الجزائر - يزداد المشهد اليمني تأزما في ظل التوتر الامني الخطير الذي تعيشه البلاد خاصة مع سيطرة مسلحين من تنظيم "القاعدة" على مدينة درع جنوب العاصمة صنعاء دون تسجيل مقاومة من قبل قوات الحكومة "الهشة" التي يبدو انها تمر باوقات حرجة من اجل حل الازمة التي تتخبط فيها البلاد منذ قرابة السنة. و في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة ايجاد مخرجا للازمة المتعددة الابعاد يعمل التنظيم المتمرد "القاعدة" في الجنوب على تقوية صفوفه و مواقعه مستغلا في ذلك ضعف الادارة المركزية و هياكلها من جهة و من جهة اخرى انشغالها بكيفية تنفيذ آليات المبادرة الخليجية التي تعرف هي الاخرى جدالا واسعا من اجل تطبيقها. و لعل الامر الاخطر يكمن في سيطرة عناصر مسلحة تابعة للقاعدة ليل السبت الاحد على دراع الواقعة على بعد 267 كلم إلى جنوب شرق العاصمة و هي اكبر منطقة بمحافظة البيضاء في ظل غياب تام لقوات الأمن ليصبحوا "القوة المهيمنة على المنطقة" على حد تعبير احد مسؤولي المحافظة. و بعدما اكد المسؤول "انسحاب القوات الحكومية إلى قواعدها" قال ان "عناصر القاعدة حلوا مكانها و اقاموا نقاط تفتيش" في بعض الممرات الهامة على اعتبار ان المدينة شكلت عديد المرات هدفا لمحاولات التنظيم السيطرة عليها مظرا لاهميتها و موقعها الاستراتيجي. و أضاف المصدر أن المسلحين الذين قدرت عددهم مصادر اعلام محلية ب 700 عنصرا مسلحا "يتمركزون حاليا في قلعة العامرية التاريخية و هي منطقة استراتيجية وسط المدينة بالإضافة إلى انتشار كثيف لهم بالمدينة و تمركزهم الكبير في حي قرب مبنى المواصلات". و أوضح أن سقوط قلعة العامرية يعني سقوط المدينة بالكامل مشيرا إلى أن القلعة كانت "ثكنة أمنية" قبل أن تسلمها قوات الأمن إلى مسلحين تابعين للنظام اليمني مع بداية الاحتجاجات لقمع المحتجين منها. و في رد فعل الحكومة نقلت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) اليوم الاثنين عن مسؤول من وزارة الداخلية ان "مجموعة من العناصر الإرهابية المسلحة اقتحمت يوم أمس جامع العامرية برداع و عدد من المساجد المختلفة وشكلت الرعب والخوف داخل المدنية. و قال المصدر ان "العناصر اقتحمت السجن المركزي برداع و ساعدت على فرار مجموعة من السجناء على ذمة قضايا جنائية مختلفة" موضحا أنه "لا يوجد بينهم أي عنصر من عناصر تنظيم القاعدة كما روجت له بعض وسائل الإعلام". و أكد من جهة اخرى انه "تم تشكيل عدة فرق ميدانية من الجيش و الأمن لإعادة السجناء إلى السجن" الذي شهد مواجهات اسفرت عن مقتل ثلاثة من حراسه حسب مصادر اعلامية. و كانت مصادر قبلية من جهتها قالت أن "المسلحين اقتحموا سجن المدينة حيث يعتقل حوالي مائة شخص من بينهم عناصر من القاعدة و اطلقوا سراحهم". و في نفس السياق ذكرت وسائل الاعلام ان عناصر من تنظيم القاعدة قتلوا اربعة مدنيين اليوم الاثنين في سوق شعبية في مدينة رداع إثر خلاف حول سيطرتهم على أحياء المدينة. و بسيطرة عناصر "القاعدة" على مدينة رداع تكون هناك اربعة محافظات يمنية تقع في جنوب و شرق البلاد تسيطرعليها العناصر المسلحة وهي مأرب و شبوة و الجوف و البيضاء بالاضافة إلى زنجبار كبرى مدن محافظة أبين الجنوبية لكنها المرة الأولى التي تسيطر فيها على مدينة تبعد عن صنعاء مسافة ساعتين فقط بالسيارة و هذا جراء التدهور الأمني في البلاد اثر الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام منذ بداية فيفري 2011. إلى ذلك أعلنت اللجنة العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار التي يرأسها نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أنها "تابعت في اجتماع اليوم الاثنين بمسؤولية المعلومات الواردة إليها من مدينة رداع بمحافظة البيضاء و ناقشتها باستفاضة للوقوف أمام حقيقة ما حدث و تقصي أبعاد و تطورات الموقف في رداع". و تتمثل مهام اللجنة التي تم تشكيلها بعد التوصل إلى اتفاق بعض اطراف الطبقة السياسية في اليمن على المبادرة الخليجية و امضاء الرئيس عبد الله صالح عليها في ازالة المظاهر المسلحة من الشوارع و المدن اليمنية التي تعرف انتشارا غير مسبوق للاليات و المعدات العسكرية الحكومية و الاخرى التابعة للجيش المنشق عن النظامي. و في هذا الصدد اكدت اللجنة أنها ستواصل عملها حتى يتم استكمال إزالة كافة المظاهر المسلحة و إنهاء بؤر التوتر التي خلفتها الازمة السياسة في البلاد التي ماتزال تعرف اخذا و ردا بسبب منح الحصانة للرئيس عبد الله صالح من المتابعات القضائية و هو الامر الذي يرفضها "شباب الثورة" رفضا قاطعا. و يذكر انه بعد اشهر من المماطلة و المظاهرات وقع الرئيس اليمنى في 23 نوفمبر الماضي هلى اتفاقا برعاية مجلس التعاون الخليجي يهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية في اليمن من خلال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 21 فيفرى المقبل مقابل حصوله والمقربين منه على حصانة و تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادى. و رغم المعارضة الشرسة لمنح الحصانة فقد أقرت حكومة الوحدة الوطنية في اليمن في الثامن جانفى الجاري مشروع قانون يمنح الحصانة لعبد الله صالح ما يمهد لتنحيه تنفيذا لاتفاق انتقال السلطة بهدف وضع حد للحركة الاحتجاجية المناهضة له. و كان آلاف اليمنيين قد تظاهروا يوم الخميس الماضي في كافة أنحاء البلاد مطالبين برفض منح الحصانة للرئيس والمقربين منه. و تزامنت تلك الاحتجاجات مع مباشرة المبعوث الاممي جمال بن عمر في سلسلة مشاورات مع مختلف الأطراف اليمنية قصد ايجاد حلول لعدد من الأمور العالقة و تقييم الوضع الراهن في البلاد والحث على تضافر الجهود من أجل القضاء على كافة المعوقات أمام آلية تنفيذ المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة اليمنية. و أكد مبعوث الاممالمتحدة إلى لليمن جمال بن عمر أن الوضع في اليمن "لا يزال هشا وأن هناك عراقيل كثيرة تقف في طريق عملية الوفاق السياسي". و قال إنه سيقدم تقريرا لمجلس الأمن خلال الاجتماع المزمع انعقاده في ال25 من الشهر الجاري يعرض من خلاله ما تم تطبيقه من قرار مجلس الأمن والآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية.