عرف الوضع الامني في مصر اليوم الخميس في ظل استمرار الاشتباكات الدامية بين المتظاهرين بضواحي ميدان التحرير بوسط القاهرة مما أثار مخاوف الاممالمتحدة والمجتمع الدولي على حد سواء. وتقع الاشتباكات بين المعتصمين المطالبين برحيل الرئيس المصري حسني مبارك بميدان التحرير ومناصريه مع بداية دخول حظر التجول. و كانت اليوم منطقة ميدان عبد المنعم رياض القريب من المتحف المصري مسرحا للاشتباكات استخدمت فيها الحجارة بكثافة اكثر من امس الاربعاء إلى جانب الزجاجات الحارقة. وشهد ميدان التحرير مركز الحركة الشعبية يوم امس اصطدامات دامية بين مناصري مبارك والمعارضين الذين يطالبون برحيله الفوري و دعوا إلى مظاهرات عارمة غدا لاجبار الرئيس مبارك على التنحي عن السلطة والشروع في اصلاحات سياسية واقتصادية. وأكدت مصادر اعلامية نقلا عن شهود عيان أنه سمع دوي اطلاق نار متقطع في ضواحي ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية اليوم فيما تضاربت انباء عن سقوط قتلى وجرحى. وعلى خلفية الاحداث التي شهدها امس ميدان التحرير وخلفت خمسة قتلى و 800 جريح وفقا لحصيلة رسمية تعهد أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري اليوم بإجراء تحقيق فوري وسريع لمعرفة المتسببين في تلك الأحداث الدامية. مجددا إعتذاره عن الأحداث التي أسفرت عن وقوع ضحايا. وفي مؤتمر صحفي قال احمد شفيق "أتعهد أمام الشعب المصري أن هذا الوضع لن يمر مرور الكرام" مضيفا أنه أجرى اتصالات هاتفية الليلة الماضية مع عدد من المحتجين من الشباب في ميدان التحرير وأنه على استعداد للذهاب إلى الميدان ومحاورة المحتجين. ومن جهة أخرى أكد رئيس الوزراء المصري أنه لن يتم اقصاء أي طرف مصري من الحوار الوطني في إشارة إلى جماعة الاخوان المسلمين. و أعلن أحمد شفيق ان الحوار الذي بدا اليوم مع المعارضة سيشمل "ممثلين عن المتظاهرين فى ميدان التحرير" فى اشارة إلى المعتصمين بالميدان منذ عشرة أيام للمطالبة برحيل الرئيس مبارك. وقال رئيس الوزراء المصري أن الحوار "يهدف إلى ايجاد مخرج للوضع الراهن وإنهاء حالة التظاهر والإعتصامات و إستئناف العمل بمختلف أجهزة الدولة نظرا لما يتحمله الإقتصاد المصرى من أعباء كبيرة بسبب الأحداث الأخيرة ". وعلى ضوء الاحداث الجارية بمصر وعملا منها للتحكم في الوضع قررت النيابة العامة في البلاد اليوم منع امين التنظيم السابق في الحزب الوطني الحاكم احمد عز ووزراء السياحة والاسكان والداخلية وعدد اخر من المسؤولين من السفر وتجميد حساباتهم في البنوك. وقال النائب العام المستشار عبد المجيد محمود انه تم اصدار عدة قرارات "في ضوء الأحداث الجارية وملاحقة المتسببين فيما شهدته البلاد من اعمال التخريب والنهب والسرقة للممتلكات العامة والخاصة وإشعال الحرائق والقتل والإنفلات الأمنى والأضرار بالإقتصاد القومى". و امام المازق الحرج التي تعرفه مصر واثار انشغالات وقلق الاسرة الدولية دعت وزارة الاوقاف المصرية الائمة إلى التركيز فى خطبة الجمعة غدا فى جميع مساجد مصر على معانى الوحدة والتماسك والترابط بين المسلمين جميعا, وحرص الاسلام على تشجيع التعاون ونبذ العنف. و على الصعيد الدولي جدد الامين العام للامم المتحدة بان كى-مون "قلقه العميق" ازاء العنف "غير المقبول" فى مصر. داعيا كافة الاطراف إلى بدء حوار دون أي تأخير. و قال بأنه من المهم ضمان انتقال سلمى للسلطة فى مصر .مضيفا "دعوت كل الاطراف على الانخراط فى هذه العملية دون اى تأخير". وكان البيت الأبيض الامريكي قد اعلن امس الأربعاء إن وقت انتقال السلطة في مصر حان "الآن" مضيفا ان الشعب المصري "لا يريد سماع الخطابات بل رؤية الأفعال". كما دعت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون السلطات المصرية للدخول "حالا في عملية انتقال حقيقية ومجدية باتجاه اصلاح ديمقراطي حقيقي فاسحة المجال أمام انتخابات حرة وعادلة". فيما وقع زعماء خمس دول أوروبية اليوم على بيان مشترك يدين الوضع في مصر داعين إلى البدء الفوري للعملية الانتقالية السياسية في البلاد. فقد نددت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا في بيان مشترك لهم أصدره مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "بجميع من يستخدمون العنف أو يشجعون عليه والذي من شأنه المساهمة في تفاقم الاوضاع لا غير" مؤكدين أنهم "يتتبعون تدهور الموقف في مصر بقلق بالغ". من جهتها دعت بريطانيا الحكومة المصرية اليوم لى التوقف على الفور إذا كان لها يد في أعمال العنف الجارية ضد المتظاهرين و خلفت قتلى وجرحى. وشدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط ألستير بيرت على "ضرورة إجراء المحادثات بين أحزاب المعارضة المصرية لأجل تخفيف التوتر وإيجاد سبيل على وجه السرعة لبث الأمن في نفوس المواطنين لأنهم يعلمون بأن عملية الانتقال إلى الديمقراطية جارية ولن تتوقف". وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم انه على دولة مصر حل ازمتها السياسية الحالية بنفسها. وقال ان هذه الدولة " شريك استراتيجي لروسيا وأنها دولة رئيسية في منطقة الشرق الاوسط". كما ذكر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن عمر سليمان نائب الرئيس المصري حسني مبارك طلب من إيطاليا أن تلعب دور الوسيط من أجل وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة في بلاده التي ترتكز في الاساس على التعديلات الدستورية.