يرتكز مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض امام البرلمان يوم الاحد المقبل على المحاور التي جدد على أساسها الشعب الجزائري ثقته في رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم 17 ابريل الفارط, لا سيما فيما يتعلق بارساء ديمقراطية تشاركية واقتصاد يمنح الأولوية للمجال الوطني المنتج. و تشير الوثيقة الحكومية بوضوح الى أن مخطط عمل الحكومة مستلهم من برنامج رئيس الجمهورية الساعي الى تنفيذ برامج تنموية مؤسسة على نظام اصلاحات متعددة القطاعات بهدف "تدارك التأخر" المسجل, و توفير الشروط الضرورية لوضع الاقتصاد الوطني على "درب العصرنة و النمو المستدام بما يمكنه من الارتقاء الى مستوى الاقتصاديات الناشئة". و بعد التذكير بنتائج المصالحة الوطنية التي انتهجت ب"وفاء صارم (...) و بتصميم تام" و التي سمحت بالعودة الى الهدوء و معالجة آثار المأساة الوطنية بفعالية, أكدت الحكومة انها ستعمل, كما تنص وثيقة مخطط عملها, على مواصلة تجسيد مسعى هذه المصالحة و الاستمرار في"استقبال الأبناء المغرر بهم" مع السهر على متابعة كل شخص قد يتسبب في المساس بسلامة المواطنين و مع الالتزام بمحاربة كل أشكال التطرف و"توطيد أسس المرجعية الدينية الوطنية...". من جهة اخرى و وعيا منها بالتحديات المفروضة على الجزائر و التي زاد في حدتها "محيط جهوي و دولي يتسم بتعقده و مخاطره المحتملة على البلاد" فان الحكومة ستعمل على توفير الشروط الرامية الى الحفاظ على استقرار البلاد ك"ضرورة لخلق تآزر" بين مجمل الفاعلين في الحياة الوطنية بغرض تأمين المجتمع بشكل دائم على درب النمو قصد التكفل بفعالية و سرعة بانشغالات السكان و حاجاتهم الأساسية. دعم استقرار البلاد و اشراك كل الفعاليات الوطنية و انطلاقا من هذا الواقع فان استقرار البلاد يعتبر من اولويات الحكومة و ذلك بمشاركة كل الفعاليات الوطنية و ترسيخ ديمقراطية "تشاركية و مطمئنة" بما يشجع على ترقية قنوات الحوار و الاتصال, مدعومة, كما تضمنته الوثيقة, ب"تعزيز استقلالية العدالة و العمل, بكل قوة القانون, على مكافحة سائر الآفات الاجتماعية و كل أشكال العنف التي تتنافى و قيم مجتمعنا العريقة". و في هذا السياق أبرزت وثيقة مخطط عمل الحكومة المراجعة التوافقية القادمة لدستور البلاد و التي ستسمح, كما جاء في نفس المرجع, ب"تكريس أكبر قدر من التوافق و المشاركة قصد توسيع الاجماع الوطني من أجل رفع التحديات و التصدي للرهانات التي تواجهها الأمة". و في تفصيلها لبرنامجها المبني في منهجه على تعزيز مبادئ الحكم الراشد و اجتثاث جذور البيروقراطية و الفساد و مواصلة تحديث الخدمات العمومية استجابة لمتطلبات المواطنين و التعجيل بمسار اللامركزية, فان الحكومة تعتزم تقديم برنامج يندرج في اطار مواصلة جهود إدماج الاقتصاد الوطني في محيطه الخارجي و أخذ في الحسبان ضرورة "منح الأولوية للمجال الوطني المنتج...". و توضح الحكومة أن برنامجها يصبو الى "التخلص تدريجيا من التبعية للمحروقات", اذ يتطلب تحقيق هذا الهدف, "انتهاج مسعى صارم لترقية الاستثمار و تنويع اقتصادنا" على أساس عصرنة و توسيع النسيج الصناعي و القدرات الفلاحية و ترقية قطاع السياحة, قصد ترقية النمو و التشغيل, على ان يكون هذا المسعى مرفوقا بترشيد الانفاق العمومي و عمليات الدعم التي تقوم بها الدولة. و من جهة أخرى, ستستمر الحكومة في تعزيز استغلال قطاع المحروقات و المناجم, و لاسيما الغاز الصخري, من اجل "تعبئة الموارد المالية الضرورية لتمويل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية, و ذلك في ظل الاحترام الصارم لحماية البيئة". تجسيد اهداف البرنامج الرئاسي و تحقيق نسبة نمو ب7 بالمائة و بعد أن ذكرت الوثيقة الحكومية بما تم انجازه من منشآت اجتماعية و اقتصادية حسب كل قطاع و الاشارة الى أشواط التقدم المحرزة من حيث أداء الاقتصاد الكلي مع أسس الاقتصاد الوطني, أوضحت ان الحكومة ستعكف, بالنسبة للفترة الخماسية (2015 - 2019), على حشد كل الوسائل الضرورية من اجل تجسيد الأهداف المقررة في البرنامج الرئاسي و التي تتوخى خصوصا, "تحقيق نسبة سنوية للنمو قدرها 7 بالمائة قصد الحد من البطالة و تحسين ظروف معيشة المواطنين". "و في هذا الاطار, ستواصل الحكومة الجهود التي شرع فيها في مجال تطوير المنشآت الاجتماعية الاقتصادية, و ذلك مع السهر على ديمومة المخططات السابقة للتنمية و على ضمان التحكم في صيانة و تسيير المنشآت المستلمة", كما جاء في وثيقة مخطط عمل الحكومة. كما تمت الاشارة في هذا المضمار الى تنويع الاقتصاد و الذي "لا يمكن أن يتحقق دون منظومة مصرفية و مالية عصرية و فعالة" و كذا الى مواصلة جهود التنمية البشرية من اجل "تكفل فعال و صارم بحاجيات المواطنين" و ترقية التشغيل و مكافحة البطالة باعتبار هذين المحورين من بين "الاهداف الاستراتيجية للسياسة الوطنية على مدى السنوات القادمة". كما يولي مخطط عمل الحكومة اهتماما خاصا بتعزيز التكفل الصحي للمواطنين "كما و نوعا" و تعزيز آليات التضامن الوطني و هذا بالاستمرار في ضمان التكفل بالاسر المحرومة و تحسين ظروف المعيشة و مكافحة الاقصاء, من خلال وضع برامج للتضامن في المناطق المحرومة و المعزولة و تنفيذ "مخططات للتنمية المحلية الشاملة" و هذا مع ايلاء حيز خاص بالسياسة و الاعمال الموجهة لفائدة الجالية الوطنية المقيمة بالخارج.