بنك معرفي يستقطب الطلبة و الباحثين تعد مكتبة جامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1، من أعرق المراكز العلمية والفكرية في المدينة، وقد كانت المكتبة ولا تزال تستقطب المئات من رواد العلم والباحثين في مجالات العلوم الدينية و السياسية و الطبية و الاقتصادية و الأدب، وذلك لما تتوفر عليه من رصيد مكتبي هام مرتب ضمن رفوف تقليدية تسمح بالتعاطي المباشر مع الورق و أخرى إلكترونية تتميز بسهولة الاستخدام، فضلا عن أن لهذا الصرح قيمة هندسية عالية فهو متفرد صممه المهندس البرازيلي أوسكار نايمار على شكل «مبراة»، و يرتبط في أذهان أجيال من الطلبة بشكل « السكانير» التسمية التي كانت تطلق على المكتبة كذلك. كنز علمي للطلبة والباحثين مكتبة منتوري، الواقعة على الطريق الرابط بين مطار محمد بوضياف و وسط المدينة لها مكانتها الفريدة بذاكرة قسنطينة العتيقة، حيث تم إنشاؤها سنة 1969، بمقتضى المرسوم رقم 69/45، المؤرخ في 17 جوان 1969، وهو تاريخ تأسيس الجامعة ذات الهندسة الرائعة والتي تشكل مبانيها مجتمعة لوحة علمية عناصرها مبراة و ثلاث محابر و قلم. وقد مرت المكتبة بمراحل انتقالية عديدة منذ تأسيسها، فأول مقر لها كان «المدرسة»، بنهج العربي بن المهيدي، ثم حولت سنة 1974 نحو عمارة الآداب، وفي 19 سبتمبر 1978 تم تدشين مقرها الحالي، حيث تحتوي المكتب المركزية1، على طابقين السفلي ويضم المصالح الإدارية الداخلية و الخارجية، أما الطابق الأرضي فيضم قاعة للمطالعة وقاعة للإنترنت وقاعة للبحث والمراجع الإلكترونية، تبلغ مساحته حوالي 21106 مترا مربعا. يبدو شكل المكتبة غريبا ولا تتضح معالمه إلا من خلال إطلالة علوية و توحي القوس الإسمنتية التي تحيط بها إلى جانب سلالمها التي تخترق الأرض، بأن المكان حجرة سرية أو سرداب، لكن و بمجرد المرور عبر رواقها الطويل، تبدأ رحلة طويلة داخل عوالم الكتاب و المجلدات القديمة. مخطوطات قديمة وطبعات أصلية بلغات العالم بدأنا جولتنا داخل هذا الصرح المعرفي، رفقة سهام رجيمي، رئيسة مصلحة بنك الإعارة وكذا السيدة صورية، رئيسة مصلحة المعالجة الفنية بالمكتبة، كانت الانطلاقة من بنك الإعارة وهو مخزن تبلغ مساحته حوالي 2512 مترا مربعا، به حوالي 180 رفا بسعة 500 ألف عنوان باللغة العربية وبلغات أجنبية أخرى منها الصينية و الروسية و الإسبانية و الإنجليزية و الايطالية و الفرنسية وما إلى ذلك، شعرنا ونحن نتنقل بين الرفوف العتيقة وتحت الإضاءة الخافتة المناسبة لأجواء القراءة، بعراقة المكان الذي تفوح منه رائحة الكتب والأوراق القديمة. أخبرتنا المرشدتان أن المكتبة تمكن الطلاب والباحثين الشغوفين بالقراءة والبحث من التنقل بين المخطوطات والمؤلفات الأصلية القديمة، وقالتا بأن بينها موارد يزيد عمرها عن قرنين من الزمن بالإضافة إلى طبعات أولى أصلية لكثير من الكتب والمجلات العربية والعالمية، كما يمكن لرواد المكان الحصول على أحدث النسخ من الكتب في جميع التخصصات، وأشارتا، إلى أنه تم نقل المخطوطات القديمة من المكتبة خوفا من أن تتعرض للتلف، لأنها تحتاج إلى أماكن مناسبة لحفظها بعيدا عن الإضاءة والرطوبة. وبحسب المتحدثتين، فإن المرفق يحتوي على مراجع علمية قيمة من جميع التخصصات وعلى قواميس ومعاجم و مجلدات أطلس و كتب السير و التراجم و المجلات، مرتبة على رفوف المكتبة حسب حجمها و تاريخ إعارتها وحسب الطلب أيضا، وأكدتا بأن الكتب التي تمر عليها مدة طويلة في المكتبة دون أن تطلب، تنقل إلى مكان آخر أو يتم إهداؤها قصد تثمين علاقات التعاون والتبادل بين المكتبات ومع الجامعات. وحسب سهام رجيمي، فإن بنك الإعارة مقسم إلى جهتين جهة مخصصة للمراجع بالكتب العربية والجهة الأخرى للمراجع باللغات الأجنبية، وكل اختصاص مقسم إلى ثلاثة أحجام مشيرة، إلى أنه تم تحويل العديد من الكتب في مختلف التخصصات إلى الكليات ذات الصلة بعد استقلال الجامعات، على غرار الاقتصاد و الطب و الصحافة. وأضافت المتحدثة، بأن المكتبة من أعرق المكتبات في قسنطنية، وقد كانت منخلا لأفكار العديد من الطلبة على مر العقود، بينهم من اعتلوا مناصب هامة ومن يقدمون الكثير للمجتمع بفضل علمهم و