بن قردان (تونس) - ما يلفت نظر العابر لسوق "الزكرة" بمدينة بن قردان التي تعد حوالي 60 الف نسمة و تقع جنوب-شرق تونس و تبعد بحوالي 45 كلم عن مركز عبور رأس جدير هو الركود العام للنشاط التجاري بهذه المنطقة التي كانت تعيش حيوية كبيرة حسبما أفاد أغلب سكانها. فهذه البلدة الجنوبية الصغيرة التي تبعد بحوالي 30 كلم عن الحدود التونسية الليبية و بحوالي 450 كلم عن العاصمة التونسية معروفة بسوقها التي تجلب سلعها من المدن الليبية المجاورة للشريط الحدودي تعرف اليوم ركودا في الحركة التجارية بسبب أحداث الجارة ليبيا وهي حقيقة لا تخفى على احد و أكدها الكثير ممن تحدثت إليهم وأج حتى من غير التجار. فبالنسبة لعمار بوكلش صاحب محل زرابي فاخرة بسوق الزكرة فإن الأوضاع تغيرت كلية عما كانت عليه قبل شهرين ولم يعد التجار يعرفون حسبه هل محلاتهم مغلقة أم مازالت مفتوحة. ذلك لأن الحركة التجارية في هذه السوق التي يعرفها الجزائريون الذين عبروا الحدود الليبية توقفت بصفة كلية يضيف المتحدث بمرارة وهو يشير إلى محله مؤكدا "ربما سأغلق بعد بيع كل ما تبقى لدي من بضاعة إذا لم تعد الأوضاع إلى مجاريها بليبيا" التي تعد المصدر الأساسي لتموين تجار السوق والمدينة. وغير بعيد عن المكان كان علاء الدين حلاس تاجر مواد منزلية يتجاذب أطراف الحديث مع صاحب محل مجاور لمحله والملل يبدو على وجهيهما. فالحال متوقف لأن البضاعة توشك على الانتهاء يجيب أحدهما على استفسار وأج حول الأوضاع بالسوق ليردف بأن الأسعار ارتفعت مرتين ولم يعد هناك من يشتري السلع لاسيما بعد أحداث تونس الأخيرة والندرة التي أعقبتها في السوق للكثير من المواد. و لم يخف التاجر عمار هلال صاحب محل لبيع الأجهزة الكهرومنزلية قلقه ازاء الأوضاع في ليبيا. و قال بالحرف الواحد لوأج "يهمني أمر ليبيا أكثر من تونس أتدرون لماذا لأن ليبيا هي مصدر رزقي أنا و كثير من التجار بهذه البلدة لأن اقتصادها مربوط بهذا البلد الذي تمزقه اليوم المواجهات إننا نعيش على حافة الإفلاس انظروا إلى المحلات الكثير منها بدأ يفرغ و لا ندري الى متى ستستمر الأزمة" . أما مبروك الرقاد (38 سنة) مهندس في الغابات فتساءل عن مستقبل هذه البلدة الذي أصبح مجهولا في نظر سكانها لاسيما الشباب الذين بدأ بعضهم يفكر بجدية في "الحرقة" وكذا مصيرها بعد توقف قوافل الإغاثة عن المجيئ إلى المنطقة فهي تعيش حاليا على وقعها و ما يجري على الحدود. لكن على الرغم من كل هذه الأوضاع المتردية كان قاطنوها السباقون إلى تقديم الإعانة و المساعدات للقوافل الأولى من اللاجئين الذين توافدوا على راس جدير. وتعد هذه الأيام مدينة بن قردان مخزنا كبيرا للفائض من المواد الغذائية التي ما زالت تتهاطل من المنظمات الإنسانية بغية تقديمها للاجئين بتراب تونس هربا من الأوضاع في ليبيا والمتواجدين بمركز عبور رأس جدير حيث أكد رئيس فرع الهلال الأحمر التونسي بالمدينة الدكتور محمد بن ذياب على التفكير الجدي في كيفية إرسالها إلى الشعب الليبي. و في بن قردان تبقى عودة النشاط التجاري متوقفة إلى حين على ما ستنتهي عليه الأوضاع بليبيا والتي لا يعرف نهايتها سوى الله يقول العم مختار وهو يغلق محله تأهبا لأداء صلاة الظهر.