تواجه جنوب افريقيا و هي قوة اقتصادية ناشئة منذ سنوات عدة مشكل اللاأمن الذي التزمت السلطات بمواجهته بفضل إجراءات بدأت تعطي ثمارها حسب حكومة جنوب افريقيا. فمنذ عشرية تشهد أمة قوس قزح -التي ستشيع يوم الأحد جنازة رمز المصالحة الوطنية نيلسون مانديلا الذي توفي قبل أسبوع- انعاشا اقتصاديا معتبرا حتى أنها أصبحت قطبا يجلب المستثمرين بفضل تدويل اقتصادها و بروز طبقة سياسية جديدة. لكنه و بالرغم من هذا الانعاش الاقتصادي الذي تأثر سنة 2013 بتوترات اجتماعية تبقى ظاهرة الاجرام التي تغذيها التفاوتات الاجتماعية و التي تعد نسبتها من بين النسب المرتفعة في العالم تثير اهتمام السكان و السلطات على حد سواء. و لأول مرة منذ سنة 2006 ارتفعت نسبة جرائم القتل- التي تراجعت بمعدل يفوق 27 بالمائة على مدى تسع سنوات- بنسبة 6ر0 بالمائة خلال سنة 2012/2013 لبلوغ عدد 16.259 حسب الإحصائيات الرسمية. و هو ما يمثل قرابة 45 جريمة قتل يوميا خلال الفترة الممتدة ما بين شهر أفريل 2012 و مارس 2013. و هو الشأن نفسه بالنسبة لمحاولات الاغتيال التي شهدت تراجعا بنسبة 7ر51 بالمائة على مدى تسع سنوات لكنها ارتفعت بنسبة 5ر6 بالمائة خلال السنة الفارطة. و أوضحت الشرطة أن أعمال العنف هذه تتعلق بعوامل عديدة من بينها "تعاطي الخمر و المخدرات و البطالة". العوامل المغذية للعنف يرد العنف في الأسرة و اكتظاظ السكان و الظروف المعيشية المزرية في البيوت القصديرية ضمن الأسباب. و في منطقة الكاب (الكاب الغربي) زاد تدفق الأجانب و اللاجئين الاقتصاديين و كذا حرب العصابات من حدة الوضع. و ببعض أحياء المناطق الريفية المهمشة الواقعة بضواحي المدن الكبرى ينصح الأشخاص بعدم التنقل لوحدهم خلال الليل كما أن الشرطة تواجه صعوبات لدخول هذه الأحياء. و توجه أصابع الاتهام لنظام الابارتيد لأن مراقبة الإجرام كانت ضعيفة خلال هذه الفترة حتى أن العدالة كانت آنذاك غير محايدة و كانت تعاني من نقص الشرعية في أعين السكان لاسيما السود. يعتقد آخرون بأن الأسباب راهنة و تكمن في الهوة الاقتصادية التي تفصل بين الأثرياء و الفقراء مما يثير طمع المعوزين الذين غالبا ما يعيشون في ظروف مزرية. احصائيات تعارضها السلطات تعتبر الحكومة الجنوب افريقية التي ترفض المعلومات "المثيرة للقلق" بأن النسبة الاجمالية للاجرام في البلد تشهد تراجعا بفضل تكثيف جهود السلطات في مكافحة الاجرام و تجنيد المجتمع. و ساهمت بعض وسائل الإعلام على حد قول المحللين في تفاقم هذه الظاهرة من خلال إعطاء صورة سلبية عن الوضع دون الإطلاع عليه ميدانيا. في الحقيقة تتفوق جنوب افريقيا على بلدان لاتينية امريكية المعروفة بنسب مرتفعة للعنف على غرار الهوندوراس حيث ترتكب 91 جريمة قتل لكل 100.000 ساكن سنويا. و أكد وزير الشرطة الجنوب افريقية ناتي متيتوا في تقرير حول احصائيات الاجرام نشر مؤخرا أنه خلال السنوات الأربعة الأخيرة تراجعت نسبة جرائم القتل في البلد بنسبة 6ر16 بالمائة مشيرا إلى ارتفاع طفيف بنسبة 6ر0 بالمائة خلال سنة 2012 و النصف الأول من سنة 2013. و أوضح المسؤول أنه خلال السنوات ال9 الأخيرة تراجعت نسبة السرقة ب3ر50 بالمائة مضيفا أنه تم تسجيل 896.298 عملية توقيف بسبب ارتكاب جرائم خطيرة سنة 13/2012 مقابل 777.140 خلال الفترة 2012/2011. و أعربت رئيسة الشرطة الوطنية رياح فييغا عن ارتياحها للتقدم المحرز في الميدان مؤكدة أن جنوب افريقيا أصبح "بلدا آمنا أكثر" في عدة مجالات. و قد تحسن الوضع بالنسبة للسكان لاسيما بعد تنظيم كأس العالم 2010 و هو حدث اتخذت السلطات لأجله احتياطات امنية مما انعكس بشكل إيجابي على حياة سكان جنوب افريقيا. الدولة عازمة على وضع حد للجريمة لمكافحة هذه الآفة أطلقت عدة عمليات تحسيسية عبر البلد من خلال إشراك كافة طبقات المجتمع لاسيما البطالين و سكان الأحياء المحرومة. كما أنشئت الحكومة مؤخرا جامعة للشرطة التي ستستقبل اول دفعة خلال السنة المقبلة. و أشار الوزير إلى أن هذه المؤسسة ستسلم شهادات جامعية و ستساعد على تعزيز الانضباط و ثقافة الشرطة و الحرفية. و في 2009 باشرت السلطات عملية تكوين عشرات الآلاف من عناصر إضافية في الشرطة و كذا مفتشين جدد في الشرطة. كما تعززت الدوريات في المناطق الخطيرة لاسيما المدن الكبرى على غرار بريتوريا و جوهانسبورغ. و فضلا عن المجال الأمني أكدت حكومة الرئيس جاكوب زوما أنها تريد مكافحة التفاوتات الاجتماعية و البطالة و الفقر و الرشوة.