غوص في الطرب الأصيل بسحر سيد المقام العراقي سعد الأعظمي و السوبرانو المغربية سميرة القادري تتواصل ليالي المهرجان الدولي للمالوف بالمسرح الجهوي بقسنطينة وسط تنوّع ثري في الألوان، حيث كانت السهرة الثالثة أقرب إلى جولة فنية بين سحر المقام العراقي و الموسيقى الأوبرالية و الأندلسيات بنكهة اللغات القديمة أهمها الجليق. و قد تألقت السوبرانو المغربية سميرة القادري بطبقها الثري من غنائيات البحر الأبيض المتوسط و الموسيقى العريقة و المدجنة قبل أن تترك الركح لسيّد المقام المقرئ العراقي سعد الأعظمي المعروف ب"سيد العتابة"لحفظه الألف بيت. والجمهور القسنطيني عاش ليلة أمس الأول سهرة فنية من الطراز العالي، عكست المجهودات الكبيرة للباحثة و الفنانة السوبرانو سميرة القادري ابنة مدينة الصويرة المغربية التي جالت بالحضور في عمق غنائيات البحر الأبيض المتوّسط مع التركيز على الموسيقى الأندلسية و الغناء السيريالي الخاص بالكنائس الشرقية و الموسيقى المدجنة كما قالت للنصر قبل صعودها للركح أين تألقت في آداء الشعر العربي في قالب الرومانسيا و الكانطاطا مسافرة في قلب الموسيقى العريقة محافظة على روح الموسيقى الأندلسية حتى وهي تشدو باللغة المدجنة"موديخار" و الألخيميادو، فكان طبقها المختار مزيجا من الموسيقى العريقة بنكهة إسبانو - عربية تضمن الموشح و القطع القرسطوية الأندلسية، حيث أمتعت الجمهور بوصلات عديدة منها "رحماك"، لحبيبي أرسل السلام"،راحتي شرب العقار"، الذي أسكر"، قم بنا يا حصير "سعد الذي" و أبيات من قصائد الكانتيغا "سانتا ماريا" التي قالت بأنها توصلت في أبحاثها بأنها مستمدة من روح الموسيقى الأندلسية. و عرفت الفقرة الأولى من السهرة الثالثة تفاعلا كبيرا للجمهور الذي رافق المغنية بالتصفيق طيلة آدائها للوصلات الخفيفة، قبل أن تترك الركح لسيد العتابة سعد الأعظمي الذي رغم مشقة سفره الطويل الذي استمر حوالي 40ساعة لما واجهه من صعوبات في التنقل من دولة إلى أخرى قبل حطه الرحال و جوقه السداسي بالجزائر ، أمتع الجمهور بمختلف المقامات العراقية متنقلا بين حجاز و كرد و عجم و رصد شرقي بالإضافة إلى أغاني من التراث العراقي الأصيل. و من الألحان التي شدا بها المقرئ الذي نهل من عمالقة المقام العراقي و على رأسهم محمد القبنجي و ناظم الغزالي و عبد الرحمان العزاوي...وصلة "يا أم العبايا"، "باهواك"، "يا عنيدي يابا"، يا قلبي سل"، "نوحي يا روحي" و ملك الغرام عنانيا". و قال الفنان بأن له مشاركات عديدة بمهرجانات المالوف بالجزائر، تونس و المغرب و ذلك منذ سنة 1974، مشيدا بالجمهور الجزائري الذي وصفه بالذواق للفن الأصيل. و للإشارة كانت السهرة الثالثة لمهرجان المالوف قد خصصت لتكريم عائلة الشيخ إبراهيم بن العموشي أحد الرموز التربوية القسنطينية و الذي عرف بمهارته في العزف على آلة المندولين و تلحينه لرائعة الشيخ عبد الحميد ابن باديس "شعب الجزائر مسلم".