يقوم رئيس الحكومة التونسية المكلف علي العريض يوم الجمعة بتقديم تشكيلة حكومته وبرنامجها لرئيس الدولة في اعقاب تعثر المساعي الرامية الى توسيع الائتلاف الثلاثي الحاكم الى احزاب اخرى. وأجمعت مصادر حزبية مطلعة بأن ممثلي حركة النهضة الاسلامية وحزب "المؤتمر" وحزب "التكتل" الاعضاء في التحالف الحاكم بحثوا "خيارا جديدا بعد فشل" مفاوضات توسيع الترويكا الى أطراف سياسية اخرى وبالتالي فان العمل انصب على تشكيل الحكومة المرتقبة على اساس تكريس "الترويكا" السابقة مع اشراك شخصيات مستقلة في مناصب وزارية "هامة وحساسة". ومن هنا اتفقت الاطراف الثلاثة المتفاوضة حول معالم برنامج يحدد مبادئ وأولويات و سياسات و التزامات هذه الحكومة . وبسبب الخلافات حول برنامج الحكومة المستقبلي و مسالة توزيع الحقائب الوزارية السيادية انسحب ممثلو ثلاثة احزاب سياسية من المشاورات معبرين عن رفضهم المشاركة في حكومة علي العريض. وكان زعيم حركة النهضة الاسلامية الشيخ راشد الغنوشي قد اكد في وقت سابق "حتمية" اشراك احزاب جديدة في الائتلاف الحاكم من اجل توسيعه وبالتالي تحويله من تحالف ثلاثي الى تحالف خماسي موضحا بان الحكم الديموقراطي القار يتطلب اشراك كل الاطياف النشطة في البلاد من علمانيين واسلاميين ومعتدلين. ومع ذلك غادر ممثلو حركة "وفاء" حلقات المشاورات ورفضوا الانضمام الى الحكومة الجديدة بسبب "غياب برنامج حكومي" والاستمرار فقط في التطرق الى توزيع الحقائب الوزارية حسب ما ابرزه سليم بوخذير الناطق الرسمي باسم حركة و"فاء". كما انسحب حزب التحالف "الديموقراطي" من المفاوضات وعبر عن رفضه الانضمام الى الحكومة الجديدة بسبب رفض حركة النهضة الاسلامية التخلي عن حقيبتي العدل والداخلية رغم تعهدها بالتنازل عن الوزارات السيادية ومنحها لشخصيات مستقلة . وغادرت كتلة "الحرية والكرامة" حلقات المفاوضات رافضة المشاركة في الحكومة المرتقبة معتبرة ان الائتلاف الثلاثي الحاكم يرفض قبول احزاب جديدة داخل الجهاز التنفيذي القادم مشيرة الى "استمرار" ذهنية المحاصصة الحزبية بشكل "مفرط دون احتساب الشركاء الجدد" . وفي وقت سابق اعربت قوى المعارضة السياسية عن "رفضها البات" الانضمام الى حكومة السيد علي العريض وتوقعت " فشل" الحكومة القادمة في إخراج البلاد من أزمتها المتعددة الأوجه باعتبارها "خاضعة للمحاصصة الحزبية". وحسب مصدر رسمي فان التأخر في الاعلان عن الفريق الحكومي الجديد مرجعه التفاوض حول التعيينات في المناصب الوزارية السيادية كما ان التاخر في الاعلان عن التركيبة الوزارية الجديدة يعود ايضاالى النقاش المطول حول مسالة حل رابطات حماية الثورة المقربة من حركة النهضة الاسلامية والتي وصفتها قوى المعارضة بانها "مسؤولة عن اعمال العنف التي طالت المثقفين والاعلاميين واحزاب المعارضة ومكونات المجتمع المدني". وينص القانون المتعلق بتنظيم السلطات العمومية على ان يتولى رئيس الجمهورية- بعد إجراء المشاورات- تكليف مرشح الحزب ذي الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة الجديدة على ان يقوم رئيس الحكومة المكلف بضبط تركيبة التشكيلة الحكومية ورفعها إلى رئيس الجمهورية في أجل لايتجاوز 15 يوما من تاريخ التكليف وذلك قبل أن يتولى المجلس التأسيسي عملية التصويت لمنح الثقة للحكومة الجديدة بالأغلبية المطلقة من الأعضاء. ومعلوم ان الائتلاف الثلاثي الحزبي الحاكم في البلاد المتكون من ("النهضة" وحزب "المؤتمر" وحزب " التكتل") يتوفر على 109 مقعدا بالمجلس التأسيسي الذي يضم 217 مقعدا وبالتالي فان حكومة السيد علي العريض لن تجد صعوبة في الحصول على ثقة النواب . بيد ان المراقبين يرون ان هذه الاغلبية اذ تمكن الجهاز التنفيذي من الحصول على ثقة النواب فان ذلك لن يكفي مستقبلا لتمرير الدستور الجديد الذي يتطلب قانويا اغلبية الثلثين والذي تتوقف عليه ا لانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وترى الاوساط السياسية التونسية ان الحكومة المقبلة ستكون امامها مهاما "صعبة" في ضوء " تفاقم" الوضع الاقتصادي وحدة الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن غياب المشاريع والبرامج التنموية وا زدياد نسب البطالة. كما يتعين على الجهاز التنفيذي الجديد التكفل بالوضع الامني في ضوء اعتداءات السلفيين على الحريات الاساسية للمواطنين وفي ظل تصاعد اعتداءات الجماعات المسلحة ضد سيادة هذا البلد.