عزوف العنصر النسوي يحرم العديد من الأحزاب من دخول سباق المحليات بعنابة ألقت إشكالية التمثيل النسوي في قوائم الترشيحات للإنتخابات المحلية بظلالها على سباق الأحزاب لضمان الحضور بقوائم في أكبر عدد ممكن ببلديات ولاية عنابة، لأن أغلب التشكيلات السياسية فشلت في إعداد قوائم تمثلها على مستوى البلديات الريفية بالولاية، سيما منها الإقليم الغربي، الأمر الذي أجبر ممثلي الأحزاب على خوض سباق ضد الساعة في آخر أيام المهلة القانونية المخصصة لإيداع ملفات الترشح، و إجراء مناورة الحظ الأخير في محاولة لإقناع ممثلات عن العنصر النسوي بالتواجد ضمن قوائم الترشح للإنتخابات الخاصة بالمجالس البلدية. هذه الصورة ارتسمت أكثر ببلدية شطايبي الواقعة على مسافة 60 كيلومترا إلى أقصى الغرب من ولاية عنابة، حيث أن جل الأحزاب إضطرت إلى الإعلان عن فشلها في إعداد قوائم نهائية على مستوى هذه المنطقة، و ذلك بسبب عدم التمكن من ضمان التمثيل النسوي في القوائم التي كانت مقترحة، بدليل أن المعطيات الأولية التي تحصلت عليها « النصر « تفيد بأن السباق على مستوى هذه البلدية سيكون منحصرا بين 5 إلى 6 قوائم، من بينها قوائم جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي و حزب الكرامة، و هي الأحزاب التي تراهن على بعض أعضاء الهيئة التنفيذية للمجلس البلدي المنتهية عهدته، خاصة بعد إرتفاع عدد المقاعد ببلدية شطايبي من 7 إلى 13 مقعدا. نفس الإشكالية طرحت على مستوى بلديات العلمة، الشرفة، التريعات و وادي العنب، حيث أن عزوف المرأة عن الترشح لخوض مغامرة سياسية حال دون حضور العديد من الأحزاب على مستوى هذه المناطق، مع تسجيل بعض الحالات الشاذة، بقوائم يتصدرها منشقون عن الأفلان و الأرندي، و الذين التحقوا بأحزاب أخرى بحثا عن مقاعد في المجالس البلدية. على صعيد آخر، فإن حرب الترشيحات لاحتلال مواقع متقدمة على القوائم الانتخابية داخل التشكيلات السياسية كانت قد بلغت ذروتها، و قد حسمت كل الأحزاب في تركيبة قوائمها الخاصة بالمجلس الولائي، و كذا بعض البلديات، مع تسجيل الكثير من الحالات المتعلقة بتغيير الأحزاب بسبب الفشل في التواجد ضمن كوكبة الصدارة في القوائم الأولية المقترحة، و بالتالي دخول معترك المحليات تحت قبعات أحزاب جديدة، فيما اختارت بعض التشكيلات حسابات تكتيكية، من خلال اختيار وجوه منافسة لتلك المترشحة في الأحزاب الكبيرة، اعتمادا على الكفاءة و ثقل الانتماء العشائري، فيما راهنت أخرى على مناصب نوعية لشخصيات فاعلة في انتخابات لا مكان فيها حسبهم لبرنامج سياسي. إلى ذلك، فإن القراءة الأولية في المشهد السياسي بولاية عنابة توحي بأن الصراع في المحليات القادمة سيكون ساخنا بين أحزاب التيار الوطني الديمقراطي كالأفلان و الأرندي، و نظيرتها المحسوبة على الجناح المعارض كالجبهة الوطنية الديمقراطية و حزب العمال، لأن « الأفاندي « حجز مكانة في الخارطة السياسية بعنابة بفضل رجل الأعمال بهاء الدين طليبة الذي ظفر بمقعد في البرلمان خلال التشريعيات الأخيرة ، الأمر الذي جعل هذا الحزب من بين التشكيلات المرشحة للظفر بمقاعد في المجالس المنتخبة لعنابة خلال العهدة المقبلة، سيما و أن المعطيات المتوفرة تتحدث عن تصدر منشقين عن الأرندي لقوائم « الأفاندي «، في صورة الطيب حمارنية الذي يتصدر قائمة الترشح لإنتخابات المجلس الشعبي الولائي، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض المصادر عن إلتحاق منشقين عن الأفلان بصفوف الجبهة الوطنية الديمقراطية، و دخول المحليات القادمة كمتصدرين لقوائم هذا الحزب، و ذلك على خلفية صراعهم المتواصل مع أمين المحافظة محمد الصالح زيتوني. أما بخصوص قوائم الأفلان فإن سباق الدقائق الأخيرة للتواجد في صدارة القوائم صنع الحدث، لأن جبهة التحرير الوطني سجلت حضورها في البلديات ال 12 و كذا في المجلس الشعبي الولائي، و قد تحدثت بعض المصادر عن تصدر أمين المحافظة محمد الصالح زيتوني لقائمة المجلس الولائي، مع المراهنة على بعض الوجوه التي كانت قد مثلت الحزب في المجالس البلدية السابقة، على أن جناح زيتوني في الأفلان بعنابة على تكرار و إستنساخ نتائج المحليات الماضية، خاصة بعد الظفر بثلاثة مقاعد في التشريعيات الأخيرة، فضلا عن كونه نال حصة الأسد في محليات 2007، بدليل أنه إنتزع أكبر عدد من مقاعد المجلس الولائي، كما أن 11 بلدية كان يرأسها «أميار» من جبهة التحرير الوطني، رغم أن الصراعات التي عاشت على وقعها محافظة عنابة كانت قد مهّدت الطريق أمام المتتبعين للتنبؤ بفقدان الحزب مكانته المعهودة في الخارطة السياسية بالولاية، في ظل انشطار المناضلين إلى ثلاثة أجنحة محليا، بين جناح زيتوني ، جناح بن جديد والتقويميين. نفس الإنطباع ينطبق على «الأرندي»، لأن موجة الاستقالات غذّت يوميات المكتب الولائي للتجمع الوطني الديمقراطي بعنابة، حيث لم يتردد عشرات المناضلين في الإعلان عن إنسحابهم تعبيرا منهم عن تذمرهم من القوائم المقترحة لتمثيل الحزب في سباق المحليات، في الوقت الذي تصدر فيه محمد عيادي إطار بمديرية الضرائب قائمة المجلس الولائي، بعدما كان ثالث المترشحين في التشريعيات الأخيرة. بالموازاة مع ذلك فإن مقاطعة جاب الله للمحليات جعل العديد من أتباعه يبادرون للقيام بمساعي للترشح ضمن قوائم حرة خاصة في الحجار و العلمة، رغم أن حامل راية تمثيل جبهة العدالة و التنمية بعنابة محمد الصالح بوشارب ظل يحذر من مغبة تجاوز قرار إتخذه مجلس الشورى للحزب، و ألح على ضرورة عدم الترشح سواء في أحزاب أخرى أو بقوائم حرة، لكن هذه الترشيحات ستؤدي حتما إلى حدوث انقسامات في أوساط مناضلي التيار الإسلامي في الوعاء الانتخابي، رغم أن الأحزاب الإسلامية كانت قد عرفت انتكاسة في التشريعيات الأخيرة بالولاية، في الوقت الذي إضطرت فيه الكثير من الوجوه السياسية التي إلتحقت بعمار غول في « تاج « إلى الهجرة مجددا بعد الإعلان عن قرار عدم المشاركة في المحليات، حيث أن أغلب هذه الوجوه أودعت ملفاتها لحمل راية تمثيل الحركة الشعبية الجزائرية في المحليات المقبلة بعنابة. صالح فرطاس