محلان لبيع الورود لمليون و 700 ألف نسمة ألهمت فتنتها الشعراء و الفنانين، و طالما كانت رمزا للحب و عربونا للصداقة ،لغتها عالمية تتقنها كل الشعوب والأمم ،إنها الأزهار ،أجمل ما جادت به الطبيعة ،تترجم ثقافات المجتمعات و تعكس سمو أفرادها، هذه الثقافة الراقية تكاد تنعدم بعاصمة الهضاب العليا سطيف لعدة أسباب غير موضوعية في أغلبها. انعدام المحلات حرم السطايفية من الورود من أهم الأسباب و الدوافع وراء غياب هذه الثقافة الدالة على مدى تحضر المجتمع نقص إن لم نقل انعدام محلات بيع الأزهار بسطيف التي تحتل المرتبة الثانية وطنيا من حيث الكثافة السكانية بمليون و سبعمائة ألف نسمة ، بينما لا يوجد بها سوى محلين مختصين في هذا المجال أحدهما موجود على مستوى حديقة التسلية بوسط المدينة الذي و رغم كونه استثناء إيجابيا إلا أنه يحصي العديد من النقائص حيث يشتكي هواة الورود من عدم توفرها على مدار السنة ،كما يتوجب على الراغب في اقتنائها الذهاب إلى المحل المذكور مسبقا بعدة أيام لطلب ما يحتاج من أزهار مع تحديد التاريخ الذي يريدها فيه كي يحضرها صاحب المحل و هو أمر غير منطقي بالنظر إلى أنه قد تستجد مناسبة غير منتظرة أو ظرف طارئ لا يمكن التحضير له مسبقا .إضافة إلى ارتفاع ثمن الأزهار الذي غالبا ما يبلغ مائة دينار للوردة الواحدة و هو مبلغ كبير خاصة بالنسبة لمن أراد شراء الكثير منها ،الشيء الذي ساهم بشكل كبير في العزوف عن إهدائها و استبدالها بالفواكه و الحلويات. الفواكه و الحلويات بدل الورود أصحاب المحلات من جهتهم يرجعون قلة وجودها إلى محدودية الطلب على عليها ،مؤكدين أن هناك الكثيرين ممن يرغبون في ممارسة نشاط بيع الأزهار غير أن التخوف من الخسارة المادية و الركود التجاري بسبب عزوف الناس عن شرائها يحول دون ذلك ،فيما أرجعوا سبب ارتفاع أسعارها إلى ندرتها خاصة خلال فصل الشتاء أين يضطرون إلى الإتيان بها من خارج الوطن و هو ما يتطلب تكاليف باهظة. وأرجع الكثير من أبناء سطيف انعدام ثقافة الزهور إلى طغيان المادة على العلاقات الإنسانية و الاجتماعية حيث يفضل معظم الناس إهداء أو تلقي هدايا ذات قيمة مادية ينتفع بها كالمأكولات و الثياب و غيرها على إهداء زهرة يرى الكثيرون أنها لا تفيد في شيء ،بالإضافة إلى انتشار المفاهيم الخاطئة لدى الأفراد حول ثقافة التهادي بالورود التي يرى معظمهم أنها ثقافة غربية دخيلة على المجتمعات العربية و الإسلامية بينما العكس هو الصحيح . الاستعانة بالورود الاصطناعية كحل بديل وفي ظل عدم توفر الأزهار الطبيعية ،يلجأ معظم السطايفية لتعويضها بالورود الاصطناعية في مختلف المناسبات الاجتماعية كالأعراس و أعياد الميلاد و غيرها رغم أنها لا تتمتع بنفس السحر و الرونق و لا تنبعث منها الروائح الشذية كالطبيعية لتبقى هذه الثقافة غائبة تماما بسطيف منذ عدة سنوات و ليس هناك أمل في التحلي بها في ظل المعطيات الحالية .