يتزامن قيام الحكومة المصرية بوضع الترتيبات الأمنية لفض اعتصام أنصار الرئيس السابق محمد مرسي في أهم تجمعين لهم في رابعة العضوية بالقاهرة وميدان النهضة بالجيزة مع تصاعد تحذيرات دول ومنظمات حقوقية من الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن تجاه المتظاهرين لتجنب المزيد من إراقة الدماء والتأكيد على أهمية اللجوء إلى الحوار لمعالجة الأزمة في البلاد. وتجرى بوزارة الداخلية المصرية اجتماعات مكثفة لقيادات الأمن برئاسة وزير الداخلية محمد إبراهيم لوضع الخطة الأمنية اللازمة التي يتوقع ان يشرع في تنفيذها خلال الساعات القادمة ومناقشة كل الترتيبات لفض تلك الاعتصام بناء على تكليف من الحكومة. وتقضي الخطة الأمنية حسب مسؤولين أمنيين التدرج في عملية فض الاعتصام من خلال التحذير واستخدام المياه والغاز المسيل للدموع وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة إلا لتحييد العناصر المسلحة في الجانب الآخر في إطار الدفاع عن النفس. ويرفض الإخوان المسلمون وحلفائهم في "التحالف الوطني لعودة الشرعية" الامتثال لدعوة السلطات بمغادرة الميادين. ودعا بيان للتحالف إلى مظاهرات جديدة غدا الجمعة تحت شعار "مصر ضد الانقلاب" للتنديد بقرار فض الاعتصام كما دعا إلى مظاهرات خارجية مساندة لأنصار الرئيس المعزول. ومن جهتهم يقوم المعتصمون بالقاهرة والجيزة بوضع التحصينات وتكثيف تواجدهم بالميادين بما في ذلك الأطفال والنساء وإغلاق جميع الشوارع الفرعية بأكياس الرمال والحجارة تحسبا لأي هجوم مباغت من طرف قوات الشرطة فيما وجه الإخوان المسلمون دعوات للمنظمات الحقوقية الدولية والنشطاء وإلى الصحافة العالمية والسفراء لزيارة المعتصمين ومراقبة كل الفعاليات الاحتجاجية للتأكد من سلميتها. وحذرت منظمات حقوقية دولية ودول أوربية من الاستخدام المفرط للقوة ودعت إلى ضرورة تجنب العنف واللجوء إلى الحوار للتوصل إلى حلول للازمة السياسية التي تشهدها البلاد. ودعت منظمة العفو الدولية في بيان لها الشرطة المصرية إلى عدم فض الاعتصام بالقوة "لتجنب إراقة المزيد من الدماء" مؤكدة على ضرورة "إتباع أساليب الإقناع والتفاوض والوساطة" وفقا للمعايير المنوط بها في منظمة العفو الدولية. وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط بالمنظمة أنه" لا يجب على قوات الشرطة المصرية استخدام الأسلحة النارية إلا إذا كان هناك تهديدا وشيكا بالموت". وأكدت المنظمة أن ممارسة العنف من جانب بعض المتظاهرين "يجب ألا يكون ذريعة لمنع الآخرين من ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي نظرا لأنه حق من حقوق الإنسان ويجب على السلطات المصرية التمسك به كما أن قرار تفريق أي تجمع ينبغي فقط أن يكون الخيار الأخير". يأتي هذا في الوقت الذي شهدت مصر خلال 24 ساعة الأخيرة زيارات واتصالات من مسؤولين أوربيين وأمريكيين مع مسؤولي السلطة الانتقالية في مصر تتعلق بوقف العنف والدعوة إلى الشروع في عملية سياسية شاملة بمشاركة كافة الأطراف بما فيها جماعة الإخوان. والتقى برناردينو ليون مبعوث الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط بالقاهرة امس مع نائب رئيس مصر محمد البرادعي في إطار تواصل تحرك الاتحاد الأوروبي لدعم الجهود المصرية الهادفة لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية. كما شدد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في اتصال مع البرادعي على أهمية التوصل لتسوية سلمية في مصر يمكن أن تفضي لوضع نهاية عاجلة لسفك الدماء كما عبر حسب ما أوضحته السفارة البريطانية بالقاهرة - عن إدانة بلاده "الاستخدام المفرط للقوة" وكذا الاعتداء على قوات الأمن في سيناء والمنصورة. ودعا للإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين بمن فيهم محمد مرسي ما لم تكن هناك اتهامات جنائية موجهة ضدهم. وقد تزامن ذلك مع وصول وزير خارجية ألمانيا جيدو فيسترفيلي إلى القاهرة في أول زيارة لوزير خارجية غربي إلى مصر منذ عزل مرسي حيث سيلتقي اليوم الخميس بالمسؤولين في مصر فيما يرغب في رؤية مرسي الذي تتحفظ عليه القوات المسلحة في مكان غير معلوم إلا أن مؤسسة الرئاسة المصرية رفضت طلبه معللة ذلك بأنه قيد التحقيق القانوني. ومن جهة أخرى أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون و الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كاترين آشتون في اتصال بينهما على أهمية وجود عملية سياسية شاملة تأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر وتطلعات جميع أنحاء الطيف السياسي في مصر. وأعرب بان كيمون في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه أمس عن مشاركته كاترين آشتون "مشاعر القلق العميق" إزاء اتجاه التحول في مصر وبصفة خاصة حالات الاحتجاز في البلاد مجددا دعوته إلي إطلاق سراح مرسي وكبار قادة الإخوان المسلمين. ويأتي التحركات الخارجية للوساطة بين أطراف النزاع في مصر في ظل جمود المبادرات المحلية لا سيما مبادرة الأزهر للمصالحة الوطنية التي لقيت في بدايتها قبولا من طرف الرئيس المؤقت وقوى سياسية من التيار الإسلامي فيما قدمت عدة مبادرات أخرى من شخصيات ومنظمات من بينها مبادرة المفكر الإسلامي سليم العوا غير أنها لم تلقى صدى في الساحة السياسية.