الحرفي بلقاسمي بن سعيد علي يكسب قوت يومه من الأشجار المعدنية طوّع الحرفي بلقاسمي بن سعيد علي، الأسلاك المعدنية بكل أنواعها و ألوانها وحوّلها إلى تحف تليق بالمعارض الفنية الحديثة، مستلهما تصاميمه من شجرة الحياة محور أغلب منحوتاته و لوحاته التي أثارت إعجاب زوار الصالون الوطني الثالث عشر للنحاس بقسنطينة بين 15و 19جوان الجاري. ابن مدينة الشلف الذي أجبرته ظروف قاهرة على الابتعاد عن الفن التشكيلي مجال تخصصه الأول الذي حاز بفضله على جائزة مهمة في العراق في بداياته، فغاب عن الساحة التشكيلية لأكثر من 20سنة، دون أن يتخلى على هوايته و متنفسه المفضل، الذي يعود إليه كلما احتاج إلى ذلك، يقول الفنان بلقاسمي آسرا كيف أن وفاة والده كانت بمثابة نقطة تغيّر في حياته، لأنه بابتعاده عن الرسم باستعمال الريشة، اكتشف فضاء لا يقل عن سحر الأول. و إن كان ذلك صدفة، عندما استاء لرؤية كميات كبيرة من الأسلاك المعدنية تركها عمال بعد انتهائهم من تركيب خطوط هاتفية بالحي الذي يقطن فيه، فأخذها و احتفظ بها، دون أن يتوّقع أن تتحوّل هذه الخيوط المعدنية مصدر إبداعه، رزقه و كذا شهرته. فقد وجد في تلك الأسلاك موادا لتجسيد تصاميم لطالما شغفته و ملكت حواسه، فراح يحقق حلمه في إنجاز تحف فذة يرى نتائج ما صنعته أنامله في وقت زمني قصير و ليس بعد سنوات مثلما حدث مع مشروعه الفني في تربية أشجار الزينة و على رأسها البونساي، الذي تمكن من إبداع عشرات التحف الحاملة لتصاميم هذا النوع من الأشجار المصغرّة، إلى جانب كل ما يوحي إلى الحياة بأفراحها و أحزانها و التي يحاول تلخيصها من خلال التسميات التي يتفنن في انتقائها لمنحوتاته الجميلة نذكر منها على سبيل المثل «وجه الأرض الأم»، «الارتفاع باتجاه الأمل»، «مخرج روح»، «المرأة الأوراسية»، «لهب في القلب»، «الصداقة»، «الدوامة»..و غيرها من العناوين التي غالبا ما تحمل وراءها قصة حقيقية يؤكد النحات المبدع الذي شارك في العديد من المعارض الوطنية، و نجح في فرض إسمه من جديد في سماء الفنون التشكيلية و الحرف أيضا. و بعيدا عن مجموعته الغنية بتصاميم شجرة الحياة بكل أشكالها و أحجامها، اختار بلقاسمي ترك العنان لخياله و الحرية لأنامله لرسم ما يجول في خاطره من صور من الحياة الواقعية، فبرزت صورة المرأة الحائرة و العازفة و الراقصة، كما خصّص للرياضة و الموسيقى حيّزا بين تحفه بتشكيل لاعبي كرة سلة و جوق موسيقي. و اليوم يحلم هذا الحرفي لنقل خبرته للشباب و مساعدتهم في كسب قوتهم من مواد بسيطة لا تكلفهم مالا كثيرا، مثلما فعل هو من أكوام أسلاك معدنية مرمية في الشارع أعاد استغلالها في تشكيل تحف صنعت فرحته و نجاحه منذ 2009.