النحت على الثلج ..هواية و تسلية على البساط الأبيض بقالمة يسميهم البعض المحرومون من الثلج ، يسكنون المناطق المنخفضة التي لا يصلها الزائر الأبيض أبدا يرونه كل شتاء على قمم الجبال بعيدا عنهم يسمعون عن المتاعب الكبيرة التي يلحقها بسكان المرتفعات و عن جماله و متعته أيضا يلاحقونه في كل مكان يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى حيث يقيم ليقضوا ساعات طويلة يستمتعون ببياضه الناصع و برده الشديد الذي قهر سكان المرتفعات التي يعمر بها الثلج أياما طويلة كل شتاء بولاية قالمة من مرتفعات ماونة و جبال طاية و السرى إلى مرتفعات عين صندل و عين العربي و عين مخلوف فقط السهول المنخفضة لا يرى سكانها ضيف الشتاء و لا يلمسونه بأيدهم و لا تدوسه أقدامهم. الثلج يختار ساعات الليل ليبدأ في التساقط بكثافة و في اليوم الموالي يبدأ المطاردون في البحث عنه حتى يصلوا إلى حيث سقط مجموعات من الشباب عائلات مع أطفالها الصغار تغزو المرتفعات المغطاة بطبقات سميكة من الثلوج هنا يطلق صراح الجميع و تنكشف علاقة الإنسان بالطبيعة و أسراها و مكنوناتها الجميلة حيث يعد الثلج أحد هذه الأسرار الجميلة التي توشك على الاختفاء بسبب التغيرات المناخية المدمرة حتى أن الإنسان بدا يشعر باختلال النظام الطبيعي و يبرز هذا الشعور من خلال مطاردة الثلوج و الرغبة في الوصل إليها كل شتاء و كأن الأمر يتعلق بزائر غريب قد لا يعود الشتاء القادم. فوق البساط الأبيض يلعب الأطفال و يبرز الكبار مواهب فنية خفية من خلال النحت على الثلج و بناء أهرامات صغيرة و دحرجة كرة الثلج التي تبدأ صغيرة ثم تكبر شيئا فشيئا كلما قطعت مسافة طويلة تدفعها أيادي مجموعة من الشباب و هي لعبة قديمة ظل سكان الأقاليم الجبلية يمارسونها منذ القدم و يقال بأن قبيلة كانت تقيم غرب قالمة بنت كرة ثلج بقيت إلى فصل الصيف. و يعد رجل الثلج الهواية المفضلة لمجموعات المطاردين حيث يجتهد الناحتون في بناء و تشكيل أجمل رجل ثلج ثم يلبسونه ثيبا صوفية حتى يصير و كأنه بالفعل رجل من رجال بلاد الإسكيمو. و لم يعد الثلج مصدر عذاب و قلق لسكان الأقاليم الجبلية المعزولة بولاية قالمة بل تحول أيضا إلى مصدر استقطاب للسياح و المطاردين القادمين من المناطق المحرومة من الثلج و المناطق التي لا يزيد علوها عن ال300 متر عن سطح البحر حيث أنه من النادر جيدا أن يسقط الثلج بهذه المناطق و حتى و إن سقط فلن يطول مقامه بين الأهالي الذين أصبحوا يفضلون الذهاب إليه بدل انتظاره ليأتي إليهم و هم يعلمون بأنه لن يحل ضيفا عليهم إلا إذا عاد العصر الجليدي القديم. و كلما تم بناء رجل ثلج أو كرة بيضاء يجتهد النحاتون في جلب المتفرجين لأخذ صور تذكارية أمام التمثال الجليدي الجميل و يبرز كل فريق من النحاتين مهارته الفنية في التشكيل و قدرته على تحمل البرد الشديد الذي يحبس سريان الدم في أصابع اليدين. و قديما قيل الثلج عذاب للكبار و فرحة للصغار الذين يسعدهم السير فوق البساط الأبيض الجميل يلعبون و ينحتون حتى إذا اشتد عليهم البرد هربوا على أمل العودة مع الأهل في اليوم الموالي أو ربما في الموسم الموالي إذا عاد ضيف الخيرات و الجمال.