نساء وأطفال يقتاتون من بقايا المحاصيل الزراعية بقالمة دفعتهم الظروف الإجتماعية القاسية إلى الإستنجاد بالطبيعة السخية لضمان مصدر العيش، يقضون ساعات طويلة وسط الحقول الزراعية على امتداد سهل سيبوس الخصيب الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى قطب زراعي كبير ينتج أجود أنواع الخضر والفواكه على مدار السنة تقريبا. تجدهم في كل مكان يحملون أدوات الحفر والأكياس البلاستيكية، ويحرصون على اختيار الموقع المناسب حتى لا يعودوا بأياد فارغة في نهاية الرحلة الشاقة، رحلة البحث عن الغذاء وخيرات الطبيعة المدفونة تحت الأرض، هؤلاء هم المنقبون عن بقايا المحاصيل الزراعية بقالمة نساء وأطفال، يجوبون محيط السقي الشهير الممتد من مجاز عمار غربا إلى بوشقوف بأقصى الشرق، أملا في الحصول على كميات من الغذاء الذي أصبح سلعة نادرة وثمينة بالأسواق المحلية، التي تواصل استنزاف جيوب الفقراء بأسعارها التي فاقت قدرات العديد من الأسر بالرغم من وفرة الانتاج المحلي. وتعد حقول البطاطا مصدر استقطاب رئيسي للباحثين عن الغذاء، وتبدأ رحلة هؤلاء مباشرة بعد جني المحصول ومغادرة المزارعين، الذين يرفضون دخول الأطفال والنساء إلى الحقول قبل انتهاء عملية الجني، إلا أنهم لا يترددون في تشغيل القصر والنساء لجمع المحصول باسرع وقت ممكن قبل سقوط الأمطار توحل الحقول يشغلونهم بأجور متدنية من خلال أيام الجني ثم يتخلون عنهم إلى الموسم القادم، لكن هؤلاء الأطفال والنساء يعودون مرة أخرى إلى حقول البطاطا للتنقيب عن البقايا المدفونة تحت التراب، هم يعرفون بأن طريقة الجمع الميكانيكي للمحصول غالبا ما تترك كميات هامة من البطاطا هنا وهناك، وعليهم أن يبذلوا مجهودا كبيرا لإخراج بقايا المحصول والعودة غانمين إلى منازلهم مع حلول ساعات المساء. ويعاني الأطفال المنقبون عن المحاصيل الزراعية من البرد والجوع وسط الحقول، لكنهم يواصلون العمل ساعات طويلة، تماما كما يفعل أطفال الحلزون والزيتون عبر شعاب وسهول قالمة، بلد الزراعة والخيرات والفقر الذي أخرج النساء والأطفال إلى الشوارع والحقول الزراعية على امتداد السهل العظيم.