الأمية لم تمنعني من حفظ كتاب الله و السعي لتعليمه "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.." بهذه الكلمات استقبلتنا حليمة بن حرزالله ببيتها العائلي في بلدية بريكة ولاية باتنة، الكفيفة الأمية البالغة 49 عاما من عمرها التي تمكنت من تحقيق حلمها في حفظ كتاب الله متحدية إعاقتها و كل ظروفها الصعبة.و عن هذه التجربة حدثتنا من خلال هذه الدردشة. النصر:في البداية حدثينا كيف تمكنت من حفظ القرآن الكريم؟ حليمة حرزالله :منذ صغري كنت أحب قراءة القرآن و عندما كان الناس يذهبون لقراءة القرآن في المسجد كنت أتمنى الذهاب معهم، غير أنني لم أكن أقدر على الذهاب فكنت أستعين بالقناة الأرضية و الإذاعة الوطنية، حيث كنت أستمع إلى المقرئين وأحفظ عنهم ما تيسر من آيات بينات . كنت أستيقظ لصلاة الصبح وبعد الفراغ من الصلاة أبقى أستمع للإذاعة وأحفظ من خلالها، كما استعنت بقناة "المجد" الفضائية فكانت عونا هي الأخرى لي لحفظ القرآن، كما كنت أستعين أيضا ببعض أهلي الذين كانوا يقرأون لي السُور القرآنية وأحفظها بالسمع . ومؤخرا أهدي لي مصحف الكتروني ساعدني كثيرا في إتمام حفظ كتاب الله والحمد لله اليوم تمكنت من ذلك حيث اختتمته في شهر شعبان قبل حلول رمضان بأيام قليلة، أين يسر الله لي ذلك. ما الأمر الذي ساعدك في عملية الحفظ؟ هناك سور كنت قد ركزت عليها وبدأت بحفظها أولا، حيث كانت البداية بسورة "يس" ثم سورة "السجدة" فسورة "الدخان" وبعدها "المُلك"، حيث سمعت حينها قولا من العلماء مفاده بأن من لديه الرغبة في حفظ كتاب الله عليه البدء بهذه السور فإن الله يُيسر له ذلك والحمد لله يسر لي ربي ذلك فعلا. منذ متى كانت بدايتك مع رحلة حفظ القرآن؟ كانت البدايات الأولى عندما كنت في ال 21 من عمري ، حيث استثمرت وقتي في عملية الحفظ والحمد لله تمكنت من ذلك. هل كان لديك برنامج معين استعنت به لحفظ القرآن أم كان ذلك عشوائيا؟ في البداية كنت استغل وقت فراغي، وكلما تُتاح لي الفرصة أشغل نفسي في الحفظ، لكن بعدما أصبح لدي المصحف الإلكتروني صرت أحفظ بين صلاتي العصر والمغرب، وعند صلاة الصبح أيضا. حاليا ماهي أبرز الأمور التي تقومين بها حتى تبعدي شبح النسيان ؟ أصلي به دائما في صلواتي الخمس، أنطلق من سورة البقرة لغاية سورة الناس كلما قمت للصلاة، وفي رمضان هذا قرأت المصحف كاملا مرتين . ربما كان لديك سر أو مَلكة أعانتك على حفظ كتاب الله ؟ ربما هو كذلك، فقد كنت أحفظ الآية من المرة الأولى التي أسمعها فيها، وأركز كثيرا على كلمات الله حتى تترسخ في ذهني. وحاليا ماهو شعورك وأنت تحفظين كتاب الله؟ لا يمكن لك أن تتصور فرحتي بذلك، فحين أمسك المصحف بيدي ورغم أني أمية وكفيفة إلا أنني أستطيع قراءة القرآن كغيري من الناس فهذا يكفيني فخرا، ويجعلني أحمد الله كثيرا، لا يمكنني أن أصف شعوري حقا. ما هي أكثر آية تؤثر فيك في القرآن الكريم ؟ قوله تعالى: "قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون" من سورة العنكبوت. ماهي رسالتك لكل من يرغب في حفظ كتاب الله ولا يملك إرادة لذلك خاصة وأنك لم تمنعك إعاقة النظر عن الحفظ؟ حفظ القرآن أمر سهل للغاية، ومن يمتلك إرادة للقيام بذلك فإنه سينجح لا محالة، ولم تمنعني إعاقتي أبدا، فقد كنت أمسك المصحف وأتوجه نحو أفراد عائلتي أطلب منهم أن يُسمعوني آيات الله لحفظها والحمد لله على ذلك. حيث كنت أدعو الله وأقول "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" كما أدعوه بالقول "ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي". والآن بعد إتمامك لحفظ كتاب الله ماهو هدفك بعد ذلك؟ أتمنى من كل قلبي أن أساهم في تحفيظ الناس القرآن الكريم كما أعانني على ذلك آخرون بعد الله، وأتمنى أن يتحقق ذلك.