خرج اليوم الأربعاء بسطيف آلاف الجزائريين في مسيرة الذاكرة والإخلاص والولاء لعشرات الآلاف من الذين سقطوا في 8 ماي 1945 برصاص الجيش الاستعماري الفرنسي. فمثل ما حدث منذ 68 سنة تجمع حشد من المواطنين في الساعات الأولى من صباح اليوم أمام مسجد أبو ذر الغفاري (مسجد لانقار سابقا) قبل أن يخرجوا ويمشوا في خشوع في مسيرة كان على رأسها أفراد الكشافة الإسلامية الجزائرية باتجاه النصب الذي أقيم تخليدا لسعال بوزيد الذي سقط وقتها شهيدا برصاص الضابط لوسيان أوليفييريو بكل برودة دم عندما رفض إنزال العلم الجزائري. وأمام هذا النصب التذكاري تم تدشين تمثال لهذا الكشاف (22 سنة) ووضع باقة من الورود قبل الترحم على ضحايا هذه المجازر التي حصدت 45 ألف من الجزائريين والتي امتدت لأسابيع عدة لتمس العلمة وأوريسيا وعين الكبيرة وعموشة ثم خراطة وقالمة ومناطق عديدة بالوطن مثل سعيدة وغرب البلاد. وعلى الرغم من تقدمه في السن وتثاقل خطواته إلا أن السيد لخضر تاعربيت (88 سنة) شارك في هذه المسيرة مثلما اعتاد عليه كل سنة حيث حضر رفقة أحد أقاربه. وكان لخضر ابان هذه الاحداث في الصفوف الأولى عندما وقعت هذه المجازر على نطاق واسع. و قال لخضر تاعربيت "هنا بالضبط سقط سعال بوزيد شهيدا متأثرا بجروحه الخطيرة التي أصيب بها في البطن" مشيرا إلى زاوية الرصيف الواقع قبالة مقهى فرنسا سابقا مكان سقوطه شهيدا. ولم ينس هذا المجاهد "كل الناس الفارين وقتها في كل الاتجاهات وسط إطلاق الرصاص وفي كل الاتجاهات ومناظر الجثث المداسة أحيانا بدون قصد". وعبر السيد تاعربيت اليوم عن "سعادته" برؤية مشاركة كل هؤلاء الشباب في هذه المسيرة قائلا "إنني سعيد برؤية هؤلاء الشباب إناثا وذكورا يرافقوننا في هذا الموكب لأنهم سيحملون المشعل لبناء بلدهم الجزائر". لهذا كما أضاف- فإنه مهم أن يستلهموا التضحيات التي قدمها الجزائريون في سنهم من أجل أن تتخلص الجزائر من الاستعمار وتستعيد كرامتها". من جهته أيد أحد المشاركين في مسيرة 8 ماي 1945 وهو المجاهد بلقاسم بودغة (87 سنة) والذي يعيش حاليا في منطقة البلاعة (شرق سطيف) رأي السيد تاعربيت ليؤكد على ضرورة "تقديم المشعل للشباب" و"محاربة النسيان". إثرها وبعد الترحم أمام نصب سعال بوزيد على كل ضحايا مجازر 8 ماي 1945 تجمع المشاركون في هذه المسيرة وعلى رأسهم عناصر الكشافة الإسلامية والسلطات المحلية ومنتخبون وعدد من المجاهدين وأبناء الشهداء بساحة الاستقلال أين ينتصب تمثال عين الفوارة حيث قدمت أغاني وطنية من طرف مجموعة صوتية مدرسية. وقد تم بالمناسبة بذات الساحة تقديم عديد الأغاني الوطنية منها "أوفياء" و"الطيارة الصفراء" و"حيوا شمال إفريقيا" و"من جبالنا" التي تأثر بها كثيرا الحضور سواء ممن عايشوا الاحداث أو ابناء الاستقلال.