تميزت السهرة الثانية من ليالي المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة في طبعته السابعة بتألق فرقة الطريقة العيساوية لمدينة القل (سكيكدة) بأدائها الراقي وتقديمها ل"سماع" صوفي جميل كان محل استحسان الكثيرين في قاعة دار الثقافة لمدينة ميلة. وأبدى الدكتور زعيم خنشلاوي الباحث المعروف في التراث الصوفي والحاضر في هذه الفعاليات إلى جانب أساتذة آخرين إعجابه بهذا الأداء لحد صعوده خشبة القاعة وطلبه الكلمة للتنويه بالفرقة. وتنشط هذه الفرقة على مستوى زاوية ب"سيدي عامر" بمنطقة القل كما أوضح فوزي معمري رئيس الفرقة الذي أشار بالمناسبة أن الطريقة العيساوية دخلت منطقة القل سنة 1884 قادمة من منطقة "وزرة" بالمدية (وسط البلاد) والتي شهدت أول بدايات الطريقة في الجزائر. كما عرفت السهرة التي حضرها جمهور معتبر مسحة نسائية جميلة قدمها جوق "لفقيرات" لقسنطينة من خلال أدائهن ل"ريبارتوار" صوفي عيساوي خاص بهن وعرفت به "لفقيرات" على مستوى عاصمة الشرق الجزائري خلال سنوات طويلة أبرزت عدم تخلف النساء عن مسايرة الفن والحضرات الصوفية وخاصة على مستوى الأعراس القسنطينية . وحسب مختصين فإن المدرسة الفنية العيساوية بقسنطينة لم تهمل فضاءات المرأة حيث أنشأت ما يعرف ب"الفقيرات" وهن عبارة عن أجواق نسائية تغني المديح الديني للنساء وتدور كلماتهن غالبا حول ذكر الله والرسول محمد (صلعم) والإشادة بمناقب الأولياء الصالحين وهن يعتمدن أساسا على الدف والدربوكة والطار كآلات موسيقية. ومن أشهر الأجواق السابقة للفقيرات بقسنطينة جوق دار "بلفرطاس" وجوق "دار السبيطار" وجوق "نجمة" وجوق "زلوخة الفرقانية". وقد كانت فرقة "نسيم العلى مزغزان" من مستغانم إحدى نجمات السهرة الثانية للمهرجان حيث قدمت نماذج من التراث العيساوي الصوفي لغرب البلاد. وذكر جوابري حبيب رئيس هذه الفرقة أن لهذه الفرقة مشاركات كثيرة في نشر التراث العيساوي والأذكار والمدائح الدينية اعتمادا على فرقة شابة تجسد بحث شعار الطبعة السابعة للمهرجان " الفن العيساوي يحتضنه الشباب". وحول هذا الشعار أيضا انصب الاهتمام خلال اليوم الثاني من المهرجان عبر مداخلة للأستاذ الباحث في التراث الصوفي السعيد جاب الخير الذي شبه "الحضرة العيساوية" بأنها "وسيلة علاج شبه نفسية" مضيفا أن هذه الحضرة " تحتاج منا الكثير من الدراسة الجادة عوض إطلاق أحكام معممة وجائرة ضدها". وأوضح نفس الباحث أن ناس العيساوة والفن العيساوي ورثوا الكثير من ريبرتوارات الطرق الصوفية الأخرى مثل حنصالة والرحمانية. ويرى الأستاذ علي خلاصي أحد المحاضرين المنتظرين في هذه الطبعة أن المهرجان يقدم عبر سهرات الطبعة السابعة الجارية صورة ملائمة عن تنوع الفن العيساوي وتناغمه مع مختلف الطبوع الموسيقية الموجودة في الجزائر ومنها المالوف والغناوي والإيقاعات الصحراوية .كما يشير إلى بعض التخلص من الطقوس المعروفة وتركيز على الفرجة والجانب الفني. وتحيي سهرة الليلة الثالثة في هذه المهرجان 3 فرق هي الجمعية الدينية لعزازقة (تيزي وزو) وجمعية الفنون والتراث الشعبي (بشار) وفرقة المدائح والأذكار والموشحات لمنطقة الزاوية (ليبيا). و يذكر أن المهرجان يشهد مشاركة قرابة 30 فرقة منها الفرقة الليبية وأخرى من تونس معروفة بإسم فرقة السلامية لمدينة قابس.