"عرض الزيارة" ملتقى الطرق الصوفية بكوريغرافية عصرية حملت مجموعة "عرض الزيارة"التونسية أمس الأول إلى قسنطينة روح و أصالة الموسيقى الصوفية بتونس من خلال تجربة متميّزة جمعت بين الطرق الصوفية الأكثر انتشارا بتونس و هي العيساوية، العوامرية و السلامية و التي حاولت النصر تسليط الضوء عليها من خلال الحديث مع قائد المجموعة عازف الكمان اسكندر غرابي الذي ناب عن صاحب المبادرة سامي اللجمي الذي حالت وفاة ابنته في حادث مرور بحر الأسبوع المنصرم دون حضوره مع الفرقة. و قال محدثنا بأن "عرض الزيارة" عبارة عن بحث في عالم الموسيقى الصوفية العيساوية، السلامية و العوامرية، بعد أن ركزت الكثير من التجارب على جوانب معيّنة في الموسيقى الصوفية ، جعلت الموسيقي التونسي سامي اللجمي باعتباره أستاذ و باحث في مجال الموسيقى و بصدد إعداد رسالة الدكتوراه يبادر إلى فكرة جمع الطرق الثلاث في تشكيلة واحدة مفعمة بعبق الصوفية، ساعدته أبحاثه الميدانية على تحديد خصوصيات كل طريقة،خاصة و أنه ينحدر من منطقة الساحلين بالمنستير التي تزخر بالتراث الصوفي العريق المتنوّع.و عن معنى الزيارة قال اسكندر غرابي بأن الناس تعوّدوا على زيارة أضرحة الأولياء الصالحين، أين يقوم مريدي كل طريقة بالاحتفاء بشيخهم على طريقتهم و في حيّز ضيّق رغم تشابه و التقاء مختلف الطرق و الأنماط الصوفية مع بعضها البعض، فكانت فكرة إخراج الزيارة من ذلك الحيّز الضيّق، و بدل ترك الناس يزورون الزوايا و الأضرحة قرّر سامي اللجمي حمل الزيارة إلى الناس للتعريف أكثر بالتراث الموسيقى لعدد من الطرق الصوفية التي يقتصر ظهورها عموما على بعض المناسبات و بمشاركة بعض المريدين سواء التابعين للطريقة العيساوية نسبة لسيدي محمد بن عيسى والمعروف بإسم والي مكناس والشيخ الكامل، أو الطريقة العامرية لصاحبها و مؤسسها سيدي عامر المزوغي القرشي الملقب بالقطب الصمداني...و كان التجاوب كبيرا من قبل كل من تابع عرض الزيارة الذي عمل على تجسيده المايسترو سامي اللجمي عدة سنوات لصعوبة توحيد كل الأنماط لخصوصية كل طريقة سواء من حيث اللحن أو الكلمات حسب محدثنا الذي أوضح بأن تجربة عرض الزيارة التي تعد حوالي مائة مريد بين عازف و مؤد، لم تكن سهلة خاصة من حيث مهمة جمع التراث الشفوي.و عن الفرق بين الحضرة العيساوية و عرض الزيارة قال الفنان غرابي بأن الحضرة التونسية مثلما يقوم بها أتباع الشيخ الجزولي تبقى أيقونة أو باب من أبواب الطريقة الصوفية و لا تعكس كل الثراء الذي يزخر به هذا التراث العريق لذا كان لابد من إبراز باقي الأنماط التي بقيت حبيسة الزوايا و الأضرحة بالكثير من المناطق التونسية التي تحصي الكثير من الأولياء الصالحين.و بخصوص تقييمه للتجربة قال غرابي بأن الجمهور العربي مل البقاء رهن الدوامة التي فرضتها الفضائيات بالألوان الموسيقية التي لا ترقى إلى المستوى الفني الذي يعكس الأصالة و التراث العربي، مؤكدا تفاجئهم بمدى نجاح و تجاوب الجمهور مع ما يقدمونه من موسيقى صوفية تعتمد على الفرجة و الإنشاد، مضيفا بأن الكثيرين يشيدون بالمبادرات الصائبة في مجال الحفاظ على التراث و الألوان المنبثقة من العراقة معلقا :" المتلقي مهما كان سنه أو مستواه التعليمي أو الثقافي يميّز بين الجيّد و ما هو دون ذلك و الدليل الأعداد الكبيرة التي نسجلها في كل عرض سواء داخل تونس أو في الخارج و تزايد طلب عروضنا عبر القنوات التلفزيونية و الإذاعات". و من الناحية التقنية قال اسكندر غرابي بأن عرض الزيارة لوحة فنية متكاملة لا تغفل الجانب السينوغرافي و الكوريغرافي باعتماد الزي التقليدي و الطقوس الممارسة عادة في كل زيارة إلى الأضرحة و الزوايا من بخور و رقص...حيث يولون اهتماما لجانب الفرجة و الإيقاع على حد سواء بشيء يعيد المتلقي إلى جذوره و أصالته.و عن مشاريعهم الفنية قال محدثنا بأن عروضهم القادمة ستحتوي نوبة كاملة في تجربة وصفها بالمتميّزة ، مؤكدا بأنهم دخلوا الأستوديو في أول تجربة لهم أيضا لتسجيل أول ألبوم فني للمجموعة و الذي يحمل عنوان "الزيارة" و الذي من المتوّقع نزوله إلى الأسواق بداية 2014.