تيزي وزو تحيي الذكرى الأولى لرحيل الفنان شريف خدام تمر اليوم الذكرى الأولى على رحيل الفنان القدير شريف خدام،حيث ضرب أصدقاءه و محبوه موعدا للتوجه إلى قرية "بومسعود"ببلدية امسوحال بولاية تيزي وزو للوقوف على قبر المرحوم و الترّحم على روح الفقيد الذي رحل إلى دار البقاء بعد مرض عضال لم ينفع معه العلاج. وكان المرحوم الذي توفاه الأجل عن عمر يناهز 85 سنة بإحدى المستشفيات الفرنسية فنانا كبيرا ونجما ساطعا في سماء الأغنية الأمازيغية، تميّز بمسيرته الفنية الزاخرة بالعطاء. و للتذكير ولد الفنان الراحل يوم 1جانفي 1927 بقرية بومسعود ويعتبر من أبرز الأسماء الفنية في تاريخ الموسيقى الجزائرية، كونه أول من جدد الموسيقى الأمازيغية من خلال الجمع بين التراث والحداثة بإدخال الآلات الموسيقية الحديثة على الأغنية القبائلية، رغم قدومه إلى عالم الفن والموسيقى صدفة مثلما كان يعترف بذلك في الحوارات القليلة التي كان يقبل التحدث فيها عن نفسه، إلا أنه تمكن من ترك بصمته على سجل عمالقة الموسيقى ليس الجزائرية فحسب وإنما في العالم كله. و كان الفنان عند هجرته إلى فرنسا في 1947 على غرار الكثير من شباب جيله في ذلك الوقت بحثا على لقمة العيش، لم يكن ابن قرية بومسعود يعرف شيئا عن الموسيقى ولم يخطر بباله يوما أنه سيلج هذا العالم الفسيح، خاصة بعد تكوينه الديني ومروره عبر المدرسة القرآنية في طفولته ثم زاوية بوجليل التي كانت تؤهله ليكون إماما، لكنه اكتشف ميوله للفن والموسيقى على أرض الجن والملائكة، أين عمل بين 1947 إلى 1952بمصنع للحديد ، ثم في شركة للدهن بين سنتي 1953 و 1961. و بالموازاة مع مهنته القاسية كان شريف خدام يتلقى دروسا في الموسيقى مساء لدى بعض الموسيقيين ،و بالتالي بدأ في تعاطي الموسيقى و الغناء في المهجر ، أين سجل سنة 1940 أغنية""يليس نثمورثيو" في قرص78 دورة، الذي عرف من خلاله الفنان الراحل نجاحا داع صيته بفضله و فتحت معه أبواب الانتشار لأغانيه الجديدة منها "بغايت تلها" "أدزاير انشا الله أتحلوذ"، بالإضافة إلى أغنية " الغربة " ، وأغنية " روح يا الزمان روح " وغيرها من الاغانى، التي حرص على تأليف العديد من القطع الموسيقية لإذاعة باريس ثم ديوان الإذاعة والتلفزيون الفرنسي . كما قام جوق الإذاعة بعزفها. فآلام الهجرة و حرب تحرير الجزائر دفعا الفنان إلى العزلة و الانطواء دون التوّقف عن الإبداع، فساهمت هذه الوضعية المتناقضة في نشأة العبقرية الموسيقية لشريف خدام الذي تحوّل إلى الاحترافية من خلال تأطيره لعمالقة الأغنية القبائلية على غرار إيدير و آيت منقلات و نوارة... و خلال سنة 1963 و هي السنة التي التحق فيها بالقناة الإذاعية الثانية قام بتنشيط عدد من الحصص الإذاعية منها "إيغناين أوزكا" (فنانو الغد) التي حظي بفضلها بالاحترام و التقدير لكونه اكتشف المواهب و قدم التوجيه و التشجيع للوافدين الجدد الى عالم الأغنية. وكان شريف خدام محبوبا لدى كل الجزائريين ومعروفا بحبه للخير وللوطن، يجمع على حبه كل الجزائريين سواء الناطقين بالامازيغية أو العربية، و حتى الذين لا يفهمون اللغة الأمازيغية نجح الراحل بتواضعه وعبقريته ومكارم أخلاقه في تقريب الأغنية الأمازيغية للكثيرين منهم و جعلهم يحبونها على طريقة الفنان الذي ترعرع بين أحضان جرجرة ونجح فى ترجمة روائع الطبيعة إلى قصائد شعرية تريح العقول وتطمئن النفوس، فهو الذي غنى للعواطف النبيلة وعن مآسي المهاجرين وهو الذي تكفل بالأغنية القبائلية، و أخرجها من المحلية إلى رحاب الوطنية، بفضل موهبته، التي صقلها بدراسة الموسيقى العصرية في الغربة، قبل وضع عصارة تجربته في خدمة الشباب عبر القناة الإذاعية الثانية، فصنع جيلا من الفنانين على طينة لوناس آيت منقلات و غيره كثيرين.