سكان يقاومون الطبيعة ويطالبون بالطريق والتنمية الريفية يختصر سكان جزء من الشريط الحدودي لولاية ميلة مع ولاية جيجل التابعين إقليميا لبلدية تسالة لمطاعي والموزعين على تجمعات بوداود , أولاد سعيد , أولاد عبيد وأداس بوخلاد ويبعدون عن مقر الولاية ميلة بأكثر من 90 كلم مطلبهم المقدم للسلطات قصد مساعدتهم على تجاوز مصاعب الحياة اليومية التي يعيشونها كل لحظة في تهيئة الطريق، الذي يربطهم بالعالم الخارجي أسوة بجيرانهم سكان التجمعات التابعة لولاية جيجل،الذين تمت تهيئة طريقهم بالخرسانة المز فتة فجعلت حركتهم سهلة قبل ولوجهم إقليم ميلة ،حيث يجدون الطريق وقد ملأته الحفر والمطبات وعرض المسلك المتآكل بفعل الزمن ومتغيرات الطبيعة والأرض،الأمر الذي جعل المسالك الترابية بالمنطقة أفضل بكثير من الطريق المنجز من قبل الدولة حسب تعبيرهم . فالطريق على رداءته وبفعل ارتفاع المنطقة عن سطح البحر وتشكلها من مرتفعات وسلسلة جبلية لا يصلح لمرور أكثر من مركبة واحدة ،حيث تجبر باقي المركبات المنطلقة في الاتجاه المعاكس على اختيار متسع من الطريق لتتوقف قصد تمكين المركبة الأخرى من المرور ثم مواصلة المسير،هذا في فصلي الربيع والصيف وبدايات الخريف، أما ما دون ذلك ومع ظهور الرقائق والبلورات الأولى للثلج، فإن معالم كل المسالك تختفي وتكسى المنطقة بحلة بيضاء يطول بقاؤها أو يقصر حسب وتيرة التساقط ،كما حصل خلال شتاء 2012 ،حيث أجبر السكان هناك على ملازمة منازلهم لمدة تجاوزت الشهر ولولا التدخلات الموفقة في ذلك الوقت للسلطات عبر الاستنجاد بعناصر الجيش الوطني وأسلاك الأمن والحماية المدنية لعاش السكان الكارثة ،حيث عمد المنجدون إلى استعمال آلياتهم الكبرى وما توفر لدى الجماعة المحلية والمؤسسات الخاصة من عتاد إلى فتح المسالك وإيصال المؤونة ونقل المرضى على الأكتاف قصد توصيلهم لأقرب وحدة صحية وهو ماساهم في مد للبعض منهم بمشيئة الله بحياة جديدة وعمر أطول ، كما كشف لنا أحدهم وهذا الذي يدعم اليوم مطلب السكان بضرورة الإسراع في تهيئة الطريق وتعبيدها لفك العزلة عنهم. هذا المطلب يشترك فيه معهم زوار المنطقة ولكن من زاوية أخرى إذ يتساءلون عن دواعي هذا التماطل أو التقصير في إنجاز الطريق الذي سيشكل بعد اتمامه مسلكا سياحيا في غاية الروعة والجمال وسيكون محل استقطاب للكثير من الناس في ظل الخضرة الدائمة والمياه المتدفقة والتي جعلت الزوار لا يملكون في وصفهم للمكان إلا القول بأنه جنة فوق الأرض تفيد في علاج مختلف الأسقام التي يعاني منها الانسان. المطلب الثاني يتمثل في حاجتهم لبرامج دعم التنمية الريفية وتخليصهم من العوائق المعترضة في هذا المجال خاصة ما تعلق بعقود الملكية ، التي لا يملكها الكثير منهم بحكم أن الأرض توارثتها الأجيال من دون وثائق ولا تسجيل أو اشهار وتربية المواشي والطيور والنحل في ظل كثرة الحشائش والغابات بإمكانها أن تدخل المنطقة بقوة في عجلة التنمية وتصبح موطن استرزاق كبير يوقف عملية الهجرة الداخلية المشهودة حاليا بكثافة والتي حولت بوداود مثلا من أكبر تجمع سكاني الى أصغر تجمع بالبلدية من حيث التواجد السكاني مع الإشارة وأن فاكهة (عين بقرة ) منطقة بوداود لها شهرتها الواسعة لنوعيتها الراقية ودون نسيان أن أغلب أبناء هذه المشاتي المتمدرسين موزعون على الأقارب من سكان الحواضر ببلديات الولاية الشمالية ابتداء من عميرة أراس إلى غاية عين التين مرورا بباينان , زغاية ميلة ووادي النجاء كما أن مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز قاطعت المنطقة وسكانها من سنوات إن في رفع كمية الطاقة المستهلكة المسجلة على العدادات أو في التدخل وإصلاح الأعطاب التي يضطر السكان إلى التدخل مثلما صرحوا لنا لإصلاحها بأنفسهم مع ما يصاحب ذلك من أخطار وموت محدق بهم مذكرين بأن بعض الأعمدة لم يتم إرجاع أسلاكها إلى اليوم.. وفي ظل غياب الرعاية الصحية بهذه المنطقة من الولاية فإن سكانها ملزمون بالتحول عند الضرورة القصوى شمالا نحو الوحدات الصحية التابعة لبلدية بوسيف أولاد عسكر بولاية جيجل المتاخمة لهم على الأقدام لمسافة تتجاوز الثمانية كلم ذهابا ومثلها إيابا أو جنوبا ،أين تتواجد وحدات بلديات ميلة الأخرى لكن على مسافة تتجاوز 50 كلم ،لأجل عمليات بسيطة مثل قياس الضغط الدموي أو تلقى حقنة طبية ، فيما يفضل مواطنون آخرون برغم أناتهم عدم التنقل برغم متاعبهم الصحية التي كشفت عنها الفرق الطبية التي تنقلت نهاية شهر ماي الماضي إليهم مرفقة بوالي الولاية ، الذي أعطى إشارة انطلاق العملية من هناك بما يمثل اعتراف لحاجة سكان المنطقة للتكفل الصحي وهي العملية التي كلفت بموجبها وزارة الداخلية والجماعات المحلية الحماية المدنية بالإشراف عليها بمساهمة قطاع الصحة و تشمل فرقها أطباء عامين من النساء والرجال مع قابلات ومختصات نفسانيات وممرضات تماشيا والطبيعة المحافظة لسكان المناطق المعزولة وبحسب ما أفادنا به الأطباء بعين المكان فان الفحوصات الأولى التي أجروها على أفراد العائلات المستهدفة قد بينت معاناة البعض من هؤلاء من بعض الأمراض دون علمهم بذلك مثل الضغط الدموي فيما صرحت لنا أحدى السيدات أن حالة العزلة والبعد عن الوحدات الصحية التي تعتبر من يومياتهم قد أرغمتهم على عن الاحجام عن المتابعة وعدم التنقل إلا للضرورة القصوى نحو المراكز الحضرية طلبا للعلاج وهو ما يطرح ضرورة تعيين طبيب للوحدة الصحية الموجودة ببوداود والتي نشاطها غير بعيد عن نقطة الصفر كون الممرض يزورها نصفي يوم في الأسبوع. وبرغم توفر المنطقة على مخزون معتبر من المياه والتي تتدفق منابعها في كل مكان إلا أن جمعها وتحويلها لفائدة السكان أو قل البعض منهم تبقى من الأولويات التي يطالب بها المحرومون منهم حيث أنابيب معدن الحديد المستعملة أكلها الصدأ وهو ما يشكل خطرا اضافيا على صحة السكان وكذلك فالمدرسة يغطي سقفها البلاستيك في ظل حاجتها الكبيرة للترميم. رئيس بلدية تسالة لمطاعي أوضح في تصريح للنصر أن مشروع الطريق يبدأ من الطريق الولائي 135 أ ليمر على أولاد سعيد فأولاد عبيد إلى أداس بوخلاد إلى غاية الطريق الوطني 105 ويشكل حزاما على مسافة 21 كلم تم الاعلان عن شطره الأول لكن المناقصة كانت غير مجدية ،مما أرغم مديرية الاشغال العمومية إعادة الاجراءات قصد محاولة منحه من جديد. وبخصوص المنابع المائية يقول المير فهي موجودة بكثرة وسكان بوداود لهم خزان مربوط بالمنع على مسافة 1,4 كلم والإشكال في هذه المسافة أن القناة تعاني الانكسارات وقد أسند أمر تجديد القناة لمقاول غير أنه تخلى عن المشروع وبخصوص المدرسة فحقيقة سقفها منهار والمعالجة تكمن في ازالة القسمين كلية وإعادة بنائهما من قبل المديرية الوصية أما السكن الريفي فقادر على اعادة السكان المهاجرين لموطن مولدهم بالإضافة للدعم الفلاحي الذي سيثبتهم بصفة نهائية شريطة تمكين السكان كذلك في محاربة الخنازير المعروفة بعملها المتلف للمحاصيل خاصة وقت تواجدها بكثرة كما هو حالها اليوم. أما والي ميلة فكان قد وعد بعد المعاينة الميدانية لمتاعب سكان هذا الشريط الحدودي بأن يسرع في إنجاز الطريق، الذي سيشكل حزاما مهما لسكان ولايتي ميلة وجيجل على حد سواء داخل إقليم الولاية.