كتاب للرئيس التونسي المرزوقي يعيد اختراع الديمقراطية صدر حديثا عن دار النشر ميديا بلوس بقسنطينة كتاب الرئيس التونسي منصف المرزوقي بالتزامن مع صدوره عن دار نشر فرنسية يتناول فيه التجربة التونسية في بناء دولة ديمقراطية.الكتاب بعنوان "اختراع ديمقراطية" أثار عند الإعلان عن صدوره الكثير من ردود الأفعال بالنظر لمنصب و مكانة كاتبه الرئيس التونسي الذي تولى قيادة البلاد منذ ديسمبر 2011 بعد سقوط الديكتاتور زين العابدين بن علي في أول نتيجة ملموسة لثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس بثورة الياسمين. الكتاب يتناول قضية "اختراع الديمقراطية" من طرف التونسيين أصحاب ثورة على القهر و الديكتاتورية كرد على تنبؤات البعض في العالم الغربي خصوصا بأن "الربيع العربي" سيعقبه "شتاء الإسلاميين". يحاول المنصف المرزوقي و هو طبيب تحول الى ناشط سياسي و معارض لمدة سنوات طويلة لنظام بن علي و كان في المنفى في كتابه القول أن تلك النظرة المتشائمة من أطراف في الغرب سطحية و تمنع النظر بعمق في التعقيدات و التحديات لاتي تواجه الآن المجتمعات العربية. الرئيس المؤلف استعان بما لديه من وسائل التحليل اليسارية ليقدم في كتابه نظرة واضحة عن أسباب و كيفيات قيامه بعقد تحالف و إئتلاف مع حركة النهضة الإسلامية بقيادة زعيمها التاريخي راشد الغنوشي و قد غستهجن عليه الكثيرون ذلك ووصفوه بالمرتد عن مبادئه، و لكن المرزوقي يقول في كتابه ان الذي يتهمونه بالخيانة لا تفارقهم الصور النمطية المعتادة عن النظر للأشياء و لا عند تحليلهم لها فقد عرفت تونس و مجتمعها ما بعد ثورة الياسمين هزات و تغيرات عميقة غيرت الكثير حتى لدى الإسلاميين انفسهم. و يتطرق الرئيس المنظر إلى الكيفية التي تستطيع بها مجتمعات حرمت لعقود طويلة من ممارسة حرياتها و عاشت في مجتمع ملغوم و موبوء بالرشوة و الفساد من كل نوع استعادة قدرتها على صنع قرارها بنفسها و القدرة على استخدام حقها الطبيعي في التصرف و العيش بحرية. و لا يغفل كتاب المرزوقي التطرق للوسيلة التي يمكن من خلالها التوفيق بين الأطروحات الإسلامية الليبرالية بطبعها و تقاليدها و بين مطالب خصومهم الثوريين اليساريين ، و هنا يكون اختراع الديمقراطية الحل السحري للوصول إلى توافق بين النقيضين في مجتمع يقوم بإعادة تأهيل نفسه للعيش في نظام حر. و لا يغفل منصف المرزوقي في كتابه ايضا المسألة الحساسة المتعلقة بكيفية بناء علاقات مساواة بين سكان الشمال و الجنوب في تونس و منح كليهما الإحساس بانه يحوز على نفس القدر من الحقوق و عليه ذات الواجبات، بهدف تحقيق منجزات والقضاء على الفوارق و الاختلالات الاجتماعية و منح الضعفاء في المجتمع حقهم من التنمية و التعليم و العدالة و إعطاء المراة أيضا فرصتها في المساواة حقيقة مع الرجل و إقامة نظام العدالة المستقلة للجميع. يعتقد المرزوقي في كتابه أنه يمكن القضاء على التصادم بين التيارين الإسلامي و اليساري من خلال الديمقراطية التي تمنح للجميع فرصا متساوية و هو بذلك يعيد فتح النقاش العام من جديد بغية تجاوز النقاشات العقيمة و المشاحنات العنيفة بين الطرفين. ع.ش