبل الولوج إلى السوق. 20بالمائة من طالبي القروض طلبة و تسجل الوكالة كما قال، زيادة في الإقبال بنسبة تصل إلى 15 بالمائة، حيث يمثل الطلبة الجامعيون 20 بالمائة من المجموع الكلي لطالبي القروض كما يهدف الجهاز خلال سنة 2023، إلى إبرام اتفاقية مع الجامعة، خاصة وأن التنسيق بين « أونجام» و وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات المصغرة، ارتقى بنوعية العمل والأداء، خصوصا وأن التوجه الجديد للوكالة يركز على المشاريع النوعية التي لها قابلية أكبر في النجاح. أضاف المتحدث، أن للوكالة شراكة مع المخابر العلمية للجامعة ومع دار مقاولاتية وحاضنة الأعمال ومسرعات الأعمال، حيث يرتكز التعامل اليوم على الجانب التقني وعلى هذا الأساس فقد تم تسجيل نتائج ملموسة وإقبال متزايد للطلبة و النتائج الأخيرة حسبه أخذت منحنى تصاعديا يؤكد اهتمام الطلبة بريادة الأعمال، في ظل انتشار ثقافة المقاولاتية في الأوساط الجامعية والمجتمع عموما، حيث أن العديد من حاملي الشهادات، تخلوا عن التفكير في التوظيف إلى التوجه نحو الاستثمار في المجالين الخدماتي أو الصناعي، كالإعلام الآلي والربط بالإنترنت وغيرها.