الشموع العطرية و تزيين البيض في محاولة لإحياء الألعاب التقليدية في المولد النبوي لم تختلف حماسة الجزائريين للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف رغم تراجع نشاط بيع المفرقعات الذي فرضته الرقابة المشدّدة على تجارة الألعاب النارية الرائجة في مثل هذه المناسبات، حيث لجأ الكثيرون إلى السوق السوداء بحثا عن هذه الألعاب المدوية التي تعوّدوا على استعمالها، فيما أعاد البعض الآخر إحياء بعض اللعب التقليدية المصنوعة من الكبريت، كما سجلت عودة عادة تزيين البيض إلى عديد المدارس الابتدائية و رياض الأطفال بمختلف بلديات قسنطينة و بقيت الشموع متربعة على عرش السلع الأكثر طلبا في ذكرى ميلاد المصطفى. بدأت أجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالكثير من المناطق منذ أيام، يطبعها دوي المفرقعات خاصة أمام المؤسسات التربوية بين صراخ الفتيات و قهقهات الشباب، فيما فضل بعض المعلمين بالمدارس الابتدائية و رياض الأطفال العودة إلى إحدى العادات العريقة التي ميّزت احتفال الأطفال بمناسبة ميلاد المصطفى عليه الصلاة و السلام في السابق و المتمثلة في تزيين البيض بعد إفراغه من محتواه و تعليقه بواسطة شريط جميل على جدران القسم أو جمع عدد من البيض الملوّن و ربط الأشرطة الملصقة على قطعة خشبية و التجوّل بها بفخر و فرح، حيث سجلت الكثير من المدارس عودة هذه العادة إلى حصة النشاطات اليدوية، في حين اكتفى بعض المربين بطلب تلوين و تزيين البيض من تلاميذهم بالبيت. و ذكرت إحدى المعلمات بأنها قررت رفقة عدد من زميلاتها إعادة بعث بعض النشاطات المرتبطة بالمناسبات الدينية من باب التحسيس و غرس العادات الجميلة في نفوس التلاميذ و شغل وقتهم في تجسيد أشياء مفيدة بدل تركهم ينساقون وراء ألعاب أقل ما يقال عنها أنها ترسخ سلوك العنف. و من جهة أخرى سجلت ببعض الأحياء الشعبية عودة ألعاب تقليدية كانت قد اختفت منذ سنوات، حيث راح بعض الأطفال يصنعون لعبة "البازوقا" التقليدية و ألعاب أخرى يستعملون فيها أشياء بسيطة كالمفاتيح القديمة و المسامير و الكبريت أو قارورات مواد قابلة للاشتعال رغم خطورتها، لتعوّدهم على الألعاب المذوية. و كالعادة ترّبعت الشموع على عرش السلع المعروضة بمناسبة المولد النبوي، وسط تنافس ملفت بين السلع المحلية و المستوردة فرضه الاهتمام المتزايد بالشموع العطرية بمختلف الأشكال و الأحجام ميّزه رواج الكؤوس الزجاجية الحاملة للشموع المعطرّة. و بعد أن ارتبطت ذكرى المولد النبوي طيلة سنوات بتنوّع و كثرة الألعاب النارية التي تسببت في الكثير من الحوادث الخطيرة التي استدعت تكثيف و تشديد الرقابة على مستوردي و مروجي المفرقعات و الألعاب النارية عموما بالموانئ و داخل الأسواق لا سيّما بعد رواج أنواع خطيرة، ارتأى بعض الغيورين على العادات و التقاليد الجميلة العودة إلى أهم الطقوس الممارسة في مثل هذه الممارسات بالحث على إحياء أجمل العادات و من بينها تزيين الشموع و البيض و الحناء و إعداد الحلويات و استعادة بعض الألعاب البسيطة و ترديد المدائح و المشاركة في مسابقات حفظ القرآن و الأحاديث النبوية...و غيرها من المظاهر التي كانت تطبع احتفالات المولد النبوي قبل أن يتحوّل إلى مناسبة يخشاها الكثيرون و يتجند لها الأطباء لاستقبال ضحايا حوادث ألعاب "المتفجرات"و تستعد فرق الحماية المدنية للتدخل لإطفاء النيران و نقل ضحايا الحوادث في ليلة الكوابيس، رغم حملات التذكير و التحسيس التي تساهم فيها مختلف الأطراف و الجهات من رجال أمن و أطباء و رجال دين لتفادي الكوارث المسجلة في احتفال حوله الكثيرون إلى احتفال صاخب بمظاهر دخيلة. كما وجد البعض في مواقع التواصل الاجتماعي منبرا للتذكير و نشر أجمل الذكريات الراسخة عن هذه المناسبة الدينية المهمة عندما كان يحتفى بها في أجواء آمنة، حيث غلب على تعليقات المشاركين في مختلف المنتديات الالكترونية عبارات الحسرة و الحنين إلى ذكريات زمان و بالأخص إلى الألعاب البسيطة التي لم يعد لها وجود بين الألعاب النارية الحديثة الأقرب إلى دخائر حرب، يثير ذويها هلع و قلق الكثيرين. و من بين التعليقات المسجلة في منتدى المولد النبوي الشريف بقسنطينة، تلك التي تحسرت من خلالها المبحرة شيماء دي زاد على غياب أجواء المرح دون قلق أو أدى أو ذوي يثير ارتجاج زجاج النوافذ و منبهات السيارات المزعجة. و فضل المبحر "سعيد سوفينير" نشر جزء من مقال قام بتحميله من موقع "قسنطينة أمس و اليوم" تمحور حول أهم العادات الممارسة في هذه المناسبة بمدينة قسنطينة كتنافس الأطفال في تزيين و تلوين البيض لنيل إعجاب الزملاء و المعلم، بالإضافة إلى التذكير بأهم اللعب و على رأسها حجر الطرطاق و المفرقعات صغيرة الحجم و النجوم، فضلا عن جلسات الذكر التي كان يقوم بها مريدي الطرق الصوفية و بشكل خاص العيساوة ليلة المولد النبوي و كذا اليوم السابع بالزوايا أين يتم تنظيم مأدبة عشاء للحضور و المتكونة عموما من طبق المحوّر "كسكسي"أو الشخشوخة و كذا طبق الحلو المعروف باسم "الزرير" أو "البسيسة" المقدمة عادة في مناسبة الميلاد.