لا يشكل شاطئ القالة العتيقة بولاية الطارف من خلال امتداد شريطه ذي الرمال الذهبية و المترامي بعيدا عن الأنظار ملاذا للاسترخاء و الهدوء فحسب و إنما يعد أيضا حبلا سريا بين الماضي الثري لهذه المنطقة و حاضرها. و تضفي الآثار العتيقة المتواجدة بالقرب من هذا الشاطئ التي توجد من بينها الأفران التي تروي تاريخ هذه المنطقة الواقعة بأقصى شمال شرق البلاد على هذا المكان جوا من الرهبة و الوقار الذي يحرك فضول عشرات آلاف المصطافين الذين يتوافدون على هذا الشاطئ في كل فصل صيف. و يعد الموقع الأخاذ و الساحر لهذا الشاطئ بطاقة بريدية طبيعية تدعو الزوار إلى المكوث فيه لأطول فترة و في هذا الشأن يقول العمري بغداش (35 سنة) الذي قدم خصيصا من سطيف بمعية عائلته من أجل استنشاق النسيم العليل للبحر قبل حلول شهر رمضان "إن الظفر ب"برونزاج" على شاطئ القالة القديمة و الذي يتخلله الغطس في مياهه المالحة يتيح لك فرصة التخلص من التوتر و نسيان متاعب اليوم". أما بالنسبة لمحمد لمين (53 سنة) فيعد شاطئ القالة القديمة الذي يمكن الوصول إليه بسهولة انطلاقا من الطريق الوطني رقم 166 الذي يشكل همزة وصل بين هذا الشاطئ و وسط القالة على امتداد 13 كلم أو انطلاقا من الطريق الوطني رقم 84 بكل بساطة "موقعا فريدا من نوعه". و منذ اكتشافه لهذا الشاطئ منذ 20 عاما حسب ما يضيفه محمد لمين- خلال رحلة عمل بولاية الطارف أعجب بالمكان بل افتتن به لدرجة أن هذا الجزء من الساحل أضحى وجهته المفضلة التي لن يبدلها بأية وجهة أخرى. و يواصل محمد لمين حديثه و هو يفترش منشفة على بعد بضعة أمتار عن الأمواج الصغيرة الاعتراف بأنه "يفضل المجيء إلى شاطئ القالة القديمة إما مبكرا أي قبل التوافد الكبير للمصطافين المرتقب هذه السنة خلال شهر أغسطس بسبب شهر رمضان أو بعد مغادرة المصطافين عشية الدخول الاجتماعي و ذلك من أجل الاستمتاع قدر الإمكان بالهدوء و أيضا بسحر المكان الذي لا يقاوم". و بكل حماس ترافقه في كل سنة عائلته المتكونة من زوجته و أبنائه الثلاثة الذين أتيحت لهم فرصة اكتشاف هذه الجوهرة الفريدة من نوعها حيث يتقاسمون معه منذ 8 سنوات فرحة التواجد بشاطئهم المفضل. و يتعين القول بأنه لا يمكن لزوار شاطئ القالة القديمة أن يتجاهلوا جماله بالنظرلتباين الألوان بين زرقة البحر و خضرة المناظر الطبيعية المحيطة أو مشاعر الهدوء التي تطوف بالمكان و التي تثير الإعجاب و تدعو إلى الراحة و الاسترخاء من خلال الإصغاء للآثار التي تبوح ببعض بقايا تاريخ "تولوزة " العتيقة. و لا يعد أمرا نادرا رؤية بعض المصطافين يختارون الأماكن الطبيعية من أجل التنزه بعيدا عن أشعة الشمس و القيام بقيلولة صغيرة قبل العودة مجددا إلى الشاطئ. و افتتح اليوم السبت موسم الاصطياف رسميا بولاية الطارف حيث يوجد15 شاطئا مسموحا للسباحة في ظل توقع "توافد كبير" للمصطافين الذين لا يتناقص سوى خلال أيام شهر رمضان الذي يفسح خلاله المجال لهواة "السباحة عند منتصف الليل".