عادة دخيلة أفقدت الأعراس السطايفية نكهتها لطالما تميزت الأعراس السطايفية بطابعها الحميمي ،و ذلك من خلال إقامتها بالمنزل العائلي و دعوة كل الجيران و المعارف الذين يساهمون في تحضير أجواء الحفل و مستلزماته و تحضير الطعام و كذا خدمة المدعوين و كأنهم أصحاب العرس، خاصة بالأحياء الشعبية العتيقة التي يشكل فيها السكان أسرة واحدة و إن اختلفت الأسماء . لكن في السنوات الأخيرة صارت جل العائلات و على اختلاف ظروفها الاقتصادية تلجأ لكراء قاعات الحفلات لإقامة الأفراح بها بدل المنازل و كأن الأمر يتعلق بمواكبة موضة أو ركوب موجة جديدة أفقدت هذه المناسبات نكهتها التقليدية المميزة. كل الفئات تقبل على القاعات في بادئ الأمر كان الإقبال على استئجار قاعات الأفراح لإقامة حفلات الزفاف مقتصرا على العائلات التي تعاني ضيق مسكنها الذي لا يستوعب عددا كبيرا من المدعوين ، كما يعرقل إقامة العرس على أكمل وجه ،الشيء الذي يدفع العائلة إلى اللجوء إلى كراء قاعة حسب الإمكانيات المادية المتوفرة . أما في الأعوام الأخيرة فقد صارت غالبية الأسر السطايفية تقيم أفراحها خارج المنزل العائلي بما في ذلك العائلات التي تمتلك منزلا واسعا و مريحا يتسع للكثير من الضيوف و المدعوين ،و حتى العائلات الميسورة التي تمتلك منازل فخمة أشبه بالقصور، صارت تؤثر إقامة حفلاتها بهذه القاعات، ذلك راجع بالدرجة الأولى إلى كونها تتوفر على طهاة يقومون بتحضير مأدبة الغداء أو العشاء للضيوف مما يوفرعلى العائلة عناء الطهي ،إضافة إلى توفرها على كل الأواني اللازمة لإقامة الولائم، الشيء الذي يجنب أصحاب الحفل استخدام أواني المنزل و دعمها بشراء أوان جديدة تليق بالمناسبة أو اللجوء إلى الاستعارة من الجيران و الأقارب . كما أن بعض القاعات تتوفر على أشخاص مختصين في الفندقة يقومون بخدمة المدعوين و هو ما يوفر الكثير من الجهد و الوقت ،كما أن إقامة الأعراس بهذه الأماكن يجنب العائلات الإزعاج و الفوضى داخل المنزل و الاضطرار إلى إعادة تنظيفه وترتيبه كليا بعد انقضاء المناسبة،فيما تلجأ أسر أخرى إلى هذا الحل من باب التقليد و التباهي و التفاخر . أسعار باهظة مقابل خدمات رديئة إن كل قاعات الأفراح التي تكاثر عددها بشكل ملفت بمدينة سطيف في السنوات الأخيرة لا ينزل ثمن كراء أسوئها عن ثلاثة ملايين سنتيم ،فيما يفوق سعر أحسنها العشرة ملايين سنتيم و ذلك مقابل خدمات لا ترقى في غالب الأحيان إلى المستوى المطلوب ،حيث نجد قاعات تفتقر حتى إلى التكييف في عز الحر ،بينما هناك قاعات أخرى يطرح بها مشكل عدم توفر المياه بحدة. الشيء الذي يضع أصحاب العرس في حرج كبير ،بالإضافة إلى ضيق البعض الآخر مما يجعل كراؤها بلا جدوى بما أن السبب الرئيسي الذي دفع العائلة إلى استئجارها هو ضيق المنزل ،فيما يشتكي الكثيرون من تدهور وضعية جل هذه القاعات و عدم توفرها على شروط الراحة اللازمة لاستقبال المدعوين . و لا نجد بعاصمة الهضاب إلا قاعة أو اثنتين تتوفران على الإمكانيات و الشروط الضرورية التي تمكن أصحاب الحفل من إقامته في ظروف جيدة ،بينما هناك العديد من قاعات الأفراح تنشط بدون اعتماد مما يطرح العديد من التساؤلات حول مدى توفرها على شروط الأمن و السلامة و النظافة و الراحة. قاعات الحفلات أفقدت الأفراح العامرية حلاوتها إن الإقبال المتزايد للعائلات السطايفية على إقامة أفراحها بهذه القاعات بدل المنازل أفقد الأعراس العامرية الكثير من حميميتها ونكهتها الحلوة المتميزة ،حيث صار أصحاب المناسبة يقلصون عدد المدعوين بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة سواء بالقاعة المستأجرة أو فيما يتعلق بالتكاليف المادية ، كما يشترطون في غالب الأحيان عدم اصطحاب الأبناء و الاكتفاء بدعوة الزوجين فقط. كما يتم في الكثير من الأحيان الاستغناء عن دعوة الجيران و الأصدقاء الشيء الذي خلق فتورا كبيرا في العلاقات الاجتماعية بين الجيران التي كانت تتسم بحميمية خاصة داخل المجتمع السطايفي بالإضافة إلى عزوف العديد من العائلات المحافظة عن تلبية الدعوة لحضور الأعراس المقامة ببعض القاعات التي يقوم فيها رجال بخدمة المدعوين و المدعوات،مما يسبب حرجا كبيرا لجل النساء و يحرمهن من حرية الحركة و التنقل و الحديث و أيضا الغناء و الرقص، فيما يمتنع البعض الآخر عن الحضور بسبب بعد مكان تواجد القاعة و صعوبة التنقل إليها خاصة ليلا . إقامة مختلف الأفراح والأعراس في هذه القاعات بدل المنزل العائلي ساهم بشكل كبير في زوال الكثير من العادات و التقاليد المتجذرة لدي الأسر السطايفية ، كما أدى إلى تفكك العلاقات و الروابط الاجتماعية خاصة بين الجيران الذين كانت مثل هذه المناسبات فرصة بالنسبة لهم للتعاون و التلاحم فيما بينهم و الانصهار في أسرة واحدة شغلها الشاغل نجاح الفرح و إعطاء أكمل صورة عن كرم السطايفية و حرصهم على إرضاء الضيف مهما كانت الظروف و الإمكانيات محدودة.