ميلة - أزيح الستار يوم الثلاثاء بميلة عن جدارية عملاقة بطول 86 مترا وعرض مترين بجوار روضة الشهداء الواقعة بمنطقة عين الصياح بالقرب من وسط المدينة. و قال حرفي النحاس محمد الشريف دربال الذي أنجز الجانب الفني من المشروع بأن هذا العمل المنجز بالبرونز و الفضة و النحاس استغرق منه قرابة 8 أشهر من العمل المضني. و تتضمن الجدارية حسب نفس الفنان الذي شارك في معارض حرفية فنية وطنية و جهوية عديدة 16 لوحة تتطرق 7 منها لمراحل تاريخية و6 أخرى لمنشآت ومكاسب محلية إلى جانب 3 لوحات مكتوبة تؤرخ لرصيد وعطاء المنطقة تاريخيا وثقافيا. و حسب رئيس دائرة ميلة نور الدين بوسام فإن الجدارية التي يبلغ ارتفاع لوحاتها المترين تبدأ بالماء من خلال معلم العين الرومانية المعروفة باسم "عين البلد" و تنتهي أيضا بالماء من خلال صورة عملاقة لسد بني هارون الذي تم تعميره بالجهة سنة 2004 بسعة حجز قوامها نحو مليار متر مكعب. و تتناول اللوحات التاريخية للجدارية تاريخ ميلة منذ العهد النوميدي مرورا بالفترات الرومانية والوندلية والبيزانطية وصولا إلى دخول الإسلام للجهة سنة 55 للهجرة على يد الصحابي أبو المهاجر دينار. و تتضمن الجدارية التي بلغت تكاليف انجازها الفني زهاء 8 مليون دينار حسب بشير بلعطار رئيس البلدية في نفس السياق صورة للمسجد الأثري "سيدي غانم" الكائن بميلة القديمة والذي أسسه أبو المهاجر سنة 59 للهجرة ليكون مركز إشعاع روحي للإسلام الفاتح بمنطقة المغرب الأوسط (الجزائر). و لا تنس الجدارية التطرق في لوحاتها للمراحل الفاطمية و الحمادية و العثمانية من تاريخ ميلة التي عانت الكثير بدء من سنة 1937 من الغزو الاستعماري الذي حاول كما جاء في الجدارية تشويه روحها وتاريخها الناصع. و لم يخف محمد بن داس الأمين الولائي للمجاهدين إعجابه بهذه الجدارية الفنية الجميلة التي تمجد كما قال "تاريخ وحضارة ميلة وتخلدهما للأجيال الصاعدة". أما عمار نوارة محافظ آثار ميلة فقد اعتبر الجدارية "إنجازا عظيما يضاف لمكاسب ميلة عبر التاريخ" ومن ذلك دورها المشهود له باعتبارها "خزان روما في ميدان الحبوب والحليب" دونما إغفال للجوانب الراهنة للتنمية الحاضرة ممثلة في المركزالجامعي و سد بني هارون . و تندرج الجدارية كما تبدو في عين المكان ضمن مشروع متكامل للتهيئة العمرانية لمنطقة عين الصياح انطلق سنة 2001 بمراحل عديدة ترمي إلى انجاز فضاءات تاريخية وترفيهية و أورقة للمعارض مؤدية للمدينة القديمة. و تم لحد الآن انجاز روضة جديدة للشهداء بالموقع السابق لمقبرة سيدي علي العواد كما يرتقب تهيئة أروقة تحت الجدارية من المقرر أن تضم أسماء نحو 7 آلاف شهيد تعدهم ولاية ميلة خلال ثورة التحرير المظفرة. و إلى جانب ذلك ستضم التهيئة انجاز مسرح للهواء الطلق ومحلات للحرف والصناعات التقليدية و مساحات خضراء وتسلية. و قدر رئيس دائرة ميلة مجموع ما استهلكه مشروع التهيئة هذا قيمة 270 مليون دينار.