الجزائر - لاحظ مسؤولون في الاحزاب أن بعض التشكيلات السياسية تعاني من عزوف المواطنين عن الانخراط في صفوفها ل"ضعف برامجها وغياب قواعد العمل السياسي الديمقراطي بداخلها". و كون ظاهرة العزوف تضعف الوعاء الانتخابي للتشكيلات السياسية غير القادرة على جلب متعاطفين معها لاسيما مع قرب موعد الانتخابات التشريعيه فإن الامين العام لحركة النهضة فاتح الربيعي يرى أن هذا الضعف يعد "هاجسا للكثير من الاحزاب التي ليس لها أي إرتباط وثيق مع الشعب و لا صلة مع إنشغالاته". و مع العلم أن قوة صفوف الاحزاب تقاس بعدد المنخرطين فيها فان العديد من المستجوبين برروا لوأج عجز مثل هذه التشكيلات السياسية ب"تقوقعها و عدم خروجها من جحورها". و قال ربيعي في هذا الشان ان هذه الاحزاب لا تظهر الا خلال المناسبات و المواعيد الانتخابية ل"تختفي ثانية" بعد الاعلان عن النتائج وهذا السلوك هو الذي زاد —حسبه— في "إفراغ صفوف هذه المجموعات +السياسية+ من منخرطيها الذين عادة ما يلجأون إلى "التجوال السياسي و الاستقرار ضمن كيانات سياسية أخرى". غير ان مثل هذا "التجوال" ليس بالبريئ في نظر الملاحظين اذ عادة ما يكون الحافز الاكبر هو "السعي للظفر برؤوس القوائم الانتخابية" على حساب الافكار والبرامج التي تستجيب لانشغالات مختلف شرائح المجتمع. و من هذا المنطلق ابرز ربيعي اهمية "حرص الاحزاب على انتقاء -منذ البداية- المناضلين الحقيقيين بدل المزيفين" و جلبهم نحو صفوفها. وبشأن استفحال ظاهرة "سحب الثقة والاقصاء داخل بعض الاحزاب" فقد أرجعها الربيعي إلى "غياب" قواعد العمل الديمقراطي وعدم التداول عن طريق الانتخاب على مواقع المسؤولية في الحزب وهذا ما يؤدي —كما اضاف— إلى استعمال الاساليب "غير الديمقراطية" للحفاظ على بقاء المسؤول أو لجوئه إلى إنشاء حزب آخر يكون هو رئيسه. أما الامين العام لحركة الاصلاح حملاوي عكوشي فقد شرح عدم تحمس المواطنين للانخراط في الاحزاب ب"الخصومات والصراعات" التي تنشب ضمن التشكيلات السياسية متأسفا على مثل هذه الحال مبرزا ضرورة "اعطاء الاولوية لطرح البرامج الكفيلة بخدمة المجتمع". وفي هذا السياق أضاف أن معظم العناصر يكون همها الوحيد هو كيفية "إقتناص الفرص" مع قرب كل موعد انتخابي للصعود على رأس القائمة ناهيك عن "تشبت قيادات الاحزاب بمناصبها والقضاء على كل مسعى يهدف إلى تدوير مناصب المسؤولية". إن مثل هذه السلوكات السلبية في مسار الاحزاب تعد —حسب عكوشي— من الاسباب الرئيسية التي تدفع بالمسؤولين الذين تم إقصاؤهم إلى إنشاء أحزاب جديدة مما يشجع المناضلين المؤيدين لهم على الالتحاق بهم. وبدوره اعتبر الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي ضعف الوعاء النضالي داخل بعض التشكيلات السياسية دليلا على معاناتها من "أزمة حقيقية تهدد كيانها" لكونها غير قادرة على مسايرة الاحداث والتطورات السائدة على الساحة السياسية. كما اعتبر شرفي الاقصاءات التي تحدث من حين لاخر داخل الاحزاب "بدعة وآفة غيرمحمودة" و هذه الظاهرة —كما قال— تتطلب العمل بسرعة على معالجتها قبل فوات الاوان بالعودة إلى "التسيير الديمقراطي المبني على الشفافة لتجنب الهزات او الحركات التقويمية التي قد تنشأ". وعن ظاهرة التجوال السياسي خاصة مع إقتراب كل إستحقاق أوضح شرفي أنها نابعة من "قلة الوعي السياسي" الذي يدفع بصاحبه إلى السعي فقط وراء المناصب والمصالح الانية معتبرا هذه النوايا ب"المشكل العويص". في حين يرى المكلف بالاعلام في حركة مجتمع السلم كمال ميدي أن إفتقار بعض الاحزاب للمقرات في الولايات لاسيما الداخلية منها هو الذي ساهم بشكل كبير في "ضعف إنخراط" المواطنين في الاحزاب التي تروق لهم. و أضاف أن المواطن يتخوف أحيانا من المخاطرة بسمعته إذا ما أصبح ينتمي إلى حزب معين وكذا عدم "إقتناعه" ببرامج الاحزاب التي "تتشابه" في مجملها. إلا أنه من غير اللائق حسب ميدي أن يبقى المواطن على "الهامش" دون أن يتخد موقفا من التنوع الحزبي الذي تعج به البلاد والاسهام في الدفاع عن الافكار التي يؤمن. وبعد أن ذكر بأن ظاهرة العزوف عن الانخراط لها "جذور تعود إلى سنوات الحزب الواحد" حيث كان الانخراط فيه يعني "مجموعة معينة فقط" من المواطنين لاحظ ميدي أنه بعد الانفتاح على التعددية الحزبية أصبح الانخراط ب"طريقة فوضوية تسيرها نزوات لا تراعي عوض الاقتناع بالبرامج". وللقضاء على هذه الظاهرة التي تعيق بشكل كبير تطور الممارسة الديمقراطية في البلاد دعا ميدي وسائل الاعلام للقيام بتوجيه المواطنين و تحفيزهم على الانضمام إلى الاحزاب لكون ذلك من "حقوق المواطنة". وبدوره قال جلول جودي القيادي في حزب العمال أن "الصراعات الدائرة رحاها بين المسؤولين في الحزب الواحد السابق هي التي ساهمت في رفض المواطنين الالتحاق بصفوف الاحزاب". و اعتبر مقاطعة المواطنين للاحزاب "خطرا على التشكيلات السياسية" لا سيما —كما ذكر— و أن "موعد الاستحقاق القادم على الابواب". و أوضح جودي من جهة اخرى أن الصراعات واللهث وراء المناصب ساهم في "التفسخ السياسي و نقص الافكار و محدودية المخيلة السياسية" و هي عوامل يجب ان تتوفر كلها حتي "يتم اثراء العمل السياسي في البلاد". كما ذهب المكلف بالاعلام بحزب جبهة التحري الوطني قاسة عيسى إلى القول أن معظم الاحزاب لاتمتلك برنامجا وأنها تترقب فقط الانتخابات للبروز مشيرا إلى بعضها خرج من حزبه. وقال أن الاحزاب القديمة مطالبة هي الاخرى ب"تجديد خطابها وأسلوب عملها قبل أن تصبح عاجزة على تبليغ رسالتها".