توجت أشغال الدورة الثامنة للجنة المشتركة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، أمس الثلاثاء ببكين، بالتوقيع على محضر من شأنه أن يشكل «لبنة للتعاون الثنائي خلال السنوات المقبلة ووثيقة هامة لتجسيد ما يصبو إليه البلدان»، وفقا للوزارة. ترأس وزير السكن والعمران والمدينة، محمد طارق بلعريبي، أمس ببكين، أشغال الدورة الثامنة للجنة المشتركة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، مناصفة مع وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، حسبما أفاد به بيان للوزارة. وخلال أشغال هذه الدورة، تم استعراض الجهود المبذولة «للارتقاء بالعلاقات الثنائية التي تم تشييدها على مر السنين، والتي أكدتها زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى الصين شهر جويلية المنصرم، حيث كانت مخرجاتها مثمرة لكلا الطرفين»، وفقا للمصدر نفسه. وفي هذا الصدد، قام الجانبان بتقييم حصيلة التعاون بين البلدين الصديقين، في شتى المجالات، وتباحث آفاق جديدة للارتقاء بهذه العلاقات الثنائية وتشجيع المبادرات القائمة على أساس الاستثمار المباشر والمشترك عبر تكريس مبدأ «رابح-رابح». وفي كلمة ألقاها بهذه المناسبة، دعا السيد بلعريبي الطرفان «إلى بذل الجهود اللازمة من أجل ترجمة النتائج التي تم التوصل إليها على أرض الواقع، على نحو يضمن المزيد من التألق والديمومة لعلاقات الصداقة التقليدية والتضامن والتعاون التي تجمع الجزائروالصين، واللذان يسعيان بكل ثقة إلى تجسيد إنجازات هامة في المستقبل». كما عبر الوزير عن ارتياحه «لاستعداد الجانبين تدعيم الإطار القانوني الثنائي من خلال التوقيع على مستندات قانونية جديدة ستعطي، من دون شك، دفعا أكبر وديناميكية أكثر للعلاقات الثنائية وستفتح آفاقا أوسع للتعاون». وعبر الطرفان الجزائريوالصيني عن «ارتياحهما التام للمخرجات المثمرة التي جاءت بها هذه الدورة»، لاسيما وأن «مختلف المحاور التي تم تسطيرها تعبر عن إرادتهما المشتركة لتكريس طابع ملموس يعود بالفائدة على البلدين والشعبين الصديقين»، حسب البيان الذي أشار إلى أن التعاون الثنائي يشمل عدة مجالات حيوية من بينها الزراعة والطاقة والصناعة والصحة والطاقات المتجددة والمواصلات وقطاع الخدمات، وكذا المنشآت القاعدية. وتوجت هذه الدورة بالتوقيع على محضر من شأنه أن يشكل «لبنة للتعاون الثنائي خلال السنوات المقبلة ووثيقة هامة لتجسيد ما يصبو إليه البلدان»، وفقا للوزارة. يذكر أن أشغال الدورة الثامنة للجنة المشتركة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، تزامنت وإحياء الذكرى ال65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. بلعريبي يدعو المؤسسات الصينية إلى تكثيف استثماراتها في الجزائر وفي كلمة ألقاها خلال أشغال الدورة الثامنة للجنة المشتركة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، أكد السيد بلعريبي أن «الجزائر التي تثمن عاليا المساهمة الكبيرة للشركات الصينية في إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية كالطريق السيار شرق-غرب وجامع الجزائر والبرامج السكنية، تدعو بإلحاح المؤسسات الصينية إلى تعزيز وتقوية استثماراتها المباشرة والتي تبقى دون المأمول». ومن بين القطاعات المقترحة في هذا الإطار، أشار الوزير على وجه الخصوص إلى قطاعات الطاقة والمناجم، النقل الجوي والبحري والسكك الحديدية، المنشآت القاعدية، الصناعة بشتى شعبها، الفلاحة والري وتربية المائيات، التكنولوجيات الحديثة والرقمنة، السكن والعمران وتهيئة الإقليم، إضافة إلى قطاع السياحة حيث يتعين تسهيل تنقل السياح الصينيين إلى الجزائر. ودعا السيد بلعريبي، في هذا السياق، إلى تفعيل فريق العمل المشترك لتنفيذ اتفاقية تعزيز القدرات الإنتاجية، والذي اعتبره «من أنجع السبل للتجسيد الفعلي لتصور البلدين في هذا الإطار، عن طريق وضع خارطة طريق تتضمن مختلف الخطوات العملية لإنجاز المشاريع ذات الأولوية للبلدين». ولفت أيضا إلى أهمية تنفيذ بنود مذكرة التفاهم لإنشاء فريق عمل مشترك جزائري-صيني للاستثمار والتعاون الاقتصادي، الموقعة في جويلية 2023، عبر التنسيق بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والدائرة المختصة بوزارة التجارة الصينية، وذلك من أجل دراسة مختلف المسائل المتعلقة بالاستثمار والشراكة الاقتصادية وإطلاع اللجنة المشتركة دوريا بمدى سير وتيرة عملها وما تم تحقيقه في هذا الصدد. وفي ذات الإطار، تقترح الجزائر احتضان منتدى أعمال جزائري-صيني يخصص لفرص الاستثمارات المتاحة في الجزائر، خاصة في القطاعات ذات الأولوية للبلدين، يضيف السيد بلعريبي. ويتم هذا المنتدى بمشاركة كبرى الشركات والمؤسسات الصينية ونظيراتها الجزائرية في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وذلك بهدف التوصل إلى توافقات لتجسيد عملي لمشاريع استثمارية واقتصادية في البلاد. ونوه الوزير بضرورة تجسيد ما نصت عليه الخطة الثلاثية 2022-2024 للتعاون في المجالات الهامة، لاسيما من خلال الالتزام بإنجاز المشاريع التابعة للقطاعات التي تعنى بها الخطة، عبر «دراسة معمقة لأساليب تمويل هذه المشاريع وكذا مختلف الجوانب المتعلقة بالشق التقني». الدعوة إلى إقامة معرض دائم للمنتجات الجزائرية ببكين وذكر في هذا الخصوص بأن الجزائر أودعت شهر ماي 2023 البطاقات التقنية لجملة من المشاريع ذات الأولوية على مستوى «مخزن المشاريع» للمبادرة الصينية للتنمية العالمية، وذلك بهدف دراستها والتفكير في أدوات وآليات تجسيدها بالتنسيق والتشاور بين الطرفين حول كل الجوانب التي قد يستدعيها ذلك. وكانت الجزائر ضمن أولى الدول التي انضمت إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية التي أطلقتها الصين، يضيف الوزير. أما في المجال التجاري، دعا السيد بلعريبي الجانب الصيني إلى تسهيل عملية ولوج المنتوجات الجزائرية إلى الأسواق الصينية، عبر تقليل مختلف الصعوبات التي قد تعترضها، فضلا عن ضرورة تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين في مجال التجارة الخارجية وتسهيل دخول وخروج المنتوجات. ولفت في هذا الصدد إلى أن الصين تمثل منذ 2013 أول ممون تجاري للجزائر وسابع مورد للمنتوجات الجزائرية، غير أن الميزان التجاري بين البلدين يعرف «فجوة»، مما يستدعي «بذل المزيد من الجهود لتقليص هذه الهوة، من أجل إحراز توازن نسبي في المبادلات التجارية البينية». كما اقترح إقامة معرض دائم للمنتوجات الجزائريةبالصين، كآلية لتسهيل تواجد السلع الوطنية والتي تتميز بجودة «مشهود لها»، لاسيما وأنها تسوق حاليا إلى العديد من بلدان العالم في أوروبا، أمريكا وآسيا وأفريقيا. وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قام في جويلية 2023 بدعوة من نظيره الصيني، السيد شي جين بينغ، بزيارة دولة إلى الصين التي تجمعها بالجزائر شراكة استراتيجية شاملة منذ عام 2014. وتوجت هذه الزيارة بتوقيع 19 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم، شملت عدة قطاعات استراتيجية، فضلا عن إمضاء 12 عقدا تجاريا بين المؤسسات الجزائرية ونظيراتها الصينية، وذلك على هامش المنتدى الاقتصادي المنظم بمناسبة هذه الزيارة الرئاسية.