يعد اكتئاب الخريف نوعا من الاضطرابات العاطفية الموسمية، يصيب شريحة واسعة من الأشخاص، لأسباب يعتقد أن لها صلة بتقلص ساعات النهار و تساقط أوراق الشجر و انخفاض مستوى أشعة الشمس وانتهاء العطلة الصيفية، لذلك يدعو مختصون إلى اتباع نصائح للتغلب على نوبات الكآبة التي تحدث للعديد من الأشخاص. يعاني أشخاص مع دخول فصل الخريف واقتراب الشتاء، من الشعور الطاغي بالحزن و تضعف إنتاجيتهم وتنتابهم التقلبات المزاجية، فيعانون من مشكلات النوم أو اضطرابات الشهية، و يواجه البعض مخاطر قد تصل إلى الأفكار الانتحارية، ويطلق على هذا الثقب الأسود «أحزان الشتاء» و يشمل مجموعة من الأعراض قد تختلف حدتها وتأثيراتها من شخص إلى آخر، لكنها تتعلق في الأغلب بالمزاج والحالة النفسية والقدرة على الإنتاج. و تؤكد الأخصائية النفسانية هدى زياد، أن اكتئاب الخريف اضطراب نفسي مثله مثل أي مرض آخر من ناحية الأعراض وطرق العلاج، لذلك يجب الوعي بخطورته على صحة المصاب. ومن أعراض هذا الاكتئاب ذكرت الأخصائية، تدهور الحالة المزاجية وعدم الإقبال على الحياة و الشعور بالضعف و الحزن والكآبة طيلة اليوم لمدة طويلة نسبيا، بالإضافة إلى فقدان الشغف بممارسة الأنشطة والشعور بالفتور والكسل و الأرق والإفراط في الأكل وزيادة الوزن والشعور باليأس و صعوبة التركيز و الميل إلى العزلة الاجتماعية وعدم الرضا عن المظهر العام والرغبة في البكاء. وقالت زياد، إن الاكتئاب الخريفي يصيب فئة واسعة من الناس، إذ يدخل بعض من مروا بتجارب مريرة وذكريات وفاة أو صدمات عاطفية مرتبطة بهذا الفصل، في حالة كآبة وحزن سوداوي، موضحة أن الحالة النفسية للإنسان خلال فصل الخريف مرتبطة بتساقط الأوراق والتغير المفاجئ في درجات الحرارة وحالة الجو، فالأفراد حسبها، مثل الشجرة تماما يؤثر عليهم الخريف كما يؤثر عليها، ويصابون بأمراض وصداع وتعب وملل يجعلهم غير سعداء. وترى الأخصائية، أنه من الممكن أن يعاني أي شخص من الاضطراب العاطفي الموسمي بسبب تغير نشاطه، أو التوقف عن العمل كون بعض المهن لا تمارس في فصلي الشتاء والخريف كمجال البناء، لكنه مرض أكثر شيوعا بحسبها، لدى الأشخاص الذين شخصوا بالاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب، خاصة الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني الذي يرتبط بنوبات الاكتئاب والهوس الخفيف المتكررة، كما تزيد احتمالية الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي عند الأشخاص الذين لديهم تاريخ وراثي من الأمراض العقلية الأخرى كالاكتئاب أو الفصام. وأضافت، بأنه تظهر في بعض الأحيان على المصابين اضطرابات الشهية التي تؤثر مباشرة على الوزن سواء بالزيادة أو النقصان، وفي بعض الحالات الخطرة قد يتفاقم الأمر ليصل إلى وجود أفكار متعلقة بالرغبة في الموت أو الانتحار. وتنصح الأخصائية، باستشارة الطبيب المختص في حال دخول المصاب في حالة اكتئاب خريفي لمدة طويلة تتجاوز 3 أشهر، لأن علاجه يتطلب أدوية مضادة للاكتئاب، نظرا لأن الاضطراب العاطفي الموسمي مثل الأنواع الأخرى من الاكتئاب، يرتبط باضطرابات في نشاط السيروتونين. من جهته، أكد الأخصائي النفساني مليك دريد، أن الاكتئاب الموسمي هو شكل من أشكال الاكتئاب الذي يتميز بتقلبات مزاجية تكون متزامنة مع تقلب حالة الطقس، مضيفا بأن هذه الحالة تحدث لدى فئة من الناس في بداية فصل الخريف وفي فصل الشتاء مع تحسن المزاج في فصلي الربيع والصيف. وتتكرر بحسب المختص، أكثر عند النساء مقارنة بالرجال كما تشمل جميع الفئات العمرية وتتدخل فيها عوامل كثيرة، أهمها الموقع الجغرافي إذ أن الأشخاص الذين يقيمون في المناطق التي يكون فيما موسم الشتاء أطول وأشعة الشمس أقل، يكون سكانها أكثر عرضة للاكتئاب الموسمي.وأضاف دريد، أنه بالرغم من أن أسباب الاكتئاب الموسمي لاتزال غير معروفة بشكل دقيق، إلا أن بعض الفرضيات تتحدث عن الأسباب العصبية، حيث أن انخفاض أشعة الشمس قد يؤثر على معدل إفراز هرموني «السيروتونيم» و»الدوبامين» المسؤولين عن الحالة المزاجية، مشيرا في ذات السياق، إلى أن علاج المصاب بالاكتئاب الخريفي يتم من خلال المتابعة النفسية والسلوكية وتناول الدواء. وللتخلص من كآبة فصل الخريف، يجب أن يعرف المرء حسبه، بأن ما يمر به هو أمر موسمي لابد له وأن ينتهي، لذلك يستحسن الاستمتاع بكل الفصول وعدم الاستسلام للمشاعر المؤقتة، كما يجب الخروج والتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة. مشددا على ضرورة ممارسة الرياضة والخروج من المنزل والجلوس مع الأهل، لأنها نشاطات تمد المصاب بطاقة إيجابية. النظام الغذائي يعزز الصحة النفسية ويحسن المزاج يحاول معظم الأشخاص السيطرة على حالتهم النفسية بأنفسهم، وإيجاد أسلحة مصاحبة للأدوية أو بديلة عنها لمواجهة الأمراض النفسية، وأحد أهم هذه الأسلحة هو الطعام، كونه يلعب دورا مهما في تعديل الحالة المزاجية، فإما يترك الإنسان في حالة ركود أو يعطيه دفعة من الطاقة الإيجابية التي تحسن حالته النفسية، حسب ما أكده أخصائيون. وحسب موقع منظمة «مايند»، فإن الاهتمام بالعلاقة بين الصحة النفسية والتغذية قد ازداد في الآونة الأخيرة وأصبح موضوعا يدرج في العديد من الأبحاث العلمية، التي توصل بعضها إلى أن الكيمياويات الدماغية التي تتضمن «السيروتونين» و»الدوبامين» تتأثر بالطعام الذي يتم تناوله وتلعب دورا أساسيا في تحديد أسلوب التفكير والمشاعر والسلوكيات وتؤدي الكيمياويات الموجودة في بعض الأطعمة، كالألوان والنكهات الاصطناعية إلى ردود أفعال غير طبيعية في بعض الحالات، كما يؤثر نقص الدهون الحمضية، «فيتامينات» أو «معادن معينة» سلبا على الصحة النفسية، فعلى سبيل المثال، خلصت الدراسات إلى أن هناك ارتباطا بين وجود مستويات قليلة من فيتامينات معينة من فئة «ب» والإصابة بأعراض الفصام، وارتباطا بين وجود مستويات قليلة من الزنك والإصابة باضطرابات الطعام، وارتباطا بين النسب القليلة من زيوت أوميجا 3 والإصابة بالاكتئاب. ومن الجدير بالذكر، حسب أخصائية التغذية سارة بوشكيط، أن الأحماض الذهنية الأساسية، وخصوصا الحمض الذهني «أوميجا 3»، الذي يتوفر في الأسماك الغنية بالزيوت كالسردين، يعتبر عنصرا هاما كونه يساعد الدماغ على تأدية وظائفه بشكل صحي، كما أن بذورا معينة من ضمنها بذور القرع وبذور دوار الشمس، بالإضافة إلى المكسرات كالجوز التي تعتبر من المواد الغذائية الهامة لتحسين المزاج. وقالت، إن النظم الغذائية التي أظهرت وقاية من اضطرابات الصحة النفسية أو أسهمت في علاجها، كان العامل المشترك بينها هو احتواؤها على كمية كبيرة من الفواكه والخضراوات والألياف والحبوب الكاملة، كما تشير التقارير الطبية الصادرة عن مختلف الجهات الوصية، بأن تناول وجبة الإفطار بانتظام مفيد لتحسين الحالة المزاجية و الذاكرة وتوفر الطاقة طوال اليوم، وتزيد الشعور بالهدوء، خصوصا إذا كانت الوجبة غنية بالألياف والبروتينات قليلة الدسم والدهون الجيدة والكربوهيدرات الموجودة في الحبوب الكاملة. وثبت علميا حسبها، بأن اتباع حميات غذائية مدروسة وموثوقة يحسن جدا من الحالة المزاجية، حيث أن أغلب الحميات الغذائية الصحية تعتمد على الخضروات والفواكه والمكسرات والأطعمة الغنية بالدهون الصحية، وهذا ما يجعلها مفيدة للحالة المزاجية. وذكرت تقارير، بأنه يوجد 20 نوعا من هرمونات السعادة «والأندروفين» هو الأكثر شهرة بينها، حيث تندرج تحته 5 هرمونات «الدوبامين» و»السيروتونين» و»الأوكسايتوسين» و»الأستروجين» و»البروجسترون». وكل هذه الهرمونات تمنح الإحساس بالسعادة، وقد تعزز أطعمة عديدة إفراز هذه الهرمونات، منها الشوكولاطة والقهوة والسكريات الصحية الموجودة في الفواكه، و الشوكولاطة الداكنة قليلة السكر والأطعمة السريعة. لينة دلول