معارفهم. أوراق إلكترونية تواكب المكتبة التطورات الحاصلة في عالم المعرفة و تعتمد كثيرا على الإنترنت بوصفها لغة العصر كذلك، فبالقرب من بنك الإعارة، يقع بهو الفهارس الإلكترونية، أين توجد حواسيب لتسهيل عمليات البحث داخل قاعة مجهزة بشاشات سمعية بصرية وأجهزة لقراءة أقراص «الدي في دي» و»السي دي»، رصيدها الوثائقي يصنف حسب الاختصاصات ومرتب في خزائن، كما توجد أيضا، قاعة مطالعة عصرية وقاعة إنترنت مخصصة للباحثين في الدراسات العليا والأستاذة. تتوفر المكتبة بالإضافة إلى ذلك، على فضاء للبحث عن المراجع الإلكترونية، به أربعة حواسيب مخصصة للأطروحات الرقمية، وأربعة أجهزة مخصصة للإطلاع على المصادر المرجعية، وأربعة أخرى للإطلاع على الجريدة الرسمية. وحسب عثمان بلغيث، مدير المكتبة المركزية بجامعة الإخوة منتوري، فإن مصالحه تسعى دائما إلى رقمنة الصرح لمواكبة التطورات التكنولوجية في العالم، وذلك من أجل تسهيل عملية الحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية للطلبة والباحثين على حد سواء. أول مقصد طلابي للطلبة والطلبة الباحثين شدت انتباهنا خلال وجودنا في المكتبة الحركية الضعيفة للطلبة، و السبب كما أوضحته مرشدتنا سهام، هو تزامن الزيارة مع فترة الامتحانات ، مشيرة إلى أنهم يغيبون عن الصرح في هذه الفترة ويركزون على المراجعة المنزلية، لكن النشاط و التوافد يعود قويا في باقي أيام السنة. قالت لنا الطالبة مريم، سنة ثالثة ليسانس تخصص بيولوجيا، بأنها تتردد دائما على المكتبة لما تتوفر عليه من المصادر والكتب والمواد الأرشيفية التي تتناول مختلف الموضوعات المتعلقة بمجال تخصصها. اقتربنا بعدها من طلبة اختاروا المكتبة للمراجعة للامتحانات، فأخبرونا بأن المكان مناسب جدا للدراسة و يتميز بهدوء فريد نظرا لطابعه الهندسي البسيط، مؤكدين بأنهم يجدون القدرة على التركيز بعمق بعيدا بين الكتب وبعيدا عن الهواتف والحواسيب وباقي مغريات التكنولوجيا. وقال الطالب حسام سنة ثانية حقوق، إن مكتبة منتوري ما تزال تؤدي دور حاضنة الكتب التي تصارع وحش التكنولوجيا، من خلال الجمع بين الورق الملموس و الإلكتروني و تُوفير كل ما يحتاجه الطالب بالصيغتين، وعلمنا من إحدى العاملات في المكتبة، أن الإقبال لا يقتصر على طلبة جامعة منتوري فحسب، بل يشمل طلبة من جميع الجامعات نظرا للكم الهائل من الكتب النادرة والقليلة الموجودة في المكان. * عثمان بلغيث مدير المكتبة المركزية بجامعة منتوري لدينا مخطوطات تعود للحقبة العثمانية أكد عثمان بلغيث، مدير المكتبة المركزية بجامعة الإخوة منتوري، أن المكتبة المركزية تتوفر على مجموعة كبيرة من الكتب و المخطوطات و السجلات و الدوريات وغيرها وهي موارد منظمة تنظيما مناسبا لخدمة الطلاب والأستاذة الجامعيين حسب التخصصات مضيفا، بأن المكتبة تحتفظ بمخطوطات من العهد العثماني. وحسب المتحدث، فإن رسالة المكتبة هي جزء لا يتجزأ من رسالة الجامعة و المنصبة حول التعليم والبحث وخدمة المجتمع، من خلال تقديم الخدمات المكتبية لطلاب المرحلة الجامعية الأولى و الدراسات العليا، وأكد المدير، أنه يتم بناء المجموعات المكتبية المختلفة بما يتضمن توفير المقتضيات الأساسية، لقيام الجامعة بمهامها في التعليم والبحث، وذلك عن طريق الاختيار والتزويد وغيرها من العمليات المكتبية. وأوضح، أن مصالحه تعمل دائما على توفير العنصر البشري المؤهل مكتبيا و مهنيا على أن يكون حجم العاملين يسمح بتنظيم وإدارة مصادر مقتنيات المكتبة وتطويعها لخدمة التدريس والبحث ومساعدة الطلاب وهيئة التدريس في الوصول إلى المادة المطلوبة في أسرع وقت وبأقل جهد. وأشار بلغيث، إلى أنه في كل سنة يتم تنظيم معرض دولي للكتاب من طرف جامعة الإخوة منتورى، برئاسة المدير ومدير المكتبة، من أجل السير الحسن لعملية اقتناء الكتب والموسوعات العلمية والمجلات ومختلف الوثائق، مع تعيين لجنة لاختيار المقتنيات على مستوى المكتبة الجامعية المركزية، وهي لجنة توكل إليها مهام اختيار المقتنيات من مادة الوثائق، وكذا اختيار المادة العلمية الأحسن و تحديد مختلف الأوعية الفكرية الهادفة لتلبية احتياجات الطلبة والأساتذة والباحثين.