وجه رئيس الجمهورية ، السيد عبد العزيز بوتفليقة، يوم الأحد رسالة إلى المشاركين في أشغال الجلسات الوطنية للسياحة قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، هذا نصها الكامل: "بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه إلى يوم الدين أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن الجلسات الوطنية للسياحة هذه التي تعقدونها اليوم تعتبر فرصة سانحة للوقوف بكل موضوعية على ما تحقق من أهداف مسطرة وعلى ما فيها من نقص في إطار حيز التنفيذ للسياسات التي اعتمدتها السلطات العمومية من خلال الإطارين المرجعيين المحددين لهذا التقويم، والمتمثلين في المخطط الوطني لتهيئة الإقليم والمخطط التوجيهي للتهيئة السياحية. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن الجزائر حباها الله تعالى بمقومات سياحية متكاملة، تراث طبيعي ثقافي وتاريخي غني، ساحل نوعي يتوفر على مواقع استثنائية في جمالها، يتعين تثمينها، سياحة أعمال، يجب تنظيمها ومرافقتها، مواقع راحة، ومنابع حموية، صحارى شاسعة، جعل من تنوعها رمزا للسياحة والاستقطاب. غير أنه يجب أن نسلم بأن جمال الجزائر لا يكفي أبدا للنهوض بالسياحة ببلادنا بل يبقى مرهونا بمدى قدرتنا على تحويل هذه القدرات السياحية من مادة خام إلى عروض ومنتوجات سياحية ذات مواصفات تؤهلها لاحتلال مكانة خاصة ومميزة. لقد جاء المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية ليشكل الإطار الاستراتيجي المرجعي للسياسة السياحية في بلادنا والتي حددت الدولة الجزائرية بموجبه نظرتها للتنمية السياحية الوطنية عبر مراحل محددة على المدى القصير، المتوسط، والمدى البعيد إضافة إلى الأدوات الكفيلة بتنفيذها وشروط تحقيقها الذي يبرز من خلالها ضمان التوازن الثلاثي المتمثل في العدالة، الفعالية الاقتصادية، والدعم الإيكولوجي، في إطار التنمية المستدامة خلال العشرين سنة المقبلة وذلك في سياق مسعى تنويع الاقتصاد الوطني المنتج خارج المحروقات باعتباره أحد القطاعات المحورية لدعم النمو إلى جانب قطاعات أخرى منتجة كالصناعة والفلاحة وغيرها. لقد عملت الدولة جاهدة وبلا توان على توفير المناخ الملائم لتجسيد هذه الرؤية من خلال إطلاقها لبرامج طموحة كتلك المتعلقة بدعم الإنعاش الاقتصادي 2001-2004 برنامج دعم النمو الاقتصادي 2005-2009 وكذا برامج تنمية الجنوب والهضاب العليا، والبرنامج الخماسي 2010-2014 الذي سيمكننا بعون الله تعالى من تعزيز البرامج السابقة. وبالفعل فقد سمحت هذه البرامج بإطلاق مشاريع كبرى للتجهيزات العمومية أذكر منها على سبيل المثال: توسيع شبكة الطرق السيارة مثل الطريق السيار شرق-غرب ومداخله، الطريق الساحلي ومداخل الشمال-جنوب، طريق الهضاب العليا وكذا عصرنة خطوط السكك الحديدية وتجسيد مشروع مترو الجزائر، وترامواي الجزائر-وهران-قسنطينة، إلى غيرها من المشاريع الضخمة المماثلة. كسب رهان توفير المياه الصالحة للشرب من خلال دعم شبكة السدود، بناء محطات تحلية مياه البحر ومشروع القرن: عين صالح-تمنراست. الورشات الكبرى لتهيئة الإقليم والتنمية المستدامة، على غرار مشاريع المدن الجديدة، الحظائر الوطنية والمناطق المحمية، تهيئة حظائر الطاسيلي والأهقار وحماية وتثمين المساحل، نظام الواحات والسهوب. المشاريع الكبرى للطاقة والورشات الكبرى لتكنولوجيات الإعلام والاتصال وتطوير شبكة الهاتف بأنواعه.... وسيستفيد قطاع السياحة حتما، من هذه البرامج باعتباره قطاعا أفقيا بامتياز، يتداخل مع العديد من قطاعات المؤسسات الأخرى، مما يتطلب تجنيد الجميع لتوفير الظروف والمحيط الملائم لنموه وتطويره. كما لا يفوتني الإشارة أيضا إلى مختلف التدابير التي اتخذتها الدولة، بغرض تشجيع الاستثمار والنشاط السياحي في إطار الحوافز الجبائية وشبه الجبائية في قوانين المالية المختلفة وكذا تلك المتعلقة بالعقار. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن اجتماعكم اليوم، يهدف إلى تشخيص وتقويم السياسات والبرامج التي تم إنجازها منذ اعتماد الحكومة لمخطط التهيئة السياحية سنة 2008 خصوصا ما تعلق بالمحاور الخمسة الكبرى التي يرتكز عليها وهي: 1. مخطط تثمين الجزائر كوجهة سياحية من أجل زيادة جاذبيتها وتنافسيتها، 2. تطوير الأقطاب السياحية للامتياز عن طريق عقلنة الاستثمار والتنمية، بهدف إبراز أصالة مكامن الجزائر السياحية، 3. وضع حيز التنفيذ، مخطط الجودة للارتقاء بالعروض السياحية إلى مستوى المقاييس الدولية في مجال الجودة والنوعية من خلال عصرنة وملاءمة المنظومة التكوينية، التربية وتوظيف تكنولوجيا الإعلام الجديدة، 4. تعزيز التعاون والتكامل بين مختلف القطاعات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بقطاع السياحة، وتسهيل الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، 5. دعم ومرافقة الاستثمار بهدف تعزيز طاقات الإيواء كمّاً ونوعاً، وذلك بفضل مخطط تمويل واضح وإجراءات بسيطة تسمح بجلب المستثمر المحلي والأجنبي. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن التنمية السياحية وتطويرها هي من تطلعاتنا وطموح كبير نصبو إليه جميعا والدولة من جانبها أولت دورا مركزيا ومحوريا هاما في إنعاش النشاط الخدماتي، وتوسيع شبكة السياحة لخلق مناصب شغل دائمة وموسمية من خلال توفير مناخ مناسب ولائق ومستقطب. أملي فيكم كبير كمؤسسات عمومية وخاصة، متعاملين، هيئات وجمعيات مهنية، نساء ورجال إعلام مهتمين برفع التحدي بكل مسؤولية ومهنية وموضوعية بغية التوصل إلى أرضيات ورؤى وتصورات تتضمن النقاط الإيجابية وكيفية تطويرها وتثمينها ومكامن النقص والسبل إلى تلافيها وهذا لتمكين السلطات العمومية من تسطير برنامج عمل يتكفل بتجسيد التوصيات التي ستخلُصون إليها قصد الدفع بهذا القطاع الواعد إلى التطور والازدهار. أشكركم، وأتمنى لكم النجاح والتوفيق لأشغالكم. وفقنا الله وإيدكم لما فيه خير أمتنا وتقدم مجتمعنا. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".