قتلنا أكثر من 500 جندي في مواجهات طاحنة بقيادة عباس لغرور تنفرد " النصر" بنشر رسالة الشهيد مامون خالدي كان قد بعثها من تونس إلى شقيقه بمصر، في ماي 1956 يصف فيها معركة عصفور و التي تعد أهم المعارك التي شهدتها منطقة الأوراس تحت قيادة البطل الشهيد عباس لغرور. يقول في الفصل الأخير من رسالته المطولة "أخي، يسرني جدا أن أكتب لك في هذه الرسالة عن معركة "عصفور" التي شاركت فيها شرقي خنشلة بششار. أخي كنا صباح الاثنين 12 فيفيري سنة 1956 نتناول القهوة اذ أعلمنا الحارس أن عددا كبيرا من جنود الاستعمار قد أقبلوا علينا، وكان عددنا لايزيد عن 70 مزودين بأسلحة حديثة وكنت أحمل رشاشا آ ليا وأحمل معه 400 خرطوشة ومسدسا، و بدأنا بنصب كمين لهم، وفي حدود الساعة السابعة صباحا تم تبادل الرصاص بيننا وقتلناهم جميعا وكان عددهم 110 جنود. وكنا نتحصن بالصخور المعروفة بششار. وبعد أن قضينا عليهم جردناهم من أسلحتهم واذا بدوي في السماء والأرض فأصبحنا مطوقين بجنود الاستعمار والطائرات تحلق فوق رؤوسنا وكنا نرى الأرض كلها سوداء بالجيش الفرنسي في منظر يشبه هجوما للجراد والطائرات من فوقنا يزيد عددها عن السبعين من كل نوع، وانقلب الكمين إلى معركة وهاجمونا كالحيوانات. وهتف المجاهدون" الله أكبر" وتبادلنا طلقات الرصاص. و صمدنا في وجههم رغم كثرتهم ودام القتال بيننا يومين، ونحن ندافع رغم أنهم حاصرونا من كل ناحية، وكان دوي القنابل لا يكاد ينقطع وضربونا بالغاز، و أصبحنا لا نبصر أمامنا شيئا. ورغم هذا كله انتصرنا عليهم وقتلنا منهم ما يربو عن 500 جندي، بينما استشهد منا 17 مجاهدا، كان الأمر بمثابة معجزة، ولم يسبق لهذه المعركة مثيل واعترفت بذلك سلطات فرنسا نفسها". و يواصل الشهيد مامون خالدي " لقد شارك في هذه المعركة ما يزيد عن 8 آلاف جندي واستنجدت فرنسا بقواتها في باتنة، خنشلة، بسكرة وخنقة سيدي ناجي، وبقينا يومين بدون أكل ولاشرب ولانوم. و من جانبنا قاد المعركة البطل عباس لغرور". يذكر أن الشهيد خالدي مامون ولد بقرية الولجة جنوب ولاية خنشلة سنة 1935 و التحق بصفوف الثورة وهو في سن العشرين بداية سنة 1955 رفقة مجموعة من الشباب الثائرين، وشاء القدر أن يلقى عليه القبض في نفس السنة ليطلق سراحه لصغر سنه، ليتصل بعد ذلك بعباس لغرور عن ليضمه الى طاقمه ، وكان ذلك منتصف سنة 1955 وأصبح منذ ذلك الحين من المقربين من الشهيد عباس لغرور كملازم ومساعد ثم ملازم ثاني ليصبح عضوا بمجلس المنطقة الثانية للولاية التاريخية الأولى، قبل أن يسافر في سنة 1957 في مهمة إلى تونس. وفي أوت 1958 استشهد مامون خالدي رفقة 25 من رفاقه في معركة طاحنة بمنطقة بوعريف رفقة الرائد محمد عرعار المدعو بوعزة. وقد نالت عائلته في جزائر الاستقلال شرف تسمية ثانوية بعاصمة لاية خنشلة باسم الشهيد مامون خالدي ، واطلاق التسمية أيضا على احدى دفعات ضباط الجيش الوطني الشعبي بالمدرسة التطبيقية لسلاح المدرعات بباتنة سنة 2008 تقديرا وعرفانا لتضحيات هذا الشهيد.