تشهد الجزائر في الآونة الأخيرة إنزالا دبلوماسيا مكثفا من طرف رؤساء حكومات ووزراء دول غربية وعربية، بداية من وزير الدفاع الاسباني، ووزير الخارجية السعودي، إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الذي حل أمس، إضافة إلى عديد الاتصالات التي أجراها الوزير الأول عبد المالك سلال ونظرائه الأجانب قبل وعقب عملية الاعتداء على مصنع الغاز في عين أمناس، إلى جانب رسائل "الإدانة" التي وجهتها منظمات إقليمية ودولية وكبرى شركات النفط في العالم تعكس رغبة دولية في دعم الجزائر لمواجهة الإرهاب وتقوية العلاقات الثنائية. حل أمس بالجزائر، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس حكومة دولة أوروبية منذ الاعتداء على مصنع الغاز في تيغنتورين، والذي كانت تديره شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية بالشراكة مع سوناطراك و"ستات اويل" النرويجية، وتعكس هذه الزيارة رغبة بريطانيا في تقوية تعاونها الاقتصادي مع الجزائر، والتأكيد على دعم لندن لجهود الجزائر في مكافحة الإرهاب، خاصة وأن ديفيد كامرون، كان قد أبدى تفهمه للقرار الذي اتخذته السلطات الجزائرية بالتدخل للقضاء على المجموعة الإرهابية التي كانت تسعى لتفجير مصنع إنتاج الغاز وتصفية كل الرهائن. ومباشرة بعد العملية، قالت بريطانيا، أنها ستواصل "العمل مع الجزائر" وترجمت هذه العبارات من خلال الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني، الذي إصر على تغيير أجندته الدبلوماسية وجعل العاصمة الجزائرية أول محطة في جولته الإفريقية، وقالت مصادر إعلامية بريطانية، أن كامرون، كان ينوى التوجه إلى ليبيريا كمحطة أولى، لحضور ندوة حول التنمية، لكنه قرر تقديم الزيارة التي كانت مقررة إلى الجزائر وهو ما يعطى أكثر من دلالة في قاموس الدبلوماسيين. وقال مدير تحرير القسم السياسي في محطة "سكاي نيوز" جوي جونس، أن "زيارة كامرون إلى الجزائر تعكس رغبته في تقديم تشكراته إلى السلطات الجزائرية على الجهود التي بذلتها لإنقاذ اكبر عدد من الرعايا البريطانيين الذين احتجزتهم المجموعة الإرهابية في مصنع عين امناس"، وأضاف بان كامرون حرص على تقديم تشكراته شخصيا إلى السلطات الجزائرية ولم يكتفي بتوجيه رسائل أو موفدين عنه. بالموازاة مع هذه الزيارة استقبلت الجزائر، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الذي حمل رسالة دعم لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والتقى المسؤول السعودي خلال زيارته كبار المسؤولين في الدولة، وأشار في تصريح له عقب اللقاء الذي جمعه مع وزير الخارجية مراد مدلسي، أن "الإرهاب لا يمكن أن يقابل إلا بالقضاء عليه، ولا يمكن أن يقابل بأي طريقة أخرى لأنه فساد للعباد والبلاد". وأضاف بان "زيارته التي جاءت بدعوة من مدلسي تتناول التشاور بين البلدين والتفاهم حول جميع القضايا سواء ما يختص بالعلاقات الثنائية أو الأحداث الجارية في منطقتنا وفي العالم"، لافتاً إلى انه "لا يوجد شك أن الجزائر في معاملاتها خدمت الأمن في العالم".وتعكس هذه الزيارة والتصريحات التي أطلقها الوزير السعودي، دعم المملكة العربية السعودية للجزائر، في المرحلة الراهنة، خاصة أمام الهجوم "متعدد الجنسيات" الذي تعرضت له المنشأة النفطية في الجنوب، وذكر دبلوماسي سعودي أن بلاده مستعدة لدعم التعاون مع الجزائر في كل المجالات، على غرار قطاع الطاقة ومكافحة الإرهاب. وقبل ذلك، استقبلت الجزائر وزير الدفاع الإسباني بيدرو مورينيس أولاتي، الذي أكد بدوره، دعم ومساندة بلاده للجهود التي تبذلها الجزائر في مكافحة الإرهاب. مؤكدا «وجود علاقات صداقة وتفاهم وتوافق» البلدين، مضيفاً أن الجانبين سيعملان على خلق وتطوير فرص التعاون في مختلف المجالات «لاسيما الدفاعية». ووصف وزير الدفاع الإسباني زيارته للجزائر ب»الإيجابية»، معلناً عن تنظيم اجتماع للجنة الجزائرية الإسبانية المشتركة في شهر مارس المقبل. ومن المتوقع أن تتواصل الحركية الدبلوماسية في الأسابيع القادمة، بحيث ستستقبل الجزائر مسؤولين أجانب، من بينهم رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، كلود بارتولن، الذي سيقوم بزيارة الفترة الممتدة من 11 إلى 15 مارس، كما يحل بالجزائر في أواخر فيفري وفد برلماني بقيادة رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق، النائب أكسل بونيانوفسكي (الاتحاد من أجل أغلبية شعبية المعارض)، لإعداد تقييم لواقع العلاقات والمبادلات بين البلدين، وفق ما أعلنه، أمس، السفير الفرنسي بالجزائر، أندري باران، خلال تنصيب لجنة الصداقة البرلمانية بين البلدين. وجدد السفير، في كلمته، تضامن باريس مع الجزائر إثر أزمة اختطاف الرهائن الأجانب في تيفنتورين بعين أمناس، مذكرا بما صدر عن الرئيس الفرنسي بهذا الخصوص عند اندلاع الأزمة